تحمل سكان ولاية البليدة ثقل أول  بؤرة  لكورونا سجلت بالجزائر وما تبعها من خوف وتوجس  وإجراءات غلق جعلتهم يعيشون مرحلة عصيبة تطلب استيعابها والتعايش معها الكثير من الصبر، وهي تجربة رغم قساوتها أبانت عن حالة من التضامن بين الجزائريين،  لتكون الولاية قبلة لقوافل انسانية كسرت العزلة التي فرضها كوفيد على السكان.   
 لن ينسى البليديون  سنة  2020  لأنها وضعتهم في اختبار عسير  في مواجهة فيروس  اختار الولاية كمحطة أولى له في الجزائر،  لتشكل البليدة  البؤرة الأولى للوباء وما صاحب ذلك من رعب ،  أين سجلت أول إصابة  يوم  24 فيفري الماضي،  و  أول حالة وفاة  بالجزائر كانت بنفس الولاية بتاريخ 17 مارس الماضي، ليتجاوز  عدد الإصابات بها حاليا 7500  ويحصد الفيروس  300 شخص بالولاية التي تصدرت الترتيب الوطني للإصابات  لأشهر عديدة .
البؤرة تشكلت عند تسجيل إصابة  سيدة وابنتها من مدينة البليدة انتقل إليهما الفيروس من قريبهما المغترب الذي قدم من فرنسا رفقة ابنته ومكث بالبليدة مدة 15 يوما، أين  حضر وليمة عرس في العائلة، لكن المغترب لم يكن يعلم أنه يحمل الفيروس إلا بعد عودته لفرنسا، واتصل بعائلته ليخبرهم بالأمر فكانت الصدمة كبيرة، ليكون هذا المغترب سببا في انتقال عدوى الفيروس إلى الجزائر، ورغم إجراءات العزل التي قامت بها المصالح الطبية لكل أفراد عائلة المغترب وجميع الأشخاص الذين حضروا العرس، لكن الوباء كان أسرع وانتشر بشكل رهيب.
تعامل البليديون كباقي الجزائريين بنوع من السخرية مع  بدايات   ظهور الفيروس ببلادنا ، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن  و  بتزايد   الإصابات وتسجيل وفيات، تغيرت النظرة اتجاه هذا الوباء الخفي الذي زرع الرعب وألزم الجزائريين بيوتهم لعدة أسابيع ، وتحولت المدن إلى أشباح في وضح النهار.
ومع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا اضطرت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية تخص ولاية البليدة، حيث فرض عليها الحجر الصحي لعدة أسابيع، ومنعت حركة الدخول والخروج والتنقلات بين البلديات و الأحياء ، وانتشرت حواجز الدرك والشرطة في كل مكان، كما أغلقت كل المحلات والشركات ومحطات التزود بالوقود، ولم تبق سوى محلات المواد الغذائية التي تزود المواطنين بالضروريات.
 هذه الظروف التي عاشتها البليدة خلال  2020 أعادت إلى أذهان سكان الولاية  أجواء  العشرية السوداء  الموحشة المرعبة ، بحيث كانت المشاهد متشابهة في كان حين العدو مختلفا  وغير ظاهر،  يمكن أن يتسلل إلى البيوت  وينتقل بأبسط حركة أو تقارب  ، ولا يمكن مواجهته إلا من خلال بعض الإجراءات الوقائية كغسل اليدين بانتظام، والتباعد الجسدي، واستعمال القناع.
ومع زيادة انتشار الوباء اضطرت السلطات العليا للبلاد إلى فرض إجراءات صارمة، حيث قللت من حركة المواطنين بفرض حجر منزلي على سكان الولاية من الساعة الثانية زوالا إلى السابعة صباحا، حيث ألزم  سكان الولاية طيلة شهر رمضان بعدم الخروج من منازلهم بعد الثانية زوالا ، كما انتشرت أخبار الموت يوميا بالولاية والقاتل وباء كورونا، حيث فقدت بعض العائلات 05  من أفرادها بهذا الفيروس، وشاركت مواقع التواصل الاجتماعي في زرع الخوف بالإشاعة التهويل، حيث نشرت بعض الفيديوهات التي كانت تتحدث عن تسجيل عشرات الوفيات يوميا بمستشفيات الولاية،  أغلبها كانت فيديوهات مفبركة و  لا تمت بصلة للحقيقة .
من جهة أخرى خلفت مظاهر الغلق وفرض الحجر الكلي على الولاية تعاطفا كبيرا    مع سكانها ، ورسمت صورة جميلة لتضامن الجزائريين فيما بينهم في أوقات الأزمات و المحن، من خلال قوافل المساعدات الغذائية والطبية التي كانت  تصلها من جميع أنحاء الوطن، كما لعبت الجمعيات الخيرية دورا كبيرا في هذا المجال، حيث رافقت السلطات المحلية في توزيع المساعدات المختلفة التي كانت تصل الولاية من كل جهات الوطن.
لكن مع مرور الأيام والأسابيع لم يبق هذا الوباء منحصرا في  البليدة بل انتشر عبر كافة ولايات الوطن، وأصبح حال البليدة لا يختلف عن حال باقي الولايات، كما امتد الحجر المنزلي ليشمل أغلب ولايات الوطن مع ارتفاع حالات الإصابة.               نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى