تتجه الساحة السياسية بناء على المعطيات التي كشفت عنها النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية نحو عقد تحالفات سياسية مستقبلا سواء على مستوى الحكومة المنتظرة أو على مستوى المجلس الشعبي الوطني، بين الكتل النيابية التي حصدت أكبر نسبة من المقاعد.
بعد الكشف عن النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية من قبل السلطة الوطنية المستقلة لانتخابات وفي انتظار الرأي النهائي للمجلس الدستوري، تتجه الأنظار في قادم الأيام نحو الشكل الذي سيتبلور حوله المشهد السياسي الوطني على ضوء هذه النتائج.
و يكون ذلك أولا على مستوى الحكومة، إذ ينتظر الرأي العام و الطبقة السياسية شكل الحكومة القادمة التي ستلي الانتخابات التشريعية، وكما هو معلوم فإن هذا الاقتراع لم يسفر عن أغلبية برلمانية مطلقة لحزب بإمكانه تشكيل حكومة وتسمية رئيس لها.
 وفي هذه الحال فإن الدستور ينص في مادته 103 على ما يلي" يقود الحكومة وزير أول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية .. يقود الحكومة رئيس حكومة في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية.. تتكون الحكومة من وزير أول أو رئيس حكومة -حسب الحالة- ومن الوزراء الذين يشكلونها".
 وبناء على نص هذه المادة وعلى ما أفرزته الانتخابات التشريعية الأخيرة فإن الأمر يتجه نحو تعيين وزير أول لقيادة الحكومة القادمة التي ينتظرها الجميع، بما أنه لا توجد أغلبية برلمانية، وفي هذه الحال تنص المادة 105  من الدستور على " إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية يعين رئيس الجمهورية وزيرا أول ويكلفه باقتراح تشكيل الحكومة و إعداد مخطط عمل لتطبيق البرنامج الرئاسي الذي يعرضه على مجلس الوزراء".
 ومن هذا المنطلق أكد رؤساء أحزاب سياسية أمس خلال الندوات الصحفية التي نشطوها أن رئيس الجمهورية وبالنظر لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة حر في اختيار وزير أول يكلفه بتشكيل الحكومة القادمة.
وفي ذات الوقت أبدى مسؤولو بعض الأحزاب الفائزة في الانتخابات استعدادهم لعقد تحالفات سياسية  مستقبلا و الانضمام إلى الحكومة القادمة، وقد عبر البعض منهم عن ذلك حتى قبل إجراء الانتخابات على غرار رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة.
على مستوى المجلس الشعبي الوطني فإن الحاجة إلى تحالفات سياسية يعد أكثر من ضروري من أجل تنسيق المواقف لتسهيل تمرير مشاريع القوانين التي ستتقدم بها  الحكومة في المستقبل، فوجود أغلبية أو كتلة متجانسة ضروري لتسهيل عمل البرلمان وتمرير القوانين.
وهنا أيضا فإن الكتل الفائزة ستجد نفسها مجبرة على عقد تحالفات خاصة تلك التي سبق لها وأن أعلنت عن مساندتها لبرنامج رئيس الجمهورية، فتلك هي الطريقة الوحيدة لترجمة هذه المساندة إلى أمر واقع في الميدان عندما يتعلق الأمر بالتشريع.
ويبدو أن ملامح شكل التحالف الرئاسي المقبل، أو التحالف الذي سيلتف حول برنامج رئيس الجمهورية، قد بدأت تتضح الآن بالرجوع للنتائج التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية،  و بالنظر أيضا للتصريحات الصادرة عن مسؤولي الأحزاب الفائزة في هذه الانتخابات.
 فهو سيتشكل في أغلب الظن من الأحزاب الفائزة بعدد كبير من المقاعد، وقد ينضم إليهم الأحرار إذا رغبوا في ذلك بحكم  أنهم يمثلون القوة الثانية  من حيث التمثيل في المجلس الشعبي الوطني الجديد، أما حركة مجتمع السلم التي تمثل القوة الثالثة في المجلس الجديد فإن موقفها لم يتضح بعد من هذه المسألة،  مع العلم أن رئيس الجمهورية حر في تشكيل الحكومة ما دام أن الانتخابات لم تسفر عن أغلبية برلمانية.
 ومن أجل ضمان صيرورة وسهولة العمل البرلماني في المستقبل وضمان الانسجام بينه وبين الحكومة فإنه لا مناص من عقد مثل هذه التحالفات السياسية .
ويفرض منطق التحالف نفسه على جميع الأحزاب الفائزة لأنها لن تستطيع منفردة التأثير على مجريات العمل التشريعي أو الرقابي على مستوى البرلمان، ولن يكون صوتها مؤثرا إلا ضمن تحالفات من هذا النوع.
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى