كشف والي الطارف حرفوش بن عرعار، أمس، عن الحصيلة النهائية لضحايا الحرائق التي مست الولاية الأربعاء الماضي، حيث أعلن عن وفاة 36 شخصا وإتلاف 633 هكتارمن الغابات، مشيرا إلى أنه سيتم التكفل بكل المتضررين، و أعلن مباشرة اللجان التقنية عملية إحصاء الخسائر على أن يشرع قريبا في إعادة تشجير المساحات الغابية المحروقة.
نشوب 27 حريقا عبر 13 بلدية في يوم واحد
و أكد الوالي أنه منذ الفاتح جوان و إلى غاية 16 أوت سجل نشوب 25 حريقا عبر 19 بلدية أتى على 389 هكتار  منها 39 هكتار غابات ، في حين تم توزيع  كل الإمكانيات على البلديات 19 بلدية التي مستها الحرائق.
و يضيف الوالي أنه في يوم 17 أوت شهدت الولاية نشوب 27 حريقا في نفس الوقت ابتداء من الساعة العاشرة صباحا ما أدى إلى حالة طوارئ  من جراء المواقد المشتعلة التي مست 29 تجمع سكني و 13 بلدية، وفور اندلاع النيران تم اتخاذ جملة من الإجراءات الميدانية بداية من حي القرقور، أين تم غلق الطريق الوطني رقم 44 بين الطارف وبوثلجة حماية للأرواح ، كما توزعت اللجنة الأمنية للولاية، متمثلة في الوالي و قائد القطاع العسكري و قائد مجموعة الدرك الوطني و رئيس أمن الولاية لمتابعة الوضعية وسير عملية السيطرة على بؤر النيران المشتعلة وإنقاذ الأشخاص والممتلكات خاصة إجلاء السكان المتواجدين بالأماكن القريبة والمحاذية للنيران، و أكد الوالي أنه أعطى تعليمات عند تواجده بقرية القرقور بالإسراع بإحضار الآليات لفتح أحزمة وقائية لمنع وصول النيران إلى السكان، مشيرا أن سلطات الولاية تنقلت و تابعت عن كثب الوضع، و أنه كانت هناك اتصالات لطلب تدخل المروحيات بدءا من العاشرة والنصف صباحا.
و أشار المتحدث أنه بعد علمه بوصول النيران إلى قرية خيار سارع رفقة كل مدير الحماية المدنية ورئيس أمن الولاية بالتنقل لعين المكان حيث “كنا داخل لهيب  خرجنا منه بصعوبة كبيرة وفي ظروف صعبة” ، وعند الواحدة والنصف زوالا أكد الوالي تلقيه معلومات عن امتداد النيران نحو بلدية القالة والمناطق المجاورة لها، في الوقت الذي تم فيه حوالي منتصف النهار والربع إطلاق مخطط الطوارئ مع طلب الدعم الجوي لمجابهة الحرائق.
ويؤكد المسؤول أنه لما وصلت الحرائق إلى بلدية القالة تقرر في إجراء وقائي غلق الطريق الوطني رقم 84 بين القالة وبالريحان، ومع تلقي المعلومات بخصوص تدهور الوضعية بفعل اتساع رقعة النيران سارع قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالتنقل لعين المكان، والذي أخطره بأن الوضعية صعبة وأن هناك جثة امرأة عثر عليها متوفية في الطريق بمنطقة المالحة، زيادة على  احتراق حافلة وتفحم 7 أشخاص بداخلها بعد أن حاصرتهم النيران ليقوم على الفور بالتنقل رفقة رئيس أمن الولاية لقرية المالحة أين وقف على تدخل أعوان الحماية المدنية وهم يقومون بنقل وجمع الجثث المتفحمة لتحويلها للمستشفى، بعدها تم التنقل للغابات القريبة من حديقة الحيوانات التي عثر بها على 6جثث متفحمة بعد فرار الضحايا داخل الغابات هروبا من النيران.
وفي الفترة المسائية  يوم الأربعاء الأسود، يضيف الوالي، تم التنقل لمستشفى القالة لمعاينة المصابين الذين “كانت جل حالاتهم غير حرجة وهذا بعد الاطمئنان على بعض الجرحى بمستشفى الطارف منهم أعوان من الحماية المدنية و مواطنين وأفراد من الجيش، حيث كانت كل الحالات بسيطة تخص اختناقات ناجمة عن الدخان الكثيف للنيران  جروح بسيطة”.
رياح قوية منعت الدعم الجوي و حولت الحرائق إلى إعصار ناري
وتطرق الوالي إلى الظروف العصيبة التي عاشتها الولاية بين الثالثة والرابعة مساءا من مساء يوم الأربعاء 17أوت ، والتي وصفها “بالخارقة” بسبب قوة الرياح التي فاقت سرعتها 91كلم في الساعة  و الزوابع  الرملية مع ارتفاع كبير في درجة الحرارة و ضعف الرؤية وسرعة انتشار النيران وهو ما صعب من مهمة عملية إخماد الحرائق، يضيف المتحدث، الذي أكد أنه في ظرف 20دقيقة كانت الرياح من جنوبية غربية وبالضبط عند الثالثة و29دقيقة زوالا لتتحول عند الساعة الثالثة و49دقيقة إلى شمالية جنوبية، كما كانت درجة الحرارة في الظل 42 وخارج الظل 48درجة وكلها عوامل كانت وراء وقوع الكارثة.
