قدّر البروفيسور عبد الكريم شلغوم رئيس نادي المخاطر الكبرى حجم الخسائر الناجمة عن الحرائق التي مست 18 ولاية، بأزيد من 40 ألف هكتار من المساحات الغابية، مؤكدا بأن استرجاعها سيستغرق عشر سنوات كاملة، من خلال إطلاق عمليات تشجير مكثفة لتجديد الغطاء النباتي.
أوضح البروفيسور شلغوم عبد الكريم «للنصر» بأن الحرائق التي شهدتها 18 ولاية في الأيام الأخيرة، تسببت في اتلاف 40 ألف هكتار من المساحات الغابية والحقول التابعة لقاطني الغابات والمناطق الجبلية، واصفا الوضع بالكارثة الحقيقة التي تتطلب تضافر الجهود، إلى جانب مساهمة المواطنين لإعادة الحياة إلى طبيعتها الأولى بالمناطق التي مستها موجة الحرائق.
وتوقع الخبير في مجال الكوارث الكبرى أن تؤثر موجة الحرائق على معيشة المواطنين الذين كانوا يقتاتون من الغابة، من خلال ممارسة بعض الأنشطة الفلاحية، على غرار زراعة الأشجار المثمرة وتربية الحيوانات، وبحسبه فإن تفعيل الصندوق الخاص بالتأمين ضد الكوارث الطبيعية، سيخفف الأضرار عنهم وسيمكنهم من استئناف أنشطتهم من جديد، في إطار إعادة إحياء المناطق التي مستها الكارثة.
وأضاف البروفيسور شلغوم عبد الكريم بخصوص تأثير الحرائق على إنتاج بعض المحاصيل الخاصة بالمناطق الجبلية، قائلا إن الجزائر لديها ما يكفي من المساحات الصالحة للزراعة لتعويض النقص عن طريق توسيع الأنشطة الزراعية إلى فضاءات أخرى لم تمسسها النيران، موضحا بأن تربع البلاد على مساحة تفوق 2.5 مليون كلم مربع، يمنحها فرصا عديدة لتنويع الإنتاج الفلاحي وتدعيمه لتغطية احتياجات المواطنين، ومواجهة أي عجز ناتج عن الظروف الطارئة.
وأضاف المتدخل بأن كارثة الحرائق كانت متوقعة قبل 20 سنة، على غرار الفيضانات والزلازل وانزلاقات التربة، مفسرا موجة الحرائق التي شهدتها الجزائر مؤخرا، وبلدان أخرى في البحر الأبيض المتوسط، بتوفر مجموعة من العوامل الطبيعية، منها جفاف الأغطية النباتية بهذه المناطق، وموجات الحر التي أضحت تعرفها في السنوات الأخيرة، فضلا عن تدخل اليد البشرية، جراء عدم التقيد بالإجراءات الوقائية.
وتساهم سرعة الرياح الحارة والجافة في توسيع رقعة النيران إلى مسافة 70 كلم في الدقيقة، وتجعل التحكم في انتشار ألسنة اللهيب أمرا مستعصيا، لا سيما في حال صعوبة التضاريس، مما يتطلب وفق المتحدث ضرورة تدعيم مصالح الحماية المدنية بأجهزة ثقيلة لإخماد النيران، وإشراك المواطنين في حماية الغابات عبر التحلي بثقافة الكوارث، التي تساعد على تقليص هذه المخاطر بنسبة 80 بالمائة.
وذكر رئيس نادي المخاطر الكبرى بالندوات العديدة التي تم تنظيمها من قبل المختصين من أجل التوعية بالتدابير الوقائية ضد الكوارث الطبيعية التي تهدد حياة الإنسان، على اعتبار أن المواطن يتحمل جانبا من المسؤولية في تجنب الخسائر المترتبة عنها.
كما اقترح البروفيسور شلغوم إقحام المحور المتعلق بثقافة الكوارث الطبيعية ضمن المقررات الدراسية للأطوار التعليمية الثلاثة، وكذا المستوى الجامعي، لتربية النشء على حماية الطبيعة والحفاظ على الثروة الغابية، والمشاركة في مواجهة الأحداث الطارئة، على غرار ما عاشته مؤخرا 18 ولاية من الوطن.
وتعتبر التهيئة العمرانية من العوامل المساعدة على مواجهة كارثة الحرائق، عبر تخصيص مسالك بالغابات لمرور شاحنات الإطفاء، وإنشاء نقاط للمياه وحفر آبار، أو استحداث أحواض للمياه تخصص لإخماد النيران في حال نشوب حرائق، من أجل تسهيل المهمة على أعوان الحماية المدنية، وتسريع عملية التحكم في الحرائق.
ويضيف المصدر بأن جرد قيمة الخسائر الحقيقية المترتبة عن الكارثة لا يمكن أن يتم إلا بعد أن تنطفئ النيران كليا، بما يسمح للجهات المختصة من الاطلاع عن قرب على ما خلفته النيران الكثيفة من إتلاف للأغطية النباتية، وإضرار بالثروة الحيوانية وبالممتلكات العقارية لقاطني الغابات والمناطق الجبلية.  
 لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى