بلغة تهكمية طغت عليها جرأة الطرح و التمثيل، قدم ممثلون من مسرح سكيكدة الجهوي، العرض الشرفي لمسرحية “شكون يخدع شكون” الذي تفاعل معه جمهور مسرح قسنطينة الجهوي محمد الطاهر الفرقاني، مساء السبت.  
 نجح مخرج المسرحية و كاتب النص محمد العقون، رفقة تسعة ممثلين، يتقدمهم  سيف الدين بوهة، عبد الرؤوف بوفناز و صابر عيمور ، في إضحاك الحاضرين  من واقع يعيشه العالم اليوم ، هو امتداد لمشاكل تاريخية،  و تحولات و صراعات و انقسامات موجودة على مر الزمان، كانت تحركها قوى خفية ،  و تغذيها  أطماع الهيمنة و التوسع و حب السلطة، و الدسائس التي تمارس على الأفراد و المجتمعات مسلوبة الإرادة.
المخرج سعى من خلال هذا العرض المسرحي إلى تسليط الضوء على قضايا محورية في العالم، في مقدمتها القضية الفلسطينية و قضية اللاجئين ، و مشاكل الفقر و البطالة و الهجرة غير الشرعية التي استثمرت فيها هيئات عالمية خيرية و صحية و حقوقية، بالتواطؤ مع القوى الكبرى التي تسيرها شخصيات غريبة الطباع و نفسيات تغذيها إيديولوجيات سياسية و ثقافية و دينية .
و من خلال عدة مشاهد متداخلة، برزت ملكة غريبة الأطوار في جسد  رجل، استغلت معاناة النساء اللاجئات بالمخيمات،  بالاتفاق مع رؤساء دول و منظمات حقوقية و جماعات جهادية،  لإشباع  رغباتهم الهمجية ، تحت غطاء حقوق الإنسان و دعم الحريات، و يحاكي المشهد الثاني هوس الدول العظمى بالتوسع الجغرافي و السياسي، في ظل انبطاح بعض العملاء من رؤساء و ملوك عرب ، و محاولاتهم  استغلال مشاكل الشباب العربي الغارق في البطالة و الفقر للضغط عليهم لبيع القضية و التغلغل أكثر داخل هذه المجتمعات، بتسخيرهم لخدمتهم من منطلق أحزاب سياسية و جمعيات ثقافية و غيرها، تسعى لخدمة أجندات غربية بواجهة عربية.
الملفت في المسرحية، هو تلك الجرعة غير المألوفة من الجرأة في التمثيل التي لامست في كثير من المشاهد الخطوط الحمراء،  لكنها استطاعت إضحاك المتفرجين الذين غص بهم مسرح قسنطينة، و صفقوا في عدة مشاهد للممثلين الذين برعوا في ترجمة نص المسرحية التي سافرت بالحضور بين ماضي و حاضر الصراعات التي طبعت حياة الإنسان منذ القدم،  مع تقديم مشهد منفصل عن سابقيه، سلط الضوء على فترة الخلفاء الراشدين و المكائد التي حيكت لقلب موازين النظام .
و على هامش العرض، قال مخرج المسرحية للنصر، أن العرض عالج قضايا عالمية بوضع مجموعة من التساؤلات “ من يخدع من؟” ، حيث تمكن الممثلون بقوة أدائهم من إيصال مغزى المسرحية ذات الطابع السوسيوـ سياسي التي تخاطب مباشرة عقل المشاهد  بمسحة سوريالية ساخرة،  تزاوج فيها  مستوى الأداء العالي  و السينوغرافيا لعبد الرحمان زعبوبي، التي قربت الصورة إلى ذهن المشاهد و موسيقى و كوريغرافيا سعيد بوشلوش و نوارة إدامي ، لترتسم في النهاية معالم العرض  بلغة تضخيم و سخرية  على قضايا جوهرية و عالم تفشى فيه الفقر و الفوضى و الانقسامات  التي تبيح المحظور لتحقيق أطماعها. .
للتذكير فإن مسرح قسنطينة الجهوي محمد الطاهر الفرقاني، احتضن العرض الشرفي لمسرحية “ شكون يخدع شكون” من إنتاج مسرح سكيكدة الجهوي، بسبب أشغال التهيئة التي يشهدها هذا الأخير ، و هذا ثاني عرض شرفي يستقبله مسرح قسنطينة، في غضون 15يوما ، بعد العرض الشرفي الأول لمسرحية “تينهنان” لمسرح أم البواقي الجهوي.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى