عرفت نهاية الأسبوع نشاطا مكثفا للأحزاب السياسة إيذانا بانطلاق فعلي وعملي للسباق نحو الانتخابات التشريعية المقررة في 12 جوان القادم و دخول مرحلة النزول إلى القواعد والميدان والشروع في تحضير الهياكل والمناضلين للاستحقاق المقبل.
وعلى هذا النحو عقدت حركة البناء الوطني أمس دورة لمجلس الشورى الوطني، أما حركة الإصلاح الوطني فقد عقدت هي الأخرى أمس أيضا دورة عادية لمكتبها الوطني، وعقد التحالف الوطني الجمهوري ندوة وطنية لإطاراته، كما نظم تجمع أمل الجزائر ندوة خاصة بالإطارات النسوية للحزب بالعاصمة، و أحيا حزب جيل جديد أمس هو الآخر الذكرى العاشرة لتأسيسه، وعقد رئيس حزب التجديد الجزائري لقاء مع مناضلي حزبه بولاية الأغواط، أما الحزب العتيد فسيعقد اليوم بعد الزوال اجتماعا لمكتبه السياسي.
 وبالطبع كانت كل هذه اللقاءات مناسبة وفرصة لقيادات ومسؤولي هذه الأحزاب لتناول الشأن السياسي الوطني بإسهاب وبخاصة منه الانتخابات التشريعية المقررة في 12 جوان المقبل والتي أعلن عنها رئيس الجمهورية يوم الخميس الماضي و أهميتها لانتخاب مؤسسات جديدة ودخول عهد جديد، و تناول الحديث أيضا مدى استعداد كل حزب للانتخابات، وإعطاء التعليمات للهياكل وطنيا ومحليا.
وبقطع النظر عن درجة استعداد كل حزب لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي القادم فإن الأهم يكمن في أن كل هذه الأحزاب أبدت استعدادها للمشاركة في  الانتخابات التشريعية بقوة، ورحبت قبل ذلك بقرار رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني، وبإصدار القانون العضوي المتضمن نظام الانتخابات.
وقبل هذا كانت هذه الأحزاب وأخرى قد شاركت في لقاءات الحوار التي باشرها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منذ مدة والتي خصصت لتدارس الوضع العام في البلاد و الآفاق المستقبلية على ضوء الظروف الاقتصادية والمالية والصحية الصعبة التي تمر بها كل دول العالم.
 وقد رحبت الطبقة السياسية بمسار الإصلاح السياسي الذي أعلن عنه الرئيس تبون وشرع في تجسيده عمليا منذ توليه رئاسة الجمهورية قبل أكثر من عام، و عبرت التشكيلات السياسية عن موقفها من هذا المسار ودعمها لبناء جزائر جديدة تستجيب لتطلعات الحراك الشعبي كما يسعى إلى ذلك عبد المجيد تبون.
ولحد الآن فإن الطبقة السياسية قد تجاوبت بايجابية مع مشروع تعديل الدستور ومع مشروع تعديل قانون الانتخابات، واليوم وبعد أن دخلت هاتان الوثيقتان حالة السريان تستعد الأحزاب لتجسيد مضمونها في الميدان من خلال المشاركة السياسية.
 ومن المتوقع ارتفاع منسوب نشاط التشكيلات السياسية في قادم الأيام مع  انطلاق السباق نحو قبة البرلمان بصفة رسمية بعد استدعاء الهيئة الانتخابية، وقد يكون عامل الوقت ليس في صالح بعض الأحزاب على اعتبار أن عليها القيام بمجهود كبير لجمع التوقيعات المطلوبة لدخول غمار الانتخابات، كما ينص على ذلك القانون الجديد المتعلق بنظام الانتخابات.
 ومن هذا المنطلق فإن العديد من الأحزاب السياسية قد استنفرت قواعدها حتى قبل استدعاء الهيئة الناخبة الخميس الماضي كون المواعيد والآجال صارت معلومة للجميع بعد قرار حل المجلس الشعبي الوطني من قبل رئيس الجمهورية يوم 18 فبراير المنصرم.
ولا تبدو معركة الأحزاب السياسية مع الاستحقاق النيابي المقبل سهلة كما جرت العادة في السنوات الماضية كون العديد من المعطيات السياسية والمجتمعية والقانونية قد تغيرت، فمع التوجه الجديد نحو أعطاء فرصة عادلة لمختلف شرائح المجتمع للمشاركة في الحياة السياسية كما عبر عن ذلك قانون الانتخابات، فإن الكثير من التشكيلات السياسية لن  يكون من السهل عليها إقناع المواطن بتبني برنامجها والتصويت على مرشحيها فردا فردا وليس على قائمتها.
 و حتى عملية إعداد قوائم المترشحين لن تكون سهلة في حد ذاتها إذ أن القانون يشترط المناصفة بين الرجال والنساء في القائمة، و منح الشباب نسبة 50 من المائة في ذات القائمة، ومنح الثلث للحاصلين على الشهادات الجامعية، وهي أمور تدفع الأحزاب السياسية نحو بذل المزيد من الجهد لإخراج قوائم صافية لمرشحيها.
وعلى العموم يمكن القول أن الطبقة السياسية التي دخلت في شبه عطلة بعد انطلاق الحراك الشعبي يوم 22 فبراير من العام 2019، وأيضا بسبب الوضع العام الذي أفرزه هذا الحراك فإنها اليوم تعود لملامسة الواقع من جديد والوقوف على معدل الشعبية والمصداقية التي لا تزال لديها في أوساط المواطنين، وهو اختبار لا يبدو سهلا في ظل الأوضاع الجديدة.
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى