قررت الحكومة فرض تدابير رقابية صارمة على تمويل الجمعيات، في سياق الإجراءات التقشفية التي اعتمدتها لضبط ميزانية 2016، حيث قررت الحكومة وقف تمويل كل الجمعيات التي لا تقدم حصيلة رقمية مصادق عليها من قبل محافظ الحسابات، تتضمن المصاريف، و وجهة الأموال التي منحتها الدولة، وكيفية صرفها، وذلك تنفيذا للإجراءات التي تضمنها قانون الجمعيات الجديد الصادر في 2012.
أبلغت وزارة المالية، في مراسلة وجهتها مؤخرا، كل الدوائر الوزارية التي تتعامل مع الحركة الجمعوية، بضرورة فرض قيود جديدة في منح التمويلات، وذلك في إطار التدابير التقشفية التي وضعتها الحكومة، لترشيد النفقات، ومن المنتظر أن تدخل الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ بداية من شهر جانفي المقبل، وستشمل أكثر من 100 ألف جمعية وطنية.
وتؤكد التعليمة الصادرة مؤخرا، أن منح الدعم للجمعيات يجب أن يستجيب لمضمون التدابير التي نص عليها القانون رقم 12-06 المؤرخ في 12 جانفي 2012 المتعلق بالجمعيات، وتشدد التعليمة، بان الدعم لا يمنح للجمعيات إلا بعد تقديم حصيلة النشاط مصادق عليها من قبل محافظ الحسابات تبين بوضوح مصير الأموال التي قدمتها الدولة للجمعية، ومدى التزامها بالمهام الواجب القيام بها، ومطابقة التصاريح مع ما تم صرفه فعليا في المجال الاجتماعي.
وكانت وزيرة التضامن والأسرة مونية مسلم، قد هددت بوقف تمويل الجمعيات التي لا تنشط في الميدان، وتوعدت في تصريح لها على هامش افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، بوقف منح الإعانات لكل الجمعيات التي لا تعتمد برامج خاصة بها تصب في إطار التضامن الوطني حسب أهداف الوزارة، حيث أوضحت أن الحكومة يحق لها أن تعرف أين تذهب أموال الخزينة العمومية التي تمنحها للجمعيات. وأبدت بالمقابل دعمها للجمعيات التي تملك برنامج هادف يصب في خانة ترشيد المال العام وتحترم كل مساعي الوزارة الوصية.
ويشير قانون الجمعيات في المادة 34 منه انه «يمكن لجمعية معنية تعترف لها السلطة العمومية أن نشاطها ذو صالح عام و / أو منفعة عمومية أن تستفيد من إعانات ومساعدات مادية من الدولة أو الولاية أو البلدية وكل مساهمة أخرى سواء كانت مقيدة أو غير مقيدة بشروط وإذا كانت الإعانات والمساعدات والمساهمات الممنوحة مقيدة بشروط ، فان منحها يتوقف على التزام الجمعية المستفيدة بدفتر شروط يحدد برامج النشاط وكيفيات مراقبته طبقا للتشريع المعمول به»
ويؤكد القانون بان منح الإعانات العمومية لكل جمعية يخضع لعقد برنامج يتلاءم مع الأهداف المسطرة من طرف الجمعية ومطابق لقواعد الصالح العام ولا تمنح إعانات الدولة والجماعات المحلية إلا بعد تقديم حالة صرف الإعانات الممنوحة سابقا، ويجب أن تعكس مطابقة المصاريف التي منحت من أجلها ذات الإعانات، وتنص المادة 36 من القانون «تخضع الإعانات والمساعدات العمومية التي تمنحها الدولة والجماعات المحلية لقواعد المراقبة طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما»، ويؤكد التشريع ضرورة حيازة الجمعية على محاسبة مزدوجة معتمدة من قبل محافظ حسابات، ويجب أن تتوفر على حساب وحيد مفتوح لدى البنك أو لدى مؤسسة مالية عمومية
وأشارت إحصائيات رسمية، بان عدد الجمعيات المعتمدة في الجزائر ناهز قبل 3 سنوات 100 ألفا ما بين جمعية وطنية ومحلية، وأحصت وزارة الداخلية والجماعات المحلية 93654 جمعية معتمدة من طرف الدولة ناشطة على المستويين الوطني والمحلي، حسب عملية جرد أعلنت نتائجها في 12 جانفي 2012، من بينها 92627 جمعية محلية و1027 جمعية وطنية، نصف هذه الجمعيات أوقفت نشاطها أو لا تنشط ولا نسمع بها.
وصنفت وزارة الداخلية الجمعيات الوطنية إلى 32 جمعية وطنية لقدماء التلاميذ والطلبة، و7 منظمات حقوقية، على رأسها اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، والرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، في حين أحصت وزارة الداخلية 20 جمعية أجنبية ووطنية معتمدة تنشط في الجزائر، إضافة إلى 9 منظمات ثورية، من منظمات المجاهدين وأبناء الشهداء وقدماء محاربي الشرق الأوسط والمحكوم عليهم بالإعدام ومشعل الشهيد وجمعية ضحايا 5 ماي 1945، وجمعية ضحايا التجارب النووية وغيرها، و23 جمعية وطنية نسوية، و10 جمعيات دينية منها جمعية العلماء المسلمين وجمعية الإرشاد والإصلاح، وجمعية الزوايا، و28 جمعية في مجال التضامن والتطوع والجمعيات الخيرية وعلى رأسها الهلال الأحمر الجزائري وجمعيات كافل اليتيم، وكذا جمعيات الأمراض المزمنة، كمرضى السكري والضغط والسرطان والكلى، وفقدان المناعة...وغيرهم، إضافة إلى الاتحادات والجمعيات المهنية كالخبازين والناقلين وسيارات الأجرة، والمقاولين وأرباب المؤسسات، والمستوردين، والتجار والحرفيين، ومنتجي الحليب، والفلاحين، والموالين ومنتجي التمور وغيرها من الجمعيات المهنية.
أما الجمعيات المحلية المقدر عددها بـ 92627 جمعية محلية، فقد أحصتها وزارة الداخلية بناء على توزعها حسب القطاعات، مسجلة 20137 جمعية أحياء، وهي الجمعيات التي تمثل النسبة الغالبة في ميدان الحركات الجمعوية، حيث أنها تمثل 21,74 بالمائة، تليها الجمعيات الدينية بـ 15304 جمعية دينية، وجمعيات الرياضة والتربية والشباب بـ 15019، إضافة إلى 14891 جمعية لأولياء التلاميذ. والباقي كلها جمعيات مهنية، وجمعيات الفن والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والبيئة وجمعيات المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وجمعيات المستهلكين، والشباب والأطفال، وقدماء التلاميذ والطلبة إضافة إلى جمعيات الصحة والطب والتضامن والجمعيات الخيرية، والنسوية والمتقاعدين والعجزة، وجمعيات السياحة والترفيه، وتتمركز الأغلبية الساحقة من الجمعيات بالجزائر العاصمة والمدن الكبرى
أنيس نواري

الرجوع إلى الأعلى