توقعات بتراجع احتياطي الصرف إلى 72 مليار دولار في غضون عامين

دعا صندوق النقد الدولي الجزائر إلى تكييف نفقاتها مع مداخيلها بالنظر إلى انخفاض أسعار النفط، وأكد مدير قسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بصندوق النقد الدولي مسعود أحمد، نهاية الأسبوع، أن الجزائر مطالبة بإعادة النظر في موازنتها السنوية لتكييف النفقات لتتناسب مع سعر البترول في حدود 50 و 70 دولار للبرميل بدل 100 دولار للبرميل.
 و أكد بأن للجزائر هامش مناورة أفضل لمواجهة تراجع الأسعار، مما كان عليه الوضع خلال سنوات الثمانينيات، غير أنه توقع بالمقابل، تراجعا في مداخيل الجزائر لهذه السنة بما يعادل 20 مليار دولار، وقال بأن احتياطي الصرف سيتراجع من 180 مليار دولار حاليا إلى 72 مليار دولار في غضون عامين.
وحذر مسؤول صندوق النقد الدولي من تداعيات تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري، رغم تأكيده بأن الجزائر لها هامش مناورة أفضل لمواجهة تراجع الأسعار، مما كان عليه الوضع سنوات الثمانينيات، وهي الوضعية التي انتهت آنذاك بدخول الجزائر مرحلة جدولة الديون والقرارات الاقتصادية الصعبة التي تم اتخاذها، خاصة تسريح آلاف العمال وغلق المؤسسات.
و صرح مدير قسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا بصندوق النقد الدولي مسعود أحمد خلال ندوة حول آثار انخفاض أسعار النفط على بلدان المنطقة، بأن «الجزائر أكثر استعدادا و أن موقفها أكثر قوة لمواجهة الصدمات الخارجية المرتبطة بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية». كما أبرز أن سياسة الاقتصاد الكلي «الحذرة» التي تبنتها السلطات الجزائرية مكنتها من اكتساب هامش مناورة للتعامل مع الأوضاع في السوق النفطية، مضيفا بأن احتياطي الصرف الذي تحوز عليه الجزائر يضمن لها 35 شهرا من الواردات، وادخارا يعادل ربع الإنتاج الداخلي الخام. وقال بأن هذه العوامل تضع الجزائر في وضع مريح للتأقلم مع الوضع الجديد.
المؤشرات الإيجابية، لم تمنع مسؤول «الأفامي» من تقديم تحفظات مرتبطة بالمتاعب التي قد تواجهها الجزائر مستقبلا بسبب سياسة الإنفاق العمومي المرتفعة، في إشارة إلى الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الحكومة خلال الفترة بين 2005 و 2013 من خلال مختلف البرامج التنموية التي اعتمدتها الدولة، مشيرا إلى التحويلات الاجتماعية التي بلغت مستويات جد مرتفعة.
و أشار ممثل صندوق النقد الدولي في هذا الخصوص، إلى بعض «الاختلالات» المسجلة و ذلك حتى قبل انهيار أسعار النفط، مما قد يؤدي إلى التأثير على الموقف الخارجي للجزائر و أضاف مدير قسم الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، أن الأمر يتعلق خاصة بتعميق العجز في الميزانية و ميزان المدفوعات تحت تأثير ارتفاع النفقات العمومية و الواردات، و ذكر بأن السعر المتوازن لبرميل الجزائر يقدر بـ 120 دولار أي من بين الأعلى في العالم.
ورسم مسؤول «الأفامي» سيناريوهين للاقتصاد الجزائري، على أساس سعر برميل يتراوح بين 50 و 70 دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. يتلخص الأول في الحفاظ على السياسة الاقتصادية القائمة على تمويل الاستثمارات بمداخيل المحروقات، وقال بأن الجزائر ستواجه في هذه الحالة أزمة مالية، خاصة في حال بقاء أسعار النفط في مستويات بين 50 إلى 75 دولار للبرميل، مشيرا إلى أن عجز الميزانية سيتفاقم بشكل كبير، فيما يتوقع ارتفاع الدين الداخلي إلى ثلاثة أرباع الناتج الداخلي الخام، مع تراجع الإيرادات السنوية بحوالي 20 مليار دولار، وهو ما يضع الجزائر في وضع مالي واقتصادي غير مريح، وتوقع ارتفاع معدل البطالة المقدر حاليا بـ9 بالمائة، و 25 بالمائة لدى فئة الشباب، أما احتياطي الصرف المقدر حاليا بـ180 مليار دولار، فتوقع الخبير، انخفاضه إلى حدود 70 إلى 72 مليار دولار خلال عامين أو ثلاث سنوات، مع تراجع في نسبة النمو الاقتصادي .
أما بخصوص السيناريو الثاني الذي تتوقعه المؤسسة المالية الدولية، فإن ممثلها يتوقع أن تقوم الجزائر بتسريع إصلاحاتها الاقتصادية من أجل «تحقيق أهدافها الكبيرة». و من أهم محاور توقعات صندوق النقد الدولي هناك تعزيز الميزانية التدريجي، لكن المستمر و تنشيط مساهمة الاستثمار الخاص في التنمية و تنويع الصادرات. و تابع المسؤول قوله أن «تجسيد مثل هذه السياسة سينعكس من خلال تخفيض تدريجي للعجز في الميزانية قبل أن يتحول إلى فائض و مواصلة انخفاض البطالة و المحافظة على المستوى الحالي للمديونية و إنعاش النمو و إعادة تنشيط احتياطات الصرف و الإدخار العمومي». وحسب مسؤول «الأفامي»، فإن الصندوق يتوقع ارتفاعا في أسعار البترول خلال الخمس سنوات المقبلة، غير أن هذا الارتفاع سيستقر عند مستوى يتراوح بين 70 إلى 75 دولارا للبرميل، مقابل 100 إلى 120 دولار للبرميل تم تسجيلها خلال السنوات الماضية.
وأوصى الصندوق إطلاق إصلاحات هيكلية، من خلال إدخال تعديلات على الميزانية السنوية، من خلال خفض نفقات التسيير والإعانات التي تمنحها الدولة، أي التحويلات الاجتماعية «واعترف بأن القرار قد يكون صعبا بالنسبة للحكومة، واعتبر بأن هامش المناورة الذي تحوز عليها الجزائر يسمح لها بتنفيذ الإصلاحات وخفض الدعم بشكل تدريجي لتفادي مشاكل اجتماعية»، مشيرا إلى أن الإصلاحات الهيكلية ستسمح بخفض العجز المالي إلى حدود 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خلال الخمس سنوات المقبلة، وقال بأن هذه القرارات ستسمح للجزائر بمواجهة الصدمات المستقبلية بشكل أفضل،ودعا إلى استغلال أموال النفط لدعم الاستثمار، وتحسين مردودية الشركات الوطنية العمومية والخاصة.

لكصاسي: الأموال  التي تخرج من البنوك تخضع للرقابة

من جانبه، أكد محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي، بأن تداعيات تراجع الأسعار برزت بشكل أوضح خلال الثلاثي الأخير من العام الماضي، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار النفط «لم يؤثر على استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد ،حيث يشكل التحكم في التضخم أحد عناصره الهامة، حيث بلغت نسبته 2,9 بالمائة العام الماضي، مقابل 3,26 بالمائة في 2013، مشيرا إلى ارتفاع القروض بنسبة 26 بالمائة، مع تحسن صلابة البنوك التي تمكنت من خفض مستوى الديون غير المجدية، مشددا على ضرورة تعبئة مدخرات الأسر من خلال تشجيع المنتجات المالية.
 وأضاف بأن البنوك بحاجة إلى «أن تكون أكثر جاذبية للمستثمرين من خلال زيادة سعر الفائدة»، وقال بأن البنوك الجزائرية تقع تحت المراقبة، كما رفض التعليق على فضيحة سويسليكس، مؤكدا أن الحكومة تراقب فقط البنوك المتواجدة في الجزائر.                      

أنيس نواري

الرجوع إلى الأعلى