خلفت التصريحات المتناقضة لكل من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح بخصوص آجال التعديل الدستوري المرتقب نوعا من التحفظ داخل الحزبين، وحالة من التساؤل في أوساط المتتبعين والمواطنين بصفة عامة، في حين يعتقد مراقبون
أن تاريخ إخراج التعديل الدستوري للعلن من صلاحيات صاحب المبادرة وحده- أي رئيس الجمهورية- و أنه لا أحد مهما كان موقعه يملك الحقيقة.
 حاولت قيادات في حزبي الآفلان و الأرندي التخفيف من حدة التناقض الواضح في التصريحات الأخيرة لكل من عمار سعداني وعبد القادر بن صالح بخصوص توقيت الإعلان عن التعديل الدستوري المقبل، ففي الوقت الذي قال فيه عمار سعداني أنه قد يطول، يؤكد ويكرر عبد القادر بن صالح أنه قريب وأن الرئيس قام بما عليه في هذا المجال.
ولو كان الأمر يتعلق بحزبين أحدهما في السلطة والآخر في المعارضة لكان ذلك مفهوما، أما أن يكون أكبر حزبين من الموالاة في خندقين مختلفين فذلك ما صنع الحدث و خلق الدهشة والتساؤل.
وقد حاول عضو المكتب السياسي للآفلان المكلف بالإعلام والاتصال السعيد بوحجة التقليل مما لاحظه الجميع في تصريحات الرجلين، وقال في تصريح مقتضب للنصر أمس أنه لا يوجد أي تناقض بين الحزبين، و أنهما متوافقين حول هذه المسألة، و أن بعض تصريحات عمار سعداني لم تفهم ربما كما يجب فقط، وتهرب من الإجابة عن سؤال النصر المتعلق بطبيعة وخلفيات التناقض المشار اليه، واكتفى قائلا» نحن في الآفلان و الأرندي متفقان لأن الرجل الوحيد الذي بإمكانه إحالة وثيقة الدستور على المجلس الدستوري هو رئيس الجمهورية وحده».
نفس الشيء ذهب إليه عضو المكتب الوطني للأرندي الطيب زيتوني الذي نفى في تصريح للنصر أمس أيضا وجود أي تناقض حسب رأيه في تصريحات مسؤولي الحزبين،  مضيفا أن الأرندي قال أن التعديل الدستوري سيأتي في المستقبل ولم يقل في خلال أسبوع أو أسبوعين، وكلام الأرندي غير موجه لسعداني أو ولد خليفة ولا هو رد عليهما».
ويشدد الطيب زيتوني على أن ما يهم الأرندي في هذه المسالة هو وجود مؤشرات على أن تعديل الدستور تقرر، لكن الحزب لا يملك معطيات بخصوص الآجال وغير ذلك.
وقال مصدر برلماني ينتمي لأحد الحزبين المذكورين سلفا رفض الكشف عن هويته أن الحقيقة حول مسالة التعديل الدستوري لا يملكها أي كان مهما كان موقعه، و أن الأحزاب أو النواب على مستوى البرلمان ينتظرون ما سيصدر عن رئيس الجمهورية صاحب المبادرة الذي من صلاحياته وحده الاعلان عن موعد تعديل الدستور، وتوقع هذا الأخير أن يفرج عن التعديل الدستوري ربما في شهر جوان المقبل.
ويعتقد متابعون أن التناقضات المتعلقة بآجال التعديل الدستوري ليست لها أي علاقة بصلب الموضوع، و أن كلا من عمار سعداني وعبد القادر بن صالح لا يملكان معلومات دقيقة حول المسألة ولا حول الكيفية التي سيقرر بها الرئيس التعديل الدستوري المقبل.
و يعتقد هؤلاء أن الأمين العام للآفلان وزميله الأمين العام للأرندي  يترجمان الايحاءات التي يحصلان عليها حسب امتداداتهما في هرم السلطة ودوائر صنع القرار، لذلك تبدو تصريحاتهما بشأن تعديل الدستور متناقضة في بعض الأحيان، وفضلا عن هذه المسألة يرى هؤلاء أيضا أن هناك ربما مشكل زعامة بين الأمين العام للأرندي اتجاه الأمين العام للآفلان، وهو ربما ما يفسر التصريحات المتكررة  لبن صالح التي تقول أن تعديل الدستور قريب، و هما خارج الايحاءات والاشارات التي تأتيهما من دوائر خاصة في السلطة فهما يتكلمان من مواقع ذاتية بحتة لذلك يقعان في الخطأ من حين لآخر.
و من هذا المنطلق فإن عملية تعديل الدستور من البداية إلى النهاية وعبر كافة مراحلها خاصة منها الآجال هي من صلاحيات رئيس الجمهورية لأنه الوحيد المبادر بطلب تعديل الدستور حسب نص الدستور، وعليه فإن التصريحات بخصوصه تدخل في خانة العمل والاشهار السياسي لا أكثر ولا أقل.           
محمد عدنان

الرجوع إلى الأعلى