ما يبدو مُهمًا عند قراءة رواية ما هو البحث عن منطقها الداخلي، كيف تشتغل عناصرها ضمن النسق العام للرواية. صحيح أنّ هذا النوع من المقاربات يتجنب الإجابة عن سؤال: ماذا تريد الرواية قوله؟ فهذا البُعد التأويلي يقع في مستوى أدنى بالنظر إلى أهمية تحليل العناصر البنائية للرواية. فعندما قرأتُ رواية "الغسّال" للروائي الجزائري جيلالي عمراني اِنتابني إحساس بأنّ الرواية تُعاني من بعض الاِرتباك الفني، خاصة على صعيد المنطق السردي، لأنّي مازلتُ على شبه قناعة بأنّ قوّة الرواية تكمن في قدرتها على الإقناع الفني من خلال حرصها على متانة بنائها السردي.

لونيس بن علي

تتقاطع مصائر أربع شخصيات (جمال زغلامي الصحفي)، (علي الغسّال، غسال الموتى والحكّاء)، (هند المرأة التي يقع في حبها جمال والغسّال) و(وزير الثقافة الأسبق) جمعت بينها الصُدف، فتشابكت داخل فضاء القصر القديم الغامض.
كلّ شخصية تروي قصتها: فجمال الصحفي يُطرد من عمله بسبب قصة كتبها عن مدام ريكي الغامضة. وعلي الغسّال يمتهن مهنة غسل الموتى ليجد نفسه في قصر غامض لأجل التحضير لجنازة الوزير الّذي لم يمت بعد، وهند التي يتعلق بها الوزير قبل أن يتعلّق بها الرجلين (جمال الصحفي وعلي الغسّال)، ثمّ الوزير الذي اِنهار مجده السياسي بسبب ما سماه بالمؤامرة.
هناك مأزق فني عانت منه الرواية، يتمثل في تضعضع نسقها السردي، بحيث لا نجد أنّ الروائي قد وفّق في التحكم في روايته، وهذا ظهر أكثر في اِلتباس الأحداث، وضُعف الحوارات بين الشخصيات حيث كثيرا ما تتحرك وفق نسق غير منطقي، ثمّ ذيوع مبدأ المصادفات والمفاجآت التي لم يُمهّد لها، فجاءت مُربكة لنسق السرد.
مأزق العنوان: الغسّال
السؤال المبدئي الّذي يطرحه قارئ الرواية هو: ما دلالة عنوان الرواية؟ وما وظيفته؟ فالعنوان هو النص المفتاحي للرواية، وهو النّص الأوّل الّذي يقرأه القارئ. يذكر "إيكو" أنّ وظيفة العنوان هي التشويش على الأفكار، لا أن يُحوّلها إلى قوالب مسكوكة. وإذا فهمنا جيدا مقولته، فهو يقصد أنّ العنوان يُساهم في تهيئة أفق التلقي لدى القارئ من خلال فِعل الإرباك. وإذا عُدنا إلى عنوان الرواية "الغسّال" الّذي يتكون من كلمة واحدة، فالكلمة تفرض تساؤلات كثيرة عند القارئ، خاصّة وأنّ هذه الكلمة إذا ما عدنا إلى دلالتها الحرفية، فهي تعني الرجل الّذي يغسل الموتى. الدلالة مُربكة، وقد تُهيء ذهن القارئ ليقول بأنّ هذه الرواية قد تكون عن غسّال الموتى، ويمكن أن يفترض أنّها ستكون رواية مُرعبة، أو رواية روحانية تمخر في عباب الغيب. غير أنّ البحث عن دلالة العنوان يكون دائمًا بالعودة إلى متن الرواية، اِنطلاقا من هذا المبدأ، فالغسّال في الرواية يتجلى في ثلاث دلالات:
1– كاتب سيرة الوزير السابق المسمى (عبد العالي سالم)، ويدعى (علي الغسّال)، وظهر ذلك في نص الاِستهلال الّذي كُتب على شكل (إقرار)، ينص على أنّ (علي الغسّال) هو كاتب سيرة وزير الثقافة الأسبق. أكيد أنّ القارئ لن يكفّ عن طرح السؤال تلوى الآخر: من يكون علي الغسّال؟ وما علاقته بوزير الثقافة الأسبق؟ وسنؤجل الحديث عن هذه الشخصية في العنصر المخصص للشخصية في الرواية.
2 - علي الغسّال هو أيضا يعمل غسّالاً للموتى، وقد تعلم هذه المهنة في قريته النائية على يد غسّال القرية. ولو أنّ سؤالاً يتبادر إلى الذهن: ما علاقة غسل الموتى بفن الكتابة؟ وكيف حتّى أصبح علي الغسّال كاتبًا لسيرة الوزير؟ هذا أيضا سيفتح أفقًا للتأويل بالبحث في أعماق هذه الشخصية المُبهمة.
3 – الغسّال شخصية تاريخية حكمت الجزائر في الفترة العثمانية، وتُعتبر فترة حكمه الأسوأ على الإطلاق، حيث عرفت الجزائر مرحلة من الفوضى والفساد. غير أنّ الرواية لم تسهب كثيرا في الحديث عن هذه الشخصية التاريخية، وأنا أعتبرها نقطة سوداء في الرواية، إذ كان يُمكن التعمق أكثر في بناء هذه الشخصية التاريخية غير المعروفة.
إذا، أمامنا ثلاثة عناصر تأويلية لتفكيك عنوان الرواية؛ فالغسّال هو شخصية في الرواية (هل هو بطل الرواية؟ عند قراءة الرواية نكتشف أنّ الروائي أزاح هذه الشخصية من دائرة البطولة، أصلاً رواية الغسّال كُتبت بمعزل عن مفهوم البطل. لم يكن حضور الغسّال فعّالاً في الرواية، بالنظر مثلاً إلى المساحة التي مُنحت لشخصية أخرى وهي شخصية الصحفي جمال زغلامي).
مأزق الشخصية الروائية
يقول أمبرتو إيكو: "أعتقد أنّ رواية قصة ما تفترض بناء عالم" (ص 33 آليات الكتابة السردية) اِستوقفتني هذه الجملة لأنّها في نظري تقدم لي مدخلاً لقراءة الرواية؛ فأساس العمل الفني هو قدرته على (بناء عالم سردي)، ولا يكتمل هذا العالم إلاّ بشخصيات روائية تحمل في طياتها هذه الرؤية للعالم –عالم الرواية طبعا-. هنا تكتسي الشخصية الروائية دورها المركزي في أي عمل روائي، فهي ليست مجرّد حوامل فكرية أو أيديولوجية لكنّها أيضا جزء من البنيان السردي للرواية. فعظمة الروايات تكمن أيضا في تلك الشخصيات الروائية التي خلدتها الذاكرة الروائية، فكثيرا ما تطغى صورة الشخصية على صورة مبدعها.
منذ أن قرأت رواية الغسّال، اِنصب اِهتمامي على نحوٍ لافت على شخصياتها؛ فتتبعتُ تشكلاتها –شكلاً ومضمونًا– وركزتُ أكثر على بنية العلاقات بينها، التي تبدو لي هي الأهم؛ فالشخصية تتحدّد من خلال علاقتها بشخصية أخرى. أكيد أنّ الشخصية الروائية تتشكل اِطراداً مع زمن القراءة؛ هذا ما يمكن أن نُطلق عليه بالشخصية المُتنامية التي تتطور في العمل شيئًا فشيئًا، فنرى تحولاتها. لكن في رواية الغسّال أدركتُ أنّ شخصياتها تعاني من مشكلات فنية. دعونا نوضّح المسألة بطريقة منهجية: تبدأ الرواية بفصل بعنوان (السيدة ريكي): سنتساءل من تكون هذه السيدة؟ في هذا الفصل لن نكتشف عنها الكثير، بل سيكتفي السارد–الشخصية (جمال زغلامي) بوصفها بالسيدة الغامضة. الغريب في الأمر أنّنا لن نعرف عنها أي شيء بعد ذلك.
