أكد، اليوم الاثنين، مشاركون في أشغال ملتقى الجزائر الدولي "الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي : الحوكمة واستقرار المجتمعات الإفريقية ووحدتها" أن هذا العلامة الجزائري أسهم بشكل كبير في تشكيل المشهد الثقافي والفكري والإصلاحي في الكثير من البلدان الإفريقية كما يشكل للجميع مرجعية علمية و اجتماعية وثقافية مشتركة أسهمت في تحقيق الاستقرار والطمأنينة في نفوس الحكام والشعوب على حد سواء، كما أبرزوا قيم الحوار والتسامح التي ميزت الخطاب الديني الوسطي لهذا العالم الجزائري.
انطلقت صبيحة اليوم أشغال ملتقى الجزائر الدولي "الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي : الحوكمة واستقرار المجتمعات الإفريقية و وحدتها"، الذي يتم تنظيمه تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وبمشاركة ما لا يقل عن 200 مدعو من حوالي أكثر من 20 دولة، بهدف التعريف بتراث الإمام المغيلي وتسهيل مهمة الوصول إليه والوقوف على جملة من المثل العليا التي طبعت حياة هذا العلامة الجزائري ومعاملاته التي مكنته من ولوج أبواب إفريقيا وكسب قلوب الملايين من ساكنتها وترك حميد الآثار فيها.
مراسم افتتاح أشغال هذا الملتقى التي احتضنها المركز الدولي للمؤتمرات، عبد اللطيف رحال، جرت بحضور رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي ورئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج وأعضاء من الحكومة ومستشارين لرئيس الجمهورية، بالإضافة إلى وسيط الجمهورية مجيد عمور، وعميد جامع الجزائر محمد المأمون القاسمي الحسني ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبو عبد الله غلام الله وشيوخ وعلماء من الجزائر وخارجها وأحفاد الإمام المغيلي وشيوخ زوايا من الجزائر وإفريقيا وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر.
و في رسالة للمشاركين في الملتقى قرأها وزير الشؤون الدينية والأوقاف يوسف بلمهدي، أشاد الرئيس تبون بمآثر العلامة و الإمام المغيلي الذي سجل اسمه في التاريخ كأحد العلماء الأجلاء بما قام به من أدوار بارزة في المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وفي نشر الوعي و الهداية خلال القرن 15 الميلادي في إفريقيا ".
وتم بالمناسبة تكريم رئيس الجمهورية بوسام من طرف أحفاد الإمام المغيلي نظير جهوده الكبيرة في تثمين وحفظ تراث الإمام وكذا تنظيم هذا الملتقى الدولي.
ويركز المشاركون في هذا الملتقى الدولي ، على مدار يومين على دراسة الجوانب الفكرية والسياسية والعلمية للشيخ الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (1425-1504) وهو أحد كبار العلماء الجزائريين في القرن الـ 15 ميلادي والمكانة المرموقة التي كان يحظى بها داخل الوطن وخارجه في تلك الفترة خصوصا ببعض بلدان القارة الإفريقية مثل مالي والنيجر ونيجيريا و بعض مواقفه التاريخية الشجاعة تجاه قضايا مهمة برؤيته الإصلاحية الوسطية.
وفي هذا الصدد تتطرق المداخلات المبرمجة في قاعات ( تلمسان، توات وكانو)، خلال الملتقى العلمي ( أكثر من 90 مداخلة )، والتي سيقدمها أساتذة جامعيون وباحثون مختصون في مجال التراث الإسلامي من الجزائر ومن أكثر من 20 دولة، إلى عدة محاور على غرار "الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي: السيرة و المسيرة" و "البعد الإصلاحي التحرري في الفكر المغيلي وامتداداته الإقليمية والدولية"و"الفكر السياسي لدى الإمام المغيلي: مشروع رائد في بناء الدولة و إرساء لأولى ركائز الحكم الراشد" و "مقاربة المغيلي للوحدة والسلام في إفريقيا رسائل هادفة ونصائح خيرة في خدمة الإنسانية" و '' عرض حال لرسائل الإمام المغيلي '' و '' اهتمام العلماء الغربيين بتراث المغيلي '' و '' تأثير فكر المغيلي في إفريقيا وجنوب الصحراء '' و'' وسطية الإمام المغيلي في التوحيد والسلوك '' و '' قيم الوسطية والاعتدال لدى الإمام المغيلي ومكتسباتها في تحقيق الوحدة عربيا وإفريقيا وعالميا '' والإمام محمد المغيلي ودوره في التعايش السلمي '' و '' الرشادة الاقتصادية وأثرها في إرساء دعائم الحكم الراشد على ضوء رسائل الإمام المغيلي لملوك غرب إفريقيا '' و'' عبقرية الإمام المغيلي في السياسة والدعوة '' والحكم السياسي في فكر الإمام محمد المغيلي '' و '' الحكم الراشد ومكافحة الفساد في الفكر السياسي عند الإمام المغيلي''...
وسيسمح هذا اللقاء الذي تنظمه وزارتا التعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية والأوقاف في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ 60 لعيد الاستقلال بإحياء مسار و دور الشيخ المغيلي في نشر الإسلام في إفريقيا وإبراز قيم الحوار والتسامح التي ميزت الخطاب الديني الوسطي لهذا العالم الجزائري الذي اشتهر بالمناظرات العلمية و بالترحال في بلدان العالم الإسلامي وما وراء الصحراء الإفريقية ناشرا للإسلام.
وحسب وثائق الملتقى فقد حضر ضيوف الملتقى والمتدخلون من نيجيريا، والنيجر، ومالي، وليبيريا وموريتانيا والإمارات العربية المتحدة والسودان وطاجاكستان وإسبانيا ومصر وفلسطين، والأردن وجنوب إفريقيا وغانا وتشاد والسنغال، وبوركينافاسو، وباكستان، والهند والعراق ولبنان وليبيا وليبيريا وتونس  والولايات المتحدة الأمريكية وقطر.
للتذكير فإن الإمام المغيلي الذي ولد بتلمسان أواخر القرن الـ 14 ميلادي قد درس ببجاية ثم بمدينة الجزائر حيث أخذ العلم عن عبد الرحمن الثعالبي الذي كلفه بنشر الطريقة القادرية بجنوب بلدان المغرب العربي، وبعد جولة كبيرة عبر منطقة الساحل وافته المنية في 1504 م بمدينة أدرار و دفن بزاوية كونتة تاركا وراءه أكثر من 24 مؤلفا ورسالة.
وتم التأكيد من خلال مختلف المتدخلين خلال مراسم الافتتاح أن العلامة المغيلي أسهم بشكل كبير في تشكيل المشهد الثقافي والفكري والإصلاحي في الكثير من البلدان الإفريقية كما يشكل للجميع مرجعية علمية و اجتماعية وثقافية مشتركة أسهمت في تحقيق الاستقرار والطمأنينة في نفوس الحكام والشعوب على حد سواء.                             ع.أسابع

الرجوع إلى الأعلى