وأشار الوالي أن الولاية عاشت ما يشبه إعصارا ناريا خلف خسائر في الأرواح والممتلكات وتسبب في إتلاف الغطاء الجمالي  للمنطقة ، مستطردا أنه مهما كانت الوسائل والإمكانيات فإنه لا يمكن مواجهة تلك الوضعية في تلك الظروف القاهرة  التي حالت دون تدخل الدعم الجوي.
ضحايا توفوا بعد فرارهم من الحديقة إلى الغابات
و اضاف أنه منذ الوهلة الأولى من إطلاق مخطط الطوارئ للولاية كان الهم الوحيد هو كيفية المحافظة على الساكنة بالمواقع المتضررة، كما تم إسداء تعليمات لمدير حديقة الحيوانات بإخراج الزوار لكن بقي بعض الأفراد الذين فروا بعد خروجهم من الحديقة صوب الغابات المجاورة حيث توفي عدد منهم بداخلها حرقا.
والملاحظ حسب الوالي عدم تسجيل أي حالة وفاة وسط ساكنة المشاتي والمناطق الغابية التي لم تصلها النيران ، وأن الأشخاص الذين سقطوا ضحايا  في هذه الحرائق توفوا في الطريق  وفي الغابات التي هربوا إليها.
إمكانيات بشرية و مادية كبيرة سخرت و امدادت وصلت  تباعا من الولايات
من جهة أخرى أكد المتحدث عن تجنيد 729عونا بين الحماية المدنية والغابات  لمكافحة الحرائق ، 79شاحنة إطفاء بمختلف الأحجام ، 25سيارة إسعاف ، 6آليات لفتح المسالك 56شاحنة صهريح بما فيها تدخل مروحيات الجيش والحماية المدنية، وأمام استحالة تدخل المروحات بسبب الظروف المناخية الصعبة والرياح تم التدخل لدى الجهات المركزية من أجل طلب الدعم أين وصلت في تلك الليلة  5سيارات إطفاء و 14عون تابعين لإدارة الغابات لولايات باتنة  و عنابة وأم البواقي ، إضافة إلى  18سيارة تدخل ،80عون من الحماية المدنية لولايات عنابة ،تبسة وقالمة ، كما تواصل وصول الدعم من الولايات لإحكام السيطرة على الوضع والقضاء على كل بؤر الحرائق ، مع إعطاء الأولوية في عمليات التدخل لإجلاء السكان وحماية العائلات من المناطق الخطيرة المعرضة لخطر وصول  النيران لها، على غرار مناطق وادي الحوت بلدية رمل السوق ، فيض العلاقة ، المالحة ، سوق الرقيبات بالقالة ، السماتي ، القرقور  و عين أخيار و المطروحة بالطارف.
وأضاف الوالي أن كل الإمكانيات والوسائل كانت مجندة مند الوهلة لنشوب سلسلة الحرائق التي تسبب في هذه المأساة والكارثة  بما فيها التكفل بإجلاء العائلات من المناطق المشتعلة بالحرائق بكل من بلديات حمام بني صالح ، القالة والطارف وفتح مؤسسات تربوية أمام العائلات بقرية عين أخيار ، منوها في سياق متصل بالهبة الشعبية خاصة من فئة الشباب في دعم جهود فرق التدخل لإخماد والسيطرة على النيران كل حسب إمكانياته ووسائله الخاصة،  زيادة على التكفل بتوزيع المياه والوجبات على الأعوان ، وسجل المسؤول رفض بعض السكان بقرية وادي الحوت إخلاء منازلهم بعد وصول النيران لمواقعهم ليتم إقناعهم بضرورة مغادرة المكان حفاظا على حياتهم، مع اتخاذ كل الإجراءات الوقائية.
الضحايا ينحدرون من عدة ولايات
وأعلن الوالي في حصيلة نهائية عن هلاك 36 شخصا في الحرائق التي شهدتها الولاية يوم 17 أوت ، منهم 28شخصا لقوا حتفهم في يوم نشوب النيران وأغلبهم  وجدت جثثهم متفحمة ،  فيما تم تسجيل بين الفترة الممتدة بين 17 أوت وإلى غاية أمس وفاة 8مصابين آخرين كانوا في المستشفى،  ويتوزع ضحايا الحرائق بين 14ضحية من ولاية الطارف ، 6من ولاية سوق أهراس ، 5 من ولاية قالمة ،ضحية واحدة من ولاية عنابة وجثتين لم يتم التعرف بعد عن هويتهما بسبب تفحمها،  في حين أن الأشخاص الثمانية الذين توفوا في المستشفيات نتيجة النيران 5 منهم توفوا بمستشفى ولاية عنابة والثلاثة الآخرون بمستشفيي القالة والطارف ، منهم اثنان من بلدية القالة  ، اثنان من قالمة ، 2من أم البواقي ، وواحد من سطيف  و آخر من  سوق اهراس.
