احتفل الجزائريون بعيد الفطر المبارك هذه السنة في ظرف استثنائي ومميز لم يعيشوه من قبل، بسبب الوضعية الصحية العامة في البلاد على غرار ما هو موجود في كل دول العالم، الناجمة عن تفشي وباء كورونا كوفيد 19.
ففي ظرف خاص أحيا المواطنون عيد الفطر المبارك هذا العام، بعد صيام شهر رمضان في ظرف استثنائي ومميز كذلك،  وهذا بفعل الإجراءات  والتدابير الوقائية التي فرضتها السلطات العليا في البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا القاتل بين المواطنين.
وقد أضافت الحكومة إجراءات استثنائية أخرى مكملة للإجراءات الوقائية الأولية، وهذا خلال يومي العيد، لتفادي حدوث التجمعات واللقاءات الكبيرة بين المواطنين، التي عادة ما تتسم بها هذه المناسبة الدينية التي يحرص الشعب الجزائري على إحيائها وفقا لتقاليده الموروثة.
 وعلى هذا النحو فقد منعت الحكومة بشكل كامل أي حركة للسيارات والدراجات النارية طيلة يومي العيد، و مددت من فترة الحجر الصحي المفروض عبر كامل ولايات القطر ليصبح من الواحدة زولا إلى السابعة صباحا خلال يومي العيد أيضا.
 كما منعت زيارات المقابر، وإقامة صلاة العيد في المساجد- التي كانت مغلقة أصلا منذ مارس الماضي عند بداية تفشي وباء كورونا في بلادنا- لكن على الرغم من ذلك فقد سمعت تهاليل العيد وتكبيراته من المساجد في غياب المصلين، وأعطت السلطات مهلة بين السابعة صباحا والواحدة ظهرا لجميع المواطنين في كل الولايات من أجل التحرك على الأقدام فقط لقضاء حوائجهم واقتناء ضروريات العيش.
كل هذه الإجراءات والتدابير خلقت وضعا خاصا واستثنائيا خلال عيد الفطر لهذه السنة، وضع لم يعشه الجزائريون ربما في تاريخهم، فقد منعت زيارات الأهل والأقارب التي كانت أكبر ما يميز هذه المناسبة الدينية، وغابت مظاهر خروج الأطفال إلى الشوارع والتنزه في الساحات العمومية وزيارة الحدائق وفضاءات الترفيه وغيرها وهم يرتدون الألبسة الجديدة كما جرت العادة.
 بل وغابت عن عيد الفطر هذه المرة مظاهر التغافر و المعايدة واكتفى كل واحد بتحية الآخر عن بعد تجنبا للاحتكاك وتطبيقا لتدبير التباعد الاجتماعي، وارتدى الجميع الكمامات التي فرضت وصارت إجبارية منذ اليوم الأول للعيد بمرسوم تنفيذي.
 وبدل الزيارات والجلوس على موائد الحلويات، اكتفت الأغلبية من المواطنين بتحية الأهل وتقديم تهاني العيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها وعبر الهاتف، هذه الأخيرة التي شكلت بديلا عن الزيارات واللقاءات بين الأهل والأحباب وأنقذت ما يمكن إنقاذه من طقوس العيد هذه السنة و أدت الغرض،على الرغم من تسجيل بعض الزيارات على قلتها خاصة بين الأهل الذين يقطنون أحياء قريب بعضها من بعض.
قساوة الوضع الحالي وظروف الحجر الصحي فرضت على بعض فئات المجتمع قضاء العيد بعيدا عن الأهل والعائلة لدواع احترازية بحتة حفظا على صحة وسلامة أفراد الأسر والعائلات،  ومن هؤلاء أفراد الطواقم الطبية الذين لم يزر بعضهم عائلاته منذ أسابيع بسبب انخراطهم في مواجهة الوباء ومعالجة المرضى، و خوفا على ذويهم  وتفاديا لانتقال العدوى، ومنهم من قضى العيد بعيدا عنهم لذات الأسباب، و نفس الشيء بالنسبة لفئات أخرى مثل أفراد مصالح الأمن، والجيش والحماية المدنية، والمكلفين بضمان المداومة يومي العيد من فئات مهنية أخرى.
إذن على صعيد التواصل الاجتماعي كان عيد الفطر فريدا، فكان الاتصال الاجتماعي واللقاءات محدودة إلى حد كبير للأسباب سالفة الذكر، لكن وعلى الرغم من هذا الجو فإن ذلك لم يقض نهائيا على نكهة العيد كما ألفها الجزائريون، إذ بادر وأصرّ الكثير من المواطنين على العمل على تجاوز هذا الجو وخلق نوع من البهجة للتذكير بأن الجميع يعيش يوم عيد.
كان الجزائريون يصلون ويكثرون الدعاء طيلة رمضان كي يقضوا عيد الفطر وهم  على أفضل حال، بعدما قضوا شهر رمضان في البيوت دون سهرات ودون صلاة التراويح لأول مرة في حياتهم، لكنهم رغم ذلك أبدوا تجاوبا وتفهما ووعيا كبيرا بدرجة الخطر الذي يتهدد الجميع جراء الوباء، وكانت استجابتهم لإجراءات الحجر الصحي، وبخاصة يومي العيد، ايجابية إلى حد كبير رغم وجود بعض الشباب الذين خرجوا عن القاعدة و لم يلتزموا وكسروا الحجر المفروض في الأحياء و داخل أماكن مغلقة، إلا أن الأغلبية من المواطنين كانت على درجة وعي كبيرة في هذا الشأن.
سيبقى عيد الفطر لسنة 2020 عالقا في أذهان كل من عاش هذه الفترات الصعبة التي تمر بها بلادنا، والأمل أن تستعيد طبيعتها قريبا وأن يعوض ذلك في عيد الأضحى بعد شهرين من الآن.
إلياس - ب

الرجوع إلى الأعلى