حكايات مغاربية على إيقاع الموسيقى الأندلسية  في سهرة استثنائية بقسنطينة
رافقت سهرة أول أمس أروع الألحان الأندلسية التي أداها الفنان عباس ريغي والفنانة أمينة كراجة أجمل الحكايات المغاربية التي سردتها كل من الحكواتية الجزائرية المعروفة سهام كنوش و الروائية المغربية حليمة حمدان، في العرض الذي حمل عنوان «سول فا» وذلك في جو بهيج نظمت فعالياته جمعية "كان يا مكان" سهرة أول أمس بالمسرح الجهوي بقسنطينة.

تعددت الحكايات تحت ظل الأنوار الخافتة التي أضاءت ركح المسرح ليرجع الجمهور الذي توافد بكثرة إلى الزمن الجميل الذي كانت تسرد فيه حكايات قبل  النوم من قبل الجدة أو الأم، فكانت البداية مع مقاطع موسيقية ترحيبية أدتها أمينة كراجة ،ليلتحق بها عباس ريغي و يغنيان سويا بصوتين  جميلين  دمجا  بين المالوف والحوزي.
الصوتان و الأنغام كانت مقدمة لدعوة الحكواتية الجزائرية سهام كنوش بزيها التقليدي الجزائري الجميل إلى الركح ،لتدعو تحت تصفيقات الجمهور بدورها الروائية المغربية حليمة حمدان و أكدتا معا  بأن الحكاية باقية و ستواصلان سردها مادام هناك من يريد أن يستمع إليها مثل الجمهور الحاضر.
العرض الفني الذي حمل عنوان «سول فا»، الذي يرمز إلى نوطتين موسيقيتين وفي نفس الوقت يمكن جمعهما ليشكلا كلمة «سلفة» التي تعني الحكاية ،زينه ديكور نغمي جميل من توقيع الجوق الموسيقي الذي رافق الفنانين ،حيث عزف كل من الموسيقي التونسي فرحات بوعلاقي والفنان الجزائري سمير بوكرديرة أجمل الوصلات الموسيقية المرافقة للحكاية والممهدة للأحداث.
 «كتو لا ديفا» وهو عنوان الحكاية الأولى التي كانت  تدور أحداثها حول الفتاة كتو ابنة عين الصفراء و تسرد يومياتها وأحلامها، لكن لا تلبث البلدة الهادئة التي تقيم بها أن تصبح خرابا، نتيجة تعرضها للتفجير إبان الحرب فتفقد والدها و كل عائلتها و تضطر للسفر بعيدا أين يكتشف صوتها الجميل المايسترو الروسي  المدعو يوري فيقع في حبها و تصبح نجمة في سماء الفن.
أما الحكاية الثانية المعنونة «وشم»  فهي حكاية جسور قسنطينة ،حيث تسردها الحكويتان على لسان شابين عاشا في المدينة سنة 1946 ،حيث تتفاعل الحكاية مع الأحداث العالمية ،خاصة مع اشتعال الحرب في الفيتنام ، حيث يضطر الشاب لترك حبيبته من أجل الذهاب بعد أن تم تجنيده إجباريا، و تتعذب الفتاة المدعوة مريم لهذا الفراق،و تنتقل أحداث الحكاية إلى ما بعد الاستقلال ،حيث تعود مريم إلى مدينة قسنطينة وتكتشف أن المدينة قد تغيرت تماما عما كانت تعرفه عنها.
بعد انتهاء كل مشهد من المشاهد التي تضمنتها كل حكاية تعلو أصوات المغنيين بأجمل الألحان المعروفة في الموسيقى الأندلسية كالمالوف و الحوزي ،و الملاحظ أنه تم انتقاء  الأغاني ،بما يتناسب مع سرد الحكايات، وهو ما جعل العرض استثنائيا فكان بمثابة إعادة تشكيل حكايات أغاني الموسيقى الأندلسية برؤية جديدة ومغايرة،إذ غنى كل من عباس ريغي وأمينة كراجة أروع الألحان على غرار  «سلام على الأحباب في القرب وفي البعد» ومقطع «من هوى روحي وراحتي» موال «أراك عصي الدمع»  «يا كرام الحي»  و»أنا الورقة المسكينة».  
نائب مدير جمعية «كان يا مكان» مصطفى بن زراري، تحسر لغياب مهرجان القصة والحكاية الذي دأبت جمعيته على تنظيمه في قسنطينة كل عام ووعد بعودته بعد نهاية تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، حيث اعتبر بأن العرض المقدم في سهرة اول أمس ، بمثابة تجديد العهد مع جمهور الحكاية في مدينة قسنطينة، و إبراز بأن الجمعية قادرة على مواصلة عملها إيمانا منها بضرورة استمرارية العمل الثقافي بغض النظر عن الظروف المالية  للجمعية.    

  حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى