انتقد الباحث شعيب مقنونيف أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والتاريخ بجامعة بوبكر بلقايد بتلمسان، أمس بقسنطينة إجحاف بعض باحثي الدول المجاورة، و تعمدهم عدم ذكر الجزائر كمصدر و مهد لجنس الحوزي، مستشهدا بما قام به الباحث المغربي  محمد الفاسي الذي زعم في مقدمته بأن هذا الجنس من الشعر:"لا أجده إلا في مدينتي فاس و مدينة أخرى تبعد عن طوكيو ببضعة كيلومترات"  و هو ما اعتبره الباحث التلمساني خطأ و تعجب لأن الرجل ليس ببعيد عن المنطقة.
و ذكر بأن محمد الفاسي الذي اهتم لأكثر من 30سنة في جمع الملحون المغربي و خصص للملحون المغربي مدونته الموسومة «معلمة الملحون» و التي جاءت في ستة أجزاء خصص جزء منها لشعراء جزائريين ذاع شعرهم في المغرب، منهم بن المسايب بن سهلة بن تريكي و غيرهم، مشيرا إلى  التناقض الذي وقع فيه هذا الأخير مع نفسه علما و أنه كتب عن بن مسايب قائلا «إنني وجدت لبن مسايب ألف قصيدة في الجد و مثلها في الهزل»، و استطرد مقنونيف متسائلا: «كيف يأتي بعد ذلك و يقول بأنه لم يجد هذا الجنس الشعري إلا في فاس».
و كشف الباحث بأن الجزائر لا تملك ربع ما تركه بعض عمالقة الشعر الملحون الجزائريين كالشاعر محمد بن المسايب و بوسهلة و غيرهما كثر، في الوقت الذي تتوّفر فيه دول الجوار على رصيد كبير من مدونات هؤلاء، داعيا إلى ضرورة اجتهاد الباحثين لأجل استعادة هذا التراث إلى مكانه الأصلي الجزائر.
الباحث و في مداخلة له بعنوان «الحوزي التلمساني: من الإرث الأندلسي إيقاعا إلى محلية النصوص إبداعا» ألقاها في ضمن فعاليات معرض «من الأصوات إلى النوبة» الذي تنظمه دائرة التراث غير المادي و الفنون الحية في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، سلّط الضوء على الحوزي أحد الأجناس الشعرية و الموسيقية التي  أكد أن أصولها أندلسية تطوّرت بدول المغرب العربي، مشيرا إلى تأثر هذا النوع من الشعر ببيئة معنية و ظرفية مكانية خاصة، كما نظم لأجل أن يغنى و ليس للاستمتاع به قراءة و إلقاء كأي شعر آخر، مما جعل ناظمي هذا النوع من الشعر إلى استغلال المقامات و الطبوع الأندلسية التي كانت إلى زمن طويل حكرا على الطبقة الراقية و راحوا يمزجون اللحن و الكلمة مما خلق انسجاما جميلا تبناه الكثيرون بعد أن راق ذوق المستمعين و عشاق الشعر و الموسيقى.  و عن رواد الحوزي، فضل الأستاذ المحاضر تقسيم فحول هذا الجنس الأدبي ضمن مدارس بحسب الأجيال، حيث ذكر بعض الأسماء من المدرسة الأولى منهم الشاعر سيدي لخضر بن خلوف ثم  الثلوث التلمساني المتمثل في الشيوخ محمد بن مساير، و محمد بن تريكي و بومدين بن سهلة و غيرهم وصولا إلى جيل القرن التاسع عشر كمصطفى بن ديمراد، داعيا إلى ضرورة قيام الجيل الجديد بتدوين النصوص و حفظ
و إعادة إحياء تراث عانى من الضياع مع إعادة قراءة ما طبع، قراءة على ضوء المنهج الحديث و بما تقتضيه الدراسة الأكاديمية الجادة،
و أكد الباحث للنصر على هامش التظاهرة التي احتضنتها دار الثقافة مالك حداد بقسنطينة على مدار يومين بأنه و زملاء له عثروا على دواوين لبن سهلة و أعاد هو شخصيا إخراجها، فيما أعاد  آخرون جمع و إصدار ديوان بن تريكي بأمل مواصلة مثل هذه المبادرات مستقبلا و استرجاع ما هو ملك لترثنا.
و قال:«هناك من تراثنا الثري، الكثير من الأشعار من عيون الشعر الحوزي في المديح لسيدي بن مسايب مثلا لا زالت لم تستعد مكانتها بالجزائر في حين تؤدى باقتدار بالمغرب كقصيدة «الحرم يا رسول الله» التي تغنى بإعجاب من قبل الفنانين المغربيين».
و غاب عن الندوة العلمية الخاصة بـ«المحتوى القاعدي للنوبة: الموشح و الزجل»الباحث في التراث الموسيقي العربي الكلاسيكي الليبي أحمد عبد الله دعوب الذي قرأ مداخلته نيابة عنه صحفي من القناة الأولى بالإذاعة الوطنية، و كان محور محاضرته  «الموشح والزجل بنية النوبة» وتهدف إلى التعريف بالزجل الشعري ونشأته ومكانته في تركيب النوبة مع ذكر بعض الأمثلة من الأزجال الأندلسية و المغاربية، وسرد بعض أهم الشخصيات وأعلام الزجل، التي أسهمت في إثراء نوبة المالوف المحلية في مدينة طرابلس.
مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى