قدّم وزير الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات، عبد المالك بوضياف، أمس السبت، صورة  قاتمة عن واقع المنظومة الصحية في الجزائر، حيث أكد بأن القطاع يغرق في العديد من المشاكل و الإختلالات ما شكل حالة من السخط وعدم الرضى في أوساط السلطات العمومية والمواطنين ومهنيي الصحة على حد سواء، لكنه ذكر بأنه ماض في خطة طريق تهدف إلى إصلاح القطاع و تحقيق نقلة نوعية على المدى القصير لن تتجاوز ستة أشهر في حال تكاثف جميع الجهود، محملا مدراء الصحة و المستشفيات جانبا من تدهور المنظومة الصحية في الجزائر.
شخّص عبد المالك بوضياف خلال لقاء جهوي جمعه بإطارات قطاع الصحة أمس بقسنطينة، المشاكل والإختلالات التي تعاني منها المنظومة الصحية في الجزائر، حيث ذكر بأن سوء التسيير  للمؤسسات الصحية وافتقاد مصالح الإستعجالات لأدنى الوسائل والتجهيزات الضرورية والتدخل المفرط  للجهات الوصية في تسيير المستشفيات وابتعادها عن المهام المنوطة بها، بالإضافة إلى عدم نجاعة القوانين وملائمة القوانين الأساسية التي لم تكن مطبقة في الأساس وحالة الغليان والاحتجاجات الروتينية للشركاء الإجتماعيين، نظرا لغياب الحوار في معالجة الملفات العالقة، كلها عوامل أدت حسبه، إلى تشكل حالة من عدم الرضى في أوساط المواطنين وموظفي القطاع أثرت على أداء وفعالية المنظومة الصحية.
ولفت عضو الحكومة، إلى أنه تفاجأ لدى تعيينه على رأس الوزارة بغياب تام لشبكة فعالة تتكفل بمرضى القلب  والشرايين، رغم أنها تمثل 60 بالمائة من أسباب الوفيات بالجزائر، متحدثا عن تسجيل عجز فظيع في مجال الإنعاش الطبي وتوقف شبه كلي لعمليات زرع الأعضاء والأنسجة، مشيرا إلى أن التكفل الطبي في مجال العلاج المتخصص بمناطق الجنوب والهضاب العليا يكاد يكون منعدما، كما أن أغلبية الأجهزة الطبية عبر جميع مناطق الوطن مهترئة وقديمة إن وجدت  مثلما قال.
وتطرق بوضياف، إلى ملف القطاع الخاص، حيث ذكر بأن الدولة تشجع إنشاء مستشفيات خاصة، لافتا إلى عدم وجود أي رقابة للعيادات الخاصة نظرا لوجود عجز كبير في النصوص والقوانين التنظيمية، حيث شدد في مداخلته على ضرورة دمجها في المنظومة الصحية وتقنين وتنظيم نشاطها، من خلال إعداد دفاتر شروط تحت إشراف الجهات الوصية حتى تكون مكملة للقطاع العمومي على حسب تعبيره.
وأكد الوزير بأنه ماض في خطة إصلاح وإعادة الإعتبار للمنظومة الصحية على المدى القصير، والتي من الممكن أن تتحقق في مدة لن تزيد عن الستة أشهر، في حال تكاثف الجهود وتطبيق التعليمات والقوانين بحذافيرها، مؤكدا بأن بوادر الإصلاحات بدأت تلوح في الأفق وعلى جميع الأصعدة والمجالات، حيث ذكر بأن الحصيلة الأولية لسنة 2015 أظهرت بأن مجال الإنعاش الطبي قد تطور بشكل ملحوظ، بعد وصول عدد الأسرة الحديثة والمجهزة إلى 893 بعد أن كان عددها لا يتجاوز 200 سرير والرقم مرشح للإرتفاع إلى أزيد من 1200 سرير، مشيرا إلى إعداد برنامج تكويني للأطباء العامين في مجال التكفل الإستعجالي بمرضى القلب على حد قوله.
وفيما يتعلق بمدى تطبيق المخطط الوطني لمكافحة  مرض السرطان، أشار وزير الصحة إلى فتح العديد من الوحدات عبر كامل ولايات البلاد و دخول مراكز مكافحة السرطان لكل من سطيف و باتنة  و عنابة حيز الخدمة في انتظار تفعيل المسرعين النوويين الجديدين بالمركز الإستشفائي الجامعي لقسنطينة، مؤكدا بأن جميع العراقيل الإدارية غير  التي كانت تعيق تقدم بعض المشاريع  قد تمت إزالتها ما من شأنه  أن يساعد على استلام مراكز مكافحة السرطان لكل من تيزي وزو و تلمسان و سيدي بلعباس خلال أفاق سنة 2016.
وعاد الوزير إلى التأكيد على عدم وجود أي ندرة في الأدوية، حيث  أوضح الوزير بأن نظام التحكم في الاحتياجات و تسيير المخزونات المعمول به منذ مطلع السنة الجارية قد أثبت فعاليته، مضيفا في سياق آخر،  بأن الوزارة تسعى إلى تكثيف التكوين في تخصصات شبه الطبي حيث سيتم تكوين أزيد 59 ألف عون شبه طبي مع آفاق  2019.
ولدى عرض مدراء الصحة والمؤسسات الإستشفائية لحصيلة النشاط ومدى تطبيق تعليمات الوزارة الوصية، بدا بوضياف وكأنه في جلسة محاكمة حيث حمّل المسؤولين جانبا من مسؤولية تدهور المنظومة الصحية، وقال بأن القطاع بحاجة إلى "كفاءات تحقق قفزة نوعية وليس لأناس لا يعملون أي شيء"، مضيفا بأن مصالحه وفرت كافة الوسائل المادية والبشرية، كما أعطتهم كامل الصلاحيات لمراقبة أداء الإطارات لاسيما الأطباء ومدى التزامهم العملي بالمؤسسات الصحية، مشددا على ضرورة تطبيق القوانين ضد المخالفين و تبني ما أسماها بالأفكار الإصلاحية  وعدم مسك العصى من الوسط، واصفا السلوكات الصادرة من العديد من الأطباء بغير الأخلاقية واللاإنسانية والمنافية لقانون المهنة.
واستغرب الوزير عدم صرف الإعتمادات المالية التي تخصصها الوزارة لفائدة المستشفيات ، حيث أكد بأن أزيد من 76 مليار تم إرجاعها إلى الخزينة  في الوقت الذي تغرق فيه بالديون غير المبررة، كما نتج عن هذا الوضع العديد من المتابعات القضائية في حق المستشفيات والتي وصل عددها بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة لوحده إلى 46 قضية بسبب عدم تلقي الممونين لمستحقاتهم المالية.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى