اعتبر الدبلوماسي ووزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي، أن النداء الذي وجهه المغرب في الأمم المتحدة في جويلية الماضي بهدف إثارة الفتنة في الجزائر، كان بمثابة نقطة القطيعة، كما أكد أن الجزائر أظهرت ضبط النفس والمسؤولية في التعامل مع الملف، وأنه كان ممكنا تفادي قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بالتفاتة من الملك ورده على طلب التوضيح الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، بشأن “الانحراف الخطير” لدبلوماسي مغربي في الأمم المتحدة، كما أكد أن الجزائر بقيت الدولة الأكثر انخراطا في الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وتحدث الدبلوماسي ووزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي في حوار لوكالة الأنباء الجزائرية، أول أمس الخميس، عن قراءته لقطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب، والأسباب المتعلقة بذلك، حيث أوضح أن قطع العلاقات الدبلوماسية أمر غير شائع في العلاقات بين الدول لكنه يكشف عن «أزمة خطيرة غالبا ما فشلت الوسائل الدبلوماسية التقليدية في حلها بسبب غياب مناخ من الثقة، أو عدم تشغيل قنوات الاتصال بين الدولتين»، وتابع رحابي «أعتقد أن النداء الذي وجهه المغرب في الأمم المتحدة في جويلية الماضي بهدف إثارة الفتنة في الجزائر، كان بمثابة نقطة القطيعة»، وتابع أنه كان بالإمكان تخفيف التوتر«بالتفاتة من ملك المغرب والتي جاءت مثيرة للاستغراب، في شكل طلب إعادة فتح للحدود، وقد اعتبر هذا قلة اعتبار وموقفا يتخذ شكل تأييد للدعوة إلى الفتنة في الجزائر».
وعن تعاطي الجزائر مع الاستفزازات المغربية قال رحابي «ما زلت أعتقد أن الجزائر قد أظهرت ضبط النفس والمسؤولية من خلال المراهنة بشكل إيجابي على رد فعل ملكي يرقى إلى مستوى خطورة التدخل المغربي المباشر ضد وحدة شعبها».
وفي تعليقه عن تداعيات القرار الذي اتخذته الجزائر على المنطقة المغاربية جيوستراتيجيا واقتصاديا أوضح وزير الاتصال الأسبق أنه «تم تصميم مشروع الاندماج المغاربي بدوافع خفية كثيرة، إنها تستند أولا وقبل كل شيء إلى خطاب يحمله المشروع ذاته باعتباره تعبيرا عن إرادة الشعوب بروح إعلان طنجة لعام 1958، بينما المجتمع المغاربي بعيد كل البعد عن أن يكون فاعلاً حاسماً في مسار دام أقل من 5 سنوات» مضيفا «كان المغاربة والتونسيون أكثر انفتاحا على الغرب من الجزائريين وكانوا يفكرون بالفعل في اندماجهم مع أوروبا من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عامي 1994 و1995 في خضم الأزمة السياسية والأمنية التي شهدتها الجزائر، وبذلك انتهك مبدأ التضامن الذي هو الأساس المعياري لأي مشروع تكامل».
وتابع «أصبحت شمال إفريقيا والساحل رهانات في الجغرافيا السياسية للقوى العظمى والمتوسطة ومسرحا للصراع من أجل النفوذ الإقليمي الذي أدى حتما بالمغاربيين إلى الانضمام إلى تحالفات أو مواقف مختلفة وأحيانا معادية. بقيت الجزائر الدولة الأكثر انخراطا في الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة بسبب مساحتها الترابية الكبيرة، وتبقى الحدود خطوطا للسيادة يجب الدفاع عنها بشكل حذر ودائم لأنها تنتمي إلى منطقة في إعادة تشكيل دائم، وتواجه أشكالا جديدة من التهديدات الناجمة عن الحروب غير النظامية».
كما أكد رحابي أن علاقات الجزائر مع المغرب، التي ليس لدينا معها مشاكل حدودية، يجب ألا تصرف الانتباه عن الأجندة الإقليمية الطموحة بأبعادها الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية.
وأما عن توقعاته مستقبلا أكد أن الأمر يتعلق بحدود العمل الدبلوماسي في مقابل أن الإرادة المتعمدة للمغرب عملت لإلحاق الأذى وتجسيده بما يتجاوز مرحلة الظرف «أعتقد أن البيان الافتتاحي الذي أدلى به الوزير رمطان لعمامرة في عرضه لأسس قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، ينبئ بحدود العمل الدبلوماسي البحت في العلاقات الدولية، لأنه أكد على الإرادة المتعمدة للمغرب لإلحاق الأذى وتجسيده بما يتجاوز مرحلة الظرف» مضيفا «هناك مواقف دائمة تنبع من العداء الدائم وهو نادر جدا في العلاقات الدولية وخاصة بين الدول المجاورة».
وختم رحابي حديثه «هل كان بإمكان المغرب القيام ذلك بدون الدعم غير المشروط والخيّر من حلفائه؟ يطرح هذا السؤال ويطرح السؤال المتعلق بفرصة إعادة النظر بهدوء مع مراعاة مصالحنا في جميع علاقاتنا مع هذه الدول».                     
ق و

الرجوع إلى الأعلى