أكد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين والمستثمرين، الحاج الطاهر بولنوار أن موسم الاصطياف الحالي يعتبر الأفضل من نوعه على مر السنوات الماضية من حيث استقرار الأسعار وتوفر الخدمات، وغياب المظاهر التي كانت تنغص على المصطافين والسياح بفضل النشاط الحثيث لمصالح الأمن وفرق المراقبة الاقتصادية وقمع الغش.

* حاوره: عبد الحكيم أسابع

ودعا بولنوار في حوار خص به النصر، إلى تشجيع الاستثمار المحلي في مجال الهياكل الفندقية ومرافق الإيواء من أجل سد العجز الكبير الذي تعانيه الكثير من الولايات التي تحولت إلى أقطاب سياحية جديدة بفعل الترويج الذي حظيت به من طرف صانعي المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي.  
*   النصر: اشتكى الكثير من المصطافين من ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية في الولايات الساحلية خلال موسم الاصطياف الجاري رغم الوفرة التي تطبع السوق، مما زاد في الأعباء الأخرى المرتبطة بالخدمات وكل متطلبات الإقامة فإلى متى يستمر هذا الوضع؟
بولنوار:  أعتقد أن الزيادات التي شهدتها أسعار بعض المواد الواسعة الاستهلاك خلال موسم الاصطياف على مستوى المناطق الساحلية مقارنة بالمناطق الداخلية لم تكن كبيرة عكس ما كنا نخشاه، وإن كانت بعض الزيادات محسوسة لدى الذين يمارسون نشاطات تجارية موسمية، فلم يكن لها أي أثر على مستوى الإنفاق العام للعائلات المصطافة، مقارنة بارتفاع أسعار الكراء التي قفزت إلى مستويات قياسية في عديد المناطق التي شهدت تدفقا كبيرا للسياح.
وأستطيع القول إن الأسعار خلال موسم الاصطياف الحالي كانت الأكثر استقرارا مقارنة مع المواسم الماضية، ولا يجب أن يخفى على أحد بالمناسبة، أن ارتفاع الأسعار عادة ما يكون السمة المميزة على مستوى المناطق السياحية ليس في الجزائر فحسب ولكن في مناطق مختلفة من الوطن العربي والعالم.
ولعل الشيء الإيجابي الذي وقفنا عليه ويكون وراء استقرار الأسعار في أغلب المدن الساحلية يعود إلى مصالح الرقابة الاقتصادية وقمع الغش التي كثفت من عمليات المراقبة على مستوى المحلات التجارية والمطاعم وحتى المقاهي التي لاحظنا أيضا التزام معظمها بشروط النظافة وعرض المواد سريعة التلف امتثالا لتعليمات المصالح المتخصصة.
كما أن من إيجابيات هذا الموسم أن عودة نشاط قاعات الحفلات رافقه مبادرة أصحاب هذه المرافق بتخفيض أسعار الكراء بشكل معتبر.


* النصر: إلى أي مدى انعكس التدفق الكبير للمصطافين على الشواطئ والمنتزهات ومختلف المرافق ذات الصلة على رواج المنتوج الحرفي المحلي وخاصة الصناعة التقليدية؟
بولنوار: المعروف أن الصناعة التقليدية مرافق محوري للسياحة باعتبارها أحد المسارات السياحية التي تبرز ماضي أي منطقة وعمقها التاريخي، لذلك كنا وما زلنا ندعو إلى إيلاء المزيد من الاهتمام بهذا الموروث، باعتباره يساهم بشكل فعال في استحداث مناصب شغل في أوساط العائلات.
وهنا بودي أن أنوه بالمبادرة التي قامت بها غرف الصناعة التقليدية على مستوى مختلف الولايات الساحلية وحتى في مناطق داخلية، بإقامة العديد من المعارض للمنتجات الحرفية التقليدية، كالحلي والمجوهرات التقليدية والفخار والنقش على الخشب والزجاج والرسم، وغيرها، ما كشف عن قدرات إبداعية كبيرة للحرفيين، الذين لم يتردد الكثيرون من جهتهم بإقامة معارض فردية وجماعية.
وقد شهدت تلك الفضاءات وما زالت تشهد إقبالا كبيرا من طرف المصطافين والسياح وعموم الزوار الذين كان إقبالهم قياسيا على الولايات الساحلية.
* النصر: الإقبال الكبير للسياح والمصطافين على المناطق الساحلية تسبب في عجز كبير في الإيواء، حيث امتلأت كل الفنادق والنزل الموجودة عن آخرها كما امتلأت البيوت التي تم تجنيدها في إطار صيغة "الإقامة لدى الساكن" وقد بدا هذا العجز واضحا من خلال اضطرار الكثير من العائلات المبيت على الشواطئ أو في الشارع بسبب نسبة امتلاء كل تلك المرافق فما هي ملاحظاتكم واقتراحاتكم في هذا الشأن؟
بولنوار: لا شك أن تجربة «الإيواء لدى الساكن»، التي كانت سائدة منذ عدة عشريات قبل أن يتم تقنينها بمنشور وزاري مشترك رقم 1 المؤرخ في 16 جوان 2012، في إطار استراتيجية للسلطات العمومية، ترمي إلى استدراك العجز الكبير المسجل في طاقة الإيواء والتي تسمح بتجهيز مالكي البيوت في المناطق السياحية شققهم السكنية وتأجيرها وفق شروط محددة، كان لها الأثر البالغ في تشجيع السياحة الشعبية كونها تفسح المجال للمواطنين المقبلين على قضاء العطل لاختيار الصيغة التي تتلاءم مع توجهاتهم و قدراتهم المادية.
كما أن هذه الصيغة تمكن من استكشاف التراث الثقافي لمختلف مناطق البلاد ، خصوصاً تلك التي تعاني عجزا في المنشآت الفندقية أو التي تعاني غيابا تاما لها، وهذه التجربة تواكب النمط العالمي الخاص بالإقامات السياحية المطبقة في دول عدة.
وكما لاحظ الجميع فبالرغم من رواج هذه الصيغة فإن العودة القوية للمصطافين والسياح إلى الاصطياف في المناطق الساحلية بعد سنتين من الحجر الصحي بسبب الجائحة، خلق أزمة غير مسبوقة في مرافق الإيواء.
والمطلوب اليوم وبشكل ملح أن تسارع السلطات المحلية في كل الولايات الساحلية التي تعاني نقصا كبيرا في مرافق الإيواء إلى الإسراع في ترجمة المشاريع الاستثمارية في مجال الهياكل الفندقية وحتى البناءات الجاهزة والمخيمات الموسمية على مستوى مناطق التوسع السياحي.
* النصر: إلى أي مدى استطاع صناع المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي من الترويج للمواقع السياحية في الجزائر وخلق أقطاب سياحية جديدة في البلاد؟
بولنوار: فعلا لقد تمكن نشاط صُنَّاع المحتوى المعروفين، ومنهم جزائريون وعرب، من خلال الكثير من الحسابات والصفحات المتخصصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من الترويج للكنوز والمؤهلات السياحية في العديد من الولايات، ما أدى إلى تضاعف تدفق الوافدين للاصطياف بشكل غير مسبوق عليها، ولنا مثال على ذلك بولايتي جيجل و مستغانم التي نالتا حصتهما من الترويج على الفضاء الأزرق.
كما ساهم أيضا في الترويج الإلكتروني للكثير من الوجهات السياحية في البلاد، أصحاب مرافق سياحية ومطاعم وفنادق وحتى أصحاب بيوت و إقامات من السكان المحليين من خلال فتح حسابات للترويج على الفيسبوك والتويتر والانستغرام، لإبراز أهم الخدمات التي يقدمونها في صور.
* النصر: من خلال جولاتكم التي تابعناها على صفحتكم عبر بعض المناطق الساحلية ما هي النقائص التي سجلتموها في مجال الترويج السياحي ؟
بولنوار: اعتبارا من أن النشاط السياحي ينتمي إلى قطاع الخدمات، فإنه يرتكز أساسا على مرافق الاستقبال السياحي و على العنصر البشري المؤهل، قصد تلبية الطلبات المتزايدة للسياح أثناء العطل و فترات الراحة، لذلك أرى أنه لابد من أن يخضع أصحاب الوكالات السياحية للتكوين باعتبار أنهم معنيون أكثر من غيرهم للترويج للوجهة السياحية الجزائرية بطرق عصرية من خلال استغلال ما تتيحه وسائل التواصل الحديثة وشبكاتها، لأن دورهم لا يتوقف فقط على تنظيم رحلات الحج والعمرة أو تنظيم رحلات منظمة إلى الخارج وإلى بعض المناطق في الداخل.
ولا يختلف اثنان في أن تطور قطاع السياحة في بلدان الجوار خدمته مهنية الوكالات السياحية.
* النصر: هل تعتقد أن الوجهة الجزائرية قادرة على المنافسة في مجال استقطاب السياح الأجانب، حال توفر الكادر المؤهل المشرف على النشاط السياحي؟
بولنوار: للجزائر كل المؤهلات التي تجعلها في مقدمة الوجهات السياحية في العالم، سواء في مجال السياحة الشاطئية أو الصحراوية أو التاريخية أو الدينية ويكفي فقط توفير الكادر المؤهل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال.
ولعل المستوى العالي من الخدمات السياحية الذي قدم لضيوف الجزائر خلال ألعاب البحر المتوسط الأخيرة التي احتضنتها مدينة وهران والتكفل الجيد بالمسارات السياحية المنظمة بالمناسبة لأصدق مثال على ذلك.
* النصر: وما هي السلبيات التي ما تزال تقض مضاجع المصطافين في المناطق الساحلية؟
بولنوار: أعتقد أن الانتشار الموفق لمصالح الأمن على الشواطئ وفي محيطها قد مكن من القضاء على الكثير من المظاهر السلبية التي كانت سائدة في سنوات سابقة، فقد مكنت الدوريات المكثفة لمصالح الشرطة والدرك من القضاء على مافيا ‹› الباراصول ‹› ومافيا الباركينغ غير المرخصة والحيلولة دون وقوع الاعتداءات على المصطافين الذين يقصدون الشواطئ المحروسة وعلى كل ما ينغص عليهم، وبدون مبالغة فإن شواطئنا أصبحت عالية التأمين وهذا في اعتقادي ما ساهم في نجاح موسم الاصطياف الحالي وتراجع نسبة الذين يفضلون السياحة الخارجية.                  ع.أ

الرجوع إلى الأعلى