أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة للكثير من الفنانين الشباب للظهور فنيا و تكوين ما يعرف بالفن المستقل ، خارج حسابات الإنتاج والتوزيع  إذ تكونت مؤخرا ما يعرف بفرق «أندر غراوند» الفنية في الجزائر و  حققت نجاحا كبيرا، لكنه يبقى افتراضيا بعد أن عجزت عن الانطلاق في عالم الموسيقى والغناء من عالم الواقع الذي تحكمه قوانين إنتاجية خاصة .
رغم أن معظم الأغاني و الموسيقى المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي هي موسيقى دون المستوى، إلا أن هناك تجارب استطاعت أن تكون رائدة في الجزائر، و تبرهن على جودة الأغنية والموسيقى ،من خلال اكتساحها الجماهيري وانتشارها في العالم العربي وأوروبا ،وأصبحت بذلك تجارب ناجحة بجميع المعايير والمقاييس.بالعودة إلى الماضي لاحظنا في الجزائر ظهور فرق «أندر غراوند» عديدة نجحت في أغانيها، لكن مصير هذه الفرق كان التفكك أو سوء التوفيق بعد سنوات قليلة من بزوغ نجمها، وهو ما جعل تجربتها الموسيقية تتوقف عند حد معين، نظرا للصعوبات المادية، إذ أن جل مكوني هذه الفرق هم شباب جامعيون ولا يمتلكون دخلا ماليا ثابتا.ولعل تجربة أغنية «الزينة « لبابيلون أفضل نموذج على نجاح فرق الهواة ،كما أن فرقة «أفريكا جنقل» التي استطاعت أن تمزج ما بين الراب وموسيقى القناوة ،كرست نجاحها من خلال وضع فيديو كليب لها على مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح الآن من أشهر الفرق الغنائية في الجزائر وفرنسا.
 يختلف كثيرون حول مفهوم الموسيقى المستقلة ،حيث يعتبرها البعض أغنية استعجالية وردة فعل على وضع راهن بحكم مواضيعها الآنية وغير المدروسة، فلولا ظهور مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، لما ظهرت هذه الأغاني التي توصف بالمستقلة، فقد كانت توسم من قبل بمحاولات الهواة، أما البعض الآخر من الخبراء فيرى فيها تجربة رائدة، إذ أن الاستقلال المادي وعدم خضوع المغني و أعضاء الفرقة إلى جهة منتجة، يسمح للإبداع بالظهور على السطح، وهو ما سينعكس على مستوى الأغنية الجزائرية بشكل عام.
مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت الحرية ،ساهمت بشكل كبير في تكريس حرية التعبير، وعدم خضوع الفنان لأية رقابة فوقية قد تمارسها مؤسسات اجتماعية أو مدراء إنتاج، وهو ما جعل الأغاني الرائجة في الانترنت هي أغان تعكس الواقع بشكل كبير، وتتحدث لغة الشارع دون مساحيق تجميل. وقد تحررت الموسيقى التي تعرف بالموسيقى المستقلة والتي هي عبارة عن طبوع غنائية كان مغضوب عليها في الجزائر ،على غرار أغاني الراب و أغاني الهيب هوب، وموسيقى الميتال، إذ خلقت مواقع التواصل الاجتماعي الفضاء الرحب لتفاعل فناني هذه الطبوع مع جماهيرهم.والملاحظ بأن بعض الفنانين الذين ظهروا في مواقع التواصل الاجتماعي، أضحوا يملكون شعبية أكثر من شعبية المطربين والفنانين أصحاب الألبومات الغنائية، حيث أصبح على سبيل المثال  مغني الراب أمسي مجهول ،قدوة لكل الشباب و تعتبر صفحته الرسمية على الفايسبوك من أنشط الصفحات الجزائرية على هذا الموقع.وأهم ما يميز فناني مواقع التواصل الاجتماعي هو صفة العصامية ،إذ تعلموا الموسيقى والغناء بمفردهم، أو بالتدرب مع بعض المجموعات الهاوية و تفجرت موهبتهم فجأة، وهو ما جعلها تظهر في فضاء الكتروني يقوم على بورصة الإعجاب والمشاركة، فاشتهرت أسماءهم وأضحت من الأسماء الفنية التي تساهم في صناعة المشهد العام للموسيقى الجزائرية وذلك من خلال الأرقام الكبيرة لعدد المشاهدين أو المستمعين.
الموسيقى المستقلة ليست إنتاجا جزائريا، بل هي ظاهرة عالمية ساهمت في ظهور فنانين كبار في العالم، لكن في الجزائر أصبحت الموسيقى المستقلة ،مقترنة بمواقع التواصل الاجتماعي حيث يرى خبراء بأن هذا الاقتران هو بمثابة محاولة للتعبير خارج الأطر الاجتماعية السائدة والتي تملك سلطة معنوية لذلك، توجد معظم الأسماء الفنية التي تنطلق من مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة. المتتبع لأنواع الموسيقى المستقلة في الجزائر سيدرك من الوهلة الأولى بأنها موسيقى مندفعة نحو الإبداع، فلا تستغرب مزج الشعبي بالراب مثلما هو الحال مع المغني المعروف باسم دياز، كما أن هناك من يخوض تجارب جديدة كليا من ناحية الكلام أو اللحن إذ يدخل أنواع موسيقية غريبة عن الجزائر ويضعها في قالب جزائري، وهو ما يساهم في شهرة المغني ،كما هو الحال مع موسيقى الميتال التي لم تكن متقبلة اجتماعيا في الجزائر، وأضحت حاليا تستقطب كثيرا من الشباب الجزائري، بعد أن ظهرت فرق جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي تخاطب الشباب بلهجتهم، مع الاستعانة بأرشيف موسيقي عالمي.
 حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى