يؤكد خبراء في مجال القانون الدستوري، و ناشطون في الحركة الجمعوية، أن مشروع التعديل الدستوري المطروح للاستفتاء، قد كرس بشكل أكبر الحقوق والحريات المتعلقة بإنشاء الجمعيات والجرائد والنشريات والقنوات، عندما جعل ممارستها بمجرد التصريح فقط، نازعا بذلك هيمنة الهيئات الإدارية المخولة وتعسفها في بعض الأحيان في منح التراخيص من جهة، و حل الجمعيات وتوقيف صدور النشريات والجرائد من جهة أخرى، لأن ذلك لن يكون في المستقبل إلا عبر قرار قضائي.
 ويقول الأستاذ الجامعي والخبير في القانون الدستوري رشيد لوراري أن الدستور الجديد المقدم يضمن تكريس مجموعة من الحقوق الأساسية والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور السابق من الناحية النظرية، إلا أنه عمليا ومن خلال مجموعة النصوص التنظيمية المنظمة لذلك قد قيدها من خلال وضع شروط وإجراءات إدارية معقدة تجعل الإدارة من خلالها في مركز قانوني  يخولها سلطة تقديرية واسعة للسماح بممارسة هذه الحقوق والحريات.
 ويضيف الأستاذ لوراري في تصريح "للنصر"  أمس، أنه من ضمن  هذه الحقوق نجد حق إنشاء الجمعيات والنشريات والقنوات الإذاعية، والجديد في مشروع التعديل الدستوري المطروح اليوم بالنسبة لممارسة هذه الحقوق أن المؤسس الدستوري انتقل في المشروع الجديد من "نظام الترخيص المسبق إلى نظام التصريح".
 ويواصل محدثنا بأن المقصود بنظام التصريح هو أن الأشخاص الذين يرغبون في ممارسة هذه الحقوق والحريات بإمكانهم ذلك بمجرد التصريح لدى الجهات الإدارية المعنية، تصريح يعبر فيه أصحاب المشروع عن رغبتهم  في ممارسة هذه الحريات والحقوق.
وبمجرد هذا التصريح يصبح الأشخاص المعنيون  "متمتعين بكافة الحقوق القانونية" في هذا المجال، بل أكثر من ذلك فإن مشروع الدستور الحالي قد وضع جملة من الشروط والقيود على الهيئات الإدارية المعنية فيما يتعلق بحل هذه الجمعيات وتوقيف نشاطها، وكذا توقيف  صدور الجرائد والنشريات.
 فإذا كانت الإدارة- يقول رشيد لوراري- في السابق تتمتع بسلطة واسعة مما أدى بها في  العديد من الأحيان إلى التعسف  في استعمال هذا الحق، فإنه في ظل المشروع الجديد لا يمكن حل الجمعيات أو توقيف صدور الجرائد والنشريات  أو غلق القنوات إلا بموجب " قرار قضائي معلل صادر عن الجهة القضائية المختصة"، وهذا يشكل "قيدا" على الإدارة من جهة لمنع تعسفها، ومن جهة أخرى يشكل "ضمانا" أساسيا لتكريس ممارسة هذه الحقوق، وهو لا محالة من وجهة نظري يشكل" تطورا نوعيا"  في مجال تكريس وممارسة بعض الحقوق والحريات الأساسية مستقبلا.
وبالتالي- يخلص ذات المتحدث- فإن ذلك يعتبر أرضية في إطار إقامة ما يسمى الجمهورية الجديدة التي وعد بها رئيس الجمهورية أثناء جملته الانتخابية، والتي ما فتئ يؤكد عليها على اعتبار أن الدستور هو القانون الاسمى في أي بلد.
 من جانبه قال القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، عبد الرحمان حمزاوي، أن مسألة إنشاء جمعيات  عن طريق التصريح كان "مطلبا من مطالب الجمعيات وهو يعتبر خطوة مهمة في مجال تكريس الحريات"، وأضاف أن إدراجها في مشروع الدستور الجديد يعتبر آلية من آليات "تسهيل وتخفيف" إجراءات إنشاء الجمعيات، والذي سيساهم في تعزيز دور الجمعيات والحركة الجمعوية عموما في المرحلة القادمة.
 و أوضح القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية في تصريح "للنصر" أمس أن الكثير من العراقيل الإدارية كانت تعيق إنشاء الجمعيات، إذ نجد العشرات من الملفات قد أودعت لدى الجهات المعنية محليا ووطنيا لكنها للأسف لم تحصل على الاعتماد.
واليوم فإن اعتماد هذه الآلية سيجعل المجال مفتوحا لكل من يرغب في إنشاء جمعية وتقديم إضافة لنشاط  ودور المجتمع المدني وللوطن بصورة عامة
ولتفادي وقوع فوضى في هذا المجال يقول القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية أنه مع اعتماد التصريح فقط لإنشاء الجمعيات فإن ذلك لا يمنع من وضع آلية للقيام بعملية التحقيق ومتابعة الأشخاص المؤسسين للجمعيات من قبل الإدارة التي تتوفر على كل الإمكانيات، وهذا لا يتنافى مع العمل الذي تقوم به هذه الإدارة، ولا مع عمل مصالح الأمن.
 ومن هذا المنطلق يرى محدثنا أن العامل الأساسي لتقييم عمل الجمعيات  سيصبح مدى الدور الذي تقوم به ومدى نشاطها في الميدان، وعلى هذا الأساس سيتم تدعيمها ومرافقتها في المستقبل.
 وخلص السيد عبد الرحمان حمزاوي إلى القول بأن إدراج مجرد التصريح لإنشاء الجمعيات في مشروع الدستور المقدم يعتبر "نقلة نوعية تحسب لهذا المشروع" الذي سيكرس مطلبا مهما من مطالب الحركة الجمعوية خاصة في المرحلة السابقة.
إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى