ألقى أمس الكاتب والإعلامي مراد بوكرزازة، مدير إذاعة قسنطينة الجهوية، مداخلة حول مجازر  12و13 ماي 1956 بالمدينة القديمة، حيث نفذتها فرقة خاصة تابعة لجهاز الموساد الصهيوني وأدت إلى اغتيال أكثر من 250 جزائريا من المدنيين العزل، في حين أوضح الكاتب أن الحادثة مضمنة في كتاب جديد حول قسنطينة، سيصدر الجزء الأول منه شهر سبتمبر القادم.
وذكر نفس المصدر أن الحادثة انطلقت من زقاق سيدي لخضر المفضي للجامع الأخضر يوم 12 ماي بعد انفجار قنبلة تقليدية الصنع، ما أدى إلى اصابة «ستة أشخاص بجروح عادية جراء انفجار القنبلة من بينهم تاجرا الذهب اليهوديان الإخوة بوخبزة ويهود آخرون»، لكون غالبية يهودية تقطن بالحي فضلا عن وجود حانة كانت تسمى «مايزا» ويقصدها اليهود.
وحملت السلطات الاستعمارية مسؤولية الحادثة لجيش التحرير الوطني بحسب الإعلامي مراد بوكرزازة، رغم أنه كان بريئا منها، كما سبقت القنبلة عملية اغتيال محافظ الشرطة برحبة الصوف سان مارسيلي الذي كان يتظاهر بالتعاطف مع الجزائريين، لكنه يتجسس لصالح الفرنسيين، بحسب نفس المصدر. وعاد بوكرزازة في السلم الكرونولوجي إلى عدة حوادث سابقة لما وقع بتاريخ 12 و13 ماي، على غرار بداية شهر أفريل من عام 1956 التي عرفت قيام يهودي بجلب كمية كبيرة من الذخيرة والمسدسات الآلية إلى قسنطينة، كما أوضح أن فرقة كوموندوس صهيونية قد توغلت في عدة أحياء من المدينة القديمة مثل رحبة الصوف والجزارين وسوق العصر، ومنهم من سعوا إلى تدنيس جامع الكتانية يوم 12 ماي المصادف لعيد الفطر حينها.
وأسفرت الاعتداءات الصهيونية إلى وفاة ثلاثين جزائري في اليوم الأول، لتقوم السلطات الاستعمارية بعملية تمويهية لتوحي أنها متحكمة في الوضع مثلما قال مدير الإذاعة، إلا أن الصهاينة واصلوا في اليوم الموالي المجزرة حيث انتشر أعضاء من الكوموندوس التابع للموساد في عدة مناطق مثل مدخل جسر سيدي راشد ومدخل نهج 19 جوان والجزارين ورحبة الصوف وشارع «راديي» المفضي إلى حي ربعين شريف، وأطلقوا وابلا من الرصاص على الجزائريين المدنيين العزل وحاولوا إيهام الناس أن فعلهم «رد على القنبلة التي وضعها جيش التحرير بحي سيدي لخضر»، فضلا عن أن ابن الضابط سان مارسيلي شارك في المجزرة انتقاما لاغتيال والده.
ودعم الكاتب مداخلته بعدة مصادر، من بينها شهادة الطبيبين الأخوين غوزلاند، اللذين ذكرا في تقرير أن المستشفى استقبل حوالي 250 قتيلا وعددا معتبرا من الجرحى، حتى «صار التكفل بهم في المستشفى أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا»، مثلما نقل الكاتب، كما أضاف أن أرشيف المستشفى الجامعي أورد آنذاك العدد الحقيقي للشهداء، إلى جانب أرشيف المقبرة المركزية الذي يضم قائمة بأسمائهم، بحسب المسؤول عن المقبرة حينها، عباس بسطانجي، مثلما أشار المتدخل، الذي أضاف أن بعض القادمين من ولايات أخرى كانوا من بين الضحايا، فضلا عن وجود نساء وأطفال بينهم.
 وذكر نفس المصدر أن الموساد كان يملك فرعا مسلحا بقسنطينة يسمى «ميزوجيرات»، كما اعتبر أن شهادة آن ماري شوليه هي التي كشفت الأمر، حيث كانت تعمل بالمخابرات الفرنسية وكانت زوجة طبيب فرنسي معروف حينها وتعاطفت مع الثورة الجزائرية، فيما أكدت أن ما وقع يوم 12 و13 ماي 1956 كان من تدبير كوموندو «إسرائيلي» يسمى إبراهيم بارزيلي ونفذ هذه العمليات انتقاما لأحداث رحبة الصوف التي وقعت في شهر أوت من عام 1934 بين المسلمين واليهود، بعد تدنيس اليهودي إلياهو خليفي جدار الجامع الأخضر، مثلما قال الكاتب.
وختم الكاتب مداخلته بالإشارة إلى أن الدراسات اليهودية تتحدث عن ستة قتلى، بينما لا تتجرأ الدراسات الفرنسية عن وصفها بالجريمة ضد الإنسانية وتتحدث عن واحد وستين قتيلا. وأضاف نفس المصدر أن الدكتورة زهية فرجيوي شاهدة عيان وشاهدت مقتل العشرات من الجزائريين، فيما صرح لنا على هامش المداخلة، أن بحثه حول المجزرة يأتي ضمن كتاب حول قسنطينة من خمسة أجزاء، بحيث سيصدر الجزء الأول منه شهر سبتمبر القادم، موضحا أن شهادة السيدة آن ماري شوليه نقلها أعضاء من جيش التحرير الوطني كشفت لهم من وقف خلف المجزرة، مضيفا أن الدكتورة زهية فرجيوي، كانت عائدة إلى بيتها حينها وشاهدت القتلى في المقاهي وأعضاء الفرقة الخاصة يرتدون بدلات سوداء.
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى