محمد عادل مغناجي
ما الذي يجعلك تبكي بلا لغة؟
الدّموع... ليست لها لغة
ما القوّة التي تحترقك؟
وتنفخ فيك
سطوة العصافير على الحبّ
وآهات الغردة للأحباب
ما القوّة التّي تجعلك تحزن
لأخٍ ليس أخاك
لم تحتمل دمعة خضراء سقطت على خدّه
من الجوع
أو الفقر
أو العشق الأبيض
الدموع ليست لها لغة
وإنها أحرف فقط
لكنها أحرف خرساء، لا تعرف إلاّ الحنان
المعنى في الألف مثلا السّند
وفي الحاء-كذلك-المحاببة المجّانيّة
هكذا كل اللغات وكلّ الحروف
تلتقي في فم الإنسان
فيتنطّق، فيجهش بالكلام
بالمواددة بلا سبب أو مصلحة
إذا رأى شمسا تغازل الوجود بخصرها النحيل
فرح، نزع ثيابه القناع من الإبرنشاق
كأنه صوص خرج من رحم أمّه، من ريش الفؤاد إلى لقاء العالم
الدموع ليست لها لغة
ما الذي يجعلك تنكمش وتكون كنبت اقطارّ في بحيرة الربيع
أو كحمامة فيها ألوان مختلفة
هكذا تكون الأمور
فالجيم  لا معنى لها دون جود القلب
والفاء لا تحمل دلالة إلّا الفرح بالمختلف والوفاء لزهرة الطفولة
والفوز بخد الحبيب
أو بالغريب
الكل يجتمع تحت خيمة الحروف
كل حرف لون
فالأحمر-عندي القاف
والأزرق الرّاء والأخضر هو العين
والحروف أصوات
والألوان أفواه بنفسجية ضاحكة
وشفاه عنبية مشتهاة
لست أدري كيف أشج القلوب ببعضها
إلّا بسبب الإحساس
الإيناس، من يربط الكمبودي بالتايلاندي بالعربي
الأنفاس إنها هي
تعقد العصافير كالخرز والبشر كالعشب في عقد جميل من التغراد
اكتب إحساسك لا تخف
من الدّهشة
أو من الرفض
الآخرون يصدمونك بحقد لونه أدميّ
لكن وزع عليها أشجارا من السّناء والعناق
قل لهم: أكتبني وإحساسي دون خوف
أنحته على صخرة أخيرة وسط نهير  يموت
وألقي بالحقد في ماء غريب لا يعود
لا أقبل أن أبتلّ باليأس
لا ترتشى الدموع...الدموع ليس لها لغة
إذا كانت كاذبة تصدق
إنها –إذن-سيوف
قطرات أرواحنا من أغصان الأجساد
هي العناق المخادع
أأنصحك...
لا تبكِ
إن كنت كاذبا اُصدق في الكذب
اصرخ بأعلى روحك
بأقصى صدى في حنجورك
أنا لغة واحدة في فم الإنسان
وقاموس واحد في قلبه
أمّا اللغة فهي"الحب"
وأمّا القاموس فهو" الصّدق"
ثمّ اكتب على رخام قبرك هذه الجملة"الدموع ليست لها لغة".

الرجوع إلى الأعلى