سمع بها لأوّل مرّة على لسان أحد أصدقائه الذين كانوا يقطنون معه في نزل نجمة البائس. ((سألت: "من هي هذه (مادام ريكي)؟"، قال: "لا أعرف، لا أحد يمكنه أن يجيبك أو يقدم لك سيرة ذاتية عنها، هي قد تكون شبحًا أو لغزاً، قد تشبه بطلة قصصك التي تتجدّد في كلّ حكاية مثل أسطورة، لكن هي امرأة حقيقية، تملك مفاتيح كثيرة، شخصيًا كنتُ أسمعهم يرددون اسمها في الميناء، في المكاتب، في أحلامي أيضا، رأيتها تهددني، رأيتها أكثر من مرّة تلاحقني، لا وجه لها، فقط هي صنيعة جهة ما، قد تكون مجرّد رمز أو مجرّد رقم سري، من يدري من تكون؟)) (ص30).
للوهلة الأولى، سيظن القارئ أنّ الفصل سيدور حول هذه المرأة الغامضة، وما سيدعم اِعتقاده أنّ الفصل يحمل عنوان (مادم ريكي). إلاّ أنّه سيتفاجأ بأنّ حضور هذه المرأة لا يعدو أن يكون مجرّد حضور سريع. سيبقى هذا السؤال: من تكون هذه السيدة؟ بلا إجابة، هو سؤال أبيض. وفي المقابل، كان من الممكن أن يكون عنوان الفصل هو (جمال زغلامي) لسببٍ بسيط: أنّ شخصية جمال اِستأثرت بالفصل كله، بل أنّ الفصل يتحدث عن قصة جمال منذ أن كان طفلاً في قريته الجبلية إلى أن يلتقي بالوزير، وحادثة حجزه ثمّ هروبه من قبو القصر. لماذا إذا أقحمت الرواية شخصية مادام ريكي، في حين أنّها لم يكن لها أي تأثير حاسم في البناء العام للرواية؟ ولأجل فهم دور شخصيات الرواية أكثر، ينبغي التعامل معها من عِدة زوايا: في أوصافها، وفي أفعالها، وفي خطاباتها. ناهيك عن إدراك النظام العلائقي الّذي يربطها ببعضها البعض. كأن نعرف مثلاً علاقة جمال زغلامي بالسيدة ريكي، أو علاقته بعلي الغسّال أو بهند أو بالوزير. وعلى هذا الأساس، يُمكن قراءة شخصيات هذه الرواية.
جمال زغلامي: شخصية مهمة بلا أي سبب مقنع
سنُلاحظ بادئٍ ذي بدء أنّ الرواية اِعتمدت على الوصف الذاتي لشخصياتها، ويُقصد به أنّ الشخصية هي من تقدّم نفسها، لنقف عند منظورها الذاتي أو الشخصي دون تدخل أي وسيط خارجي. فجمال هو من عرّف بنفسه، على غرار ما قام به علي الغسّال، وهند، والوزير. الأمر الّذي يعني بأنّ رواية الغسّال قد حرّرت الشخصيات من سلطة السارد الواحد. ومن ناحية أخرى، لم تكترث الشخصية برسم ملامحها الخارجية، بقدر اِهتمامها بالجوانب النفسية والعلاقات الاِجتماعية. فقد وصف جمال نفسه بأنّه تجاوز عتبة الأربعين من عمره، وبأنّه أعزب. ثمّ لم يُشِر إلى شكله الخارجي، بل ركّز على جوانبه النفسية والفكرية والعاطفية. اِنسجم هذا مع طبيعة السرد الذاتي الّذي كان قريبًا إلى الاِعتراف. والحقيقة أنّ جمال قدّم جملة من الاِعترافات الخطيرة، عبّر عنