أكثر من 1000 حالة اعتداء جسدي سنويا داخل الأسرة الجامعية
حذر خبراء وأكاديميون أمس من خطر وعواقب استفحال العنف في الوسط الجامعي، الذي ‹›وصلت نسبه إلى مستويات خطيرة››، الذي تعكسه التقارير المتفرقة والتي تتحدث عن ‹› تسجيل آلاف الحالات سنويا من بينها الرقم الذي أعلنه منسق نقابة ‹› كناس‹› الذي أشار إلى تسجيل أكثر من 1000 حالة اعتداء جسدي بين مكونات الأسرة الجامعية، دون عد الأشكال الأخرى للعنف التي تسجل يوميا، ودعوا إلى تحرك عاجل للمسؤولين من أجل استعادة مكانة الجامعة وهيبتها، وتم بالمناسبة الإعلان عن تأسيس أول ‹›تنسيقية وطنية لمحاربة العنف داخل الوسط الجامعي››.
وفي تدخله خلال ندوة نقاش، أكد الدكتور عبد الحفيظ ميلاط، المنسق الوطني للمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العلي والبحث العلمي›› كناس ‹› أن حوادث العنف بمختلف أنواعه وأشكاله من عنف جسدي وعنف لفظي وعنف فكري وتحرش جنسي ضد الطالبات إلى جانب التسلط الإداري، تسجل يوميا في الجامعات الجزائرية عبر الوطن، وقال ‹› لا يمر يوم إلا وأتلقى تقريرا عن حالة عنف على الأقل من أحد فروع الكناس، وأعطى مثالا في رده على سؤال للنصر بأن حوادث العنف الجسدي وحدها لا تقل عن 1000 حالة سنويا فيما تتعلق آلاف الحالات الأخرى بالتحرش الجنسي الذي تتعرض له الطالبات داخل الحرم الجامعي من مختلف الأطراف، والعنف اللفظي الأكثر انتشارا فضلا عن ظلم الإدارة وتعسفها وقال ‹› إن العديد من الإداريين في الجامعات عادة ما يكونوا سببا في خلق جو مشحون بين الطلبة و الأساتذة، وهو السلوك الذي شدد على ضرورة رفضه. أما البروفيسور بشير مصيطفى، الخبير الاقتصادي والوزير السابق، فأرجع أسباب استفحال العنف في المجتمع الجزائري عامة و في الوسط الجامعي خاصة، إلى›› التحولات التي شهدتها البلاد خلال العشريات الماضية، وعلى رأسها التحول السوسيو اقتصادي في الفترة بين 1994 و 1998، عندما تحولت الجزائر – كما قال من النظام  الاشتراكي إلى نظام اقتصاد السوق الذي جاء - على حد تعبيره، سريعا وتحت الضغط، مفرزا قيما جديدة تتمثل في قيم ‹› المنفعة‹› وقيم "المنصب"، وأضاف ‹›  إن هذا النوع من العنف يتسبب سنويا في وقوع ما لا يقل عن 1 مليون ضحية في العالم.
كما أرجع مصيطفى أسباب استفحال العنف في الوسط الجامعي إلى ‹› آثار ما تشهده المنظومة التربوية من تفكك››،  حيث أصبح الطالب ينتقل من مرحلة ما قبل الجامعة إلى الجامعة متشبعا بالسلوك العنيف.من جهة أخرى ألقى المتحدث بجانب من المسؤولية إلى ما وصفه ‹› عنف الإدارات››، والمؤثرات الخارجية من ثقافية وإعلامية التي يتعرض لها الطلبة ومن بينها الكاميرا الخفية التي تروج للعنف وكذا ‹› ضعف التواصل المؤسساتي داخل الجامعة في ظل انعدام فضاءات اللقاء بين الأستاذ والطالب.كما انتقد مصيطفى بذات المناسبة ‹›نظام التقييم الحالي في الجامعات المبني على العلامة وعنصر المفاجأة في برمجة مواضيع الامتحانات واصفا إياه بالنظام العنفي سيما وانه يتسبب في كثير من الأحيان في البحث عن دور الوساطة في الحصول على العلامة، مسجلا بأن أغلب حوادث العنف تحدث أثناء الامتحانات. كما حمّل المسؤولية في نزوع الطلبة إلى السلوك في الجامعة  إلى نظام التوجيه الذي قال أنه يولد الحقد والعنف، عندما يحرم الطالب من حقه في دراسة التخصص الذي يتناسب مع ميوله، شأنه في ذلك شأن ‹› ظلم الإدارة ‹›. ويقترح مصيطفى لمحاربة ظاهرة العنف في الوسط الجامعي إلى ‹› إطلاق دراسة سوسيو تربوية تشمل المدرسة والجامعة مع تنصيب خلايا يقظة بكل جامعة مزودة بثلاث فرق من المتدخلين الخبراء، بحيث يتولى الفريق الأول الجانب الإحصائي و الفريق الثاني بتحليل المعطيات التي يتم جمعها فيما يتولى الفريق الثالث المكون من خبراء التربية والتعليم تقديم التوصيات›› كما دعا إلى البدء في إصلاحات جوهرية في المدى البعيد 7+7 وإطلاق حوار سوسيو نفسي في الجامعة من خلال خلق فضاءات للتلاقي والحوار بين الطلبة والأساتذة، فضلا عن دعوته لتفعيل ميثاق أخلاقيات الجامعة مشترطا ان توقع عليه كل الأطراف في الجامعة وتلتزم به لحماية الجامعة من العنف القادم .كما ضمنت مقترحات مصيطفى ‹› تجسير العلاقة بين الجامعة والمحيط الديني لتقوية الوازع الديني للطالب بشكل تقني مدروس››، إلى جانب، إصلاح نظام التقييم وإطلاق نظام التكوين البيداغوجي لهيئات التدريس وتنسيق مناهج التكوين بين ما قبل الجامعة والتكوين الجامعي والتأمين المهني للطالب››.
العنف الجامعي نتاج العنف  في المجتمعين السياسي والمدني
وفي تدخله في ذات الندوة التي احتضنها منتدى يومية الحوار، قال البروفيسور أحمد رواجعية المختص في علم الاجتماع ‹›إن استفحال العنف في الوسط الجامعي وتحوله إلى ظاهرة مقلقة، هو نتاج للعنف المتفشي في المجتمعين السياسي والمدني››.كما حمّل أطرافا تعكير الجو في الجامعة واتهم مسؤولين في مختلف المناصب بتجنيد ‹› صعاليك لخلط الأوراق وزعزعة استقرار الجامعة خدمة لأغراض مشبوهة ‹› كما حمل مسؤولية العنف في الجامعة لمن وصفهم بـ ‹› جيل رديء من الطلبة ممن يتميزون بضحالة الفكر وانحطاط الأخلاق ، لا هم لهم سوى الحصول على الشهادة وبأي طريقة أو أسلوب››.
تجدر الإشارة إلى أنه قد تم خلال ذات اللقاء الإعلان عن مبادرة مشتركة بين ‹›الكناس ‹› والمركزية النقابية ممثلة في الأستاذ سليم بن طيبة الأمين العام لاتحادية التعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والإعلام و صلاح الدين دواجي الأمين العام للاتحاد العام الطلابي الحر، تتمثل في الإعلان عن ميلاد ‹› تنسيقية وطنية لمحاربة العنف في الوسط الجامعي››، تتشكل من نقابات الأساتذة والعمال والتنظيمات الطلابية أبقي باب العضوية فيها، مفتوحا.وقد تم بالمناسبة الإعلان عن وضع المبادرة الجديدة، لميثاق شرف خاص بمكافحة ومحاربة العنف في الوسط الجامعي، يدعو إلى التسامح واحترام أنظمة الجامعة وقوانينها والحفاظ على ممتلكاتها وصونها ونبذ التعصب والبعد عن أي تصرفات من شأنها إثارة التفرقة و النعرات الجهوية بالجامعة. وتمت الدعوة بالمناسبة إلى توحيد الرؤى والجهود بين مختلف فعاليات الأسرة الجامعية من أساتذة وطلبة وموظفين وعمال وإدارة لأجل مكافحة ظاهرة العنف في الجامعات وتجفيف منابعه وأسبابه.وتم بالمناسبة توجيه الدعوة إلى ‹› جميع المسؤولين المعنيين النظر إلى المسألة بالجدية المطلوبة كونها تستدعي التمعن فيها لأنها أصابت العصب الحساس للمجتمع الذي يرى في الجامعة منارة للعلم والتربية والأخلاق تنتج المثقفين والإطارات المعوّل عليهم لبناء جزائر الغد››.                      
ع أسابع

الرجوع إلى الأعلى