وبالنسبة للجرحى، أكد الوالي، تسجيل 173 مصابا منهم 161 شخصا غادروا المستشفى بعد تلقيهم الإسعافات الأولية، فيما يوجد حاليا 12 مصابا تحت العنابة الطبية، منهم مصابين اثنين بمستشفى القالة و 6  مصابين بمستشفى الطارف و 3 بمستشفى بوحجار ومصاب واحد بمستشفى البسباس، في حين أن الأشخاص الذين غادروا المستشفيات فينحدرون من 10 ولايات، حيث أن جل المصابين في الحرائق مصطافون من خارج الولاية فر بعضهم لحظة نشوب النيران للإحتماء بالغابات التي حاصرتهم الحرائق بداخلها.
5670 هكتارا تحولت إلى رماد
من جانب آخر أشار الوالي بأنه تم إعادة التيار الكهربائي عبر مختلف المناطق والتجمعات السكنية التي مستها الحرائق، بعد أن تم تجنيد كل الفرق لإصلاح الخسائر بعد أن تسببت النيران في إتلاف الشبكات، مشيرا إلى أن الغطاء النباتي والغابي الذي كان يميز جمال ولاية الطارف و يمثل مفخرة لها تعرض لأضرار كبيرة، حيث بلغت المساحة المتلفة 6300 هكتار، منها 5670 هكتار تحولت إلى رماد في يوم واحد.
و كشف المسؤول أنه تقرر تخصيص برنامج خاص لإعادة تشجير كل المساحات المحروقة في إطار البرنامج الوطني الذي أعلن عنه الوزير الأول، مؤكدا من جهة أخرى تسجيل بعض الخسائر في قطاع الفلاحة منها هلاك مواشي و إتلاف البساتين و صناديق خلايا النحل وشبكات السقي و الكهرباء الفلاحية.
لجان إحصاء الخسائر تنهي عملها اليوم
و كشف الوالي عن مباشرة  اللجان المختصة عملها في الميدان لإحصاء وجرد كل الخسائر التي ستتكفل الدولة بتعويضها في أٌقرب وقت، حسب تأكيد ذات المتحدث، و ذلك بعد أن تم تنصيب اللجنة الولائية لإحصاء وتقييم الخسائر وتنصيب 5 أفواج عملياتية يوم السبت الفارط تضم مختلف القطاعات والهيئات المحلية  تحت إشراف إطارات من وزارة الداخلية ومفتشي بعض الولايات المجاورة ، وقد انطلقت هذه اللجان في في عملها وتمكنت لحد أمس من الانتهاء من إحصاء 12 بلدية من مجموع 20 بلدية على أن تنهي لجان الإحصاء عملها اليوم الثلاثاء حسب التعليمات التي أسديت لها طبقا لتوجيهات الوزير الأول الإسراع في تعويض المتضررين، على أن يتم المصادقة  على الخسائر من قبل اللجنة الولائية وإيداع الملف على  مستوى اللجنة الوطنية للتعجيل في التعويض. وأعلن الوالي عن القضاء على كل الحرائق على مستوى الولاية عدا حريقين بسيطين لبقايا الجمر تجري عملية إخمادها بصفة متواصلة، في حين قامت الطائرة الروسية بـ 27 عملية لإطفاء 4 مواقد نيران نهائيا.
استلام 220 طنا من المساعدات التضامنية من 16 ولاية
كشف الوالي عن استلام لحد أمس 222 طنا من المساعدات تحوي مواد غدائية ، أفرشة ، أغطية أدوية ، 478 طنا من المياه المعدنية، حوالي ألف وحدة من الملابس، ساهمت فيها 16 ولاية ومختلف المؤسسات العمومية والخاصة، على غرار شركة سونطراك، مشيرا عن تلقيه اتصالات كثيرة من مختلف الولايات من أجل إرسال قوافل الإغاثة الإنسانية تضامنا مع المتضررين من الحرائق، ما دفع به إلى مطالبته الولايات بعدم إرسال مساعداتها بسبب عدم القدرة على تخزين الكم الهائل من الهبات التضامنية التي شرع في توزيعها منذ الوهلة الأولى على مستحقيها من العائلات المتضررة وبعض المعوزين ، أين بلغت الكمية الموزعة من المساعدات 168 طنا باتجاه 13 بلدية، كما تم تنصيب اللجنة الولائية لاستقبال الهبات والإشراف على توجيهها ، مع تعليمات بالنزاهة في إيصال هذه الإعانات للعائلات المعنية، منوها بتجند المواطنين و المتطوعين والهبة التضامنية الشعبية الوطنية في تقديم الدعم وكل المساعدات للعائلات المنكوبة.
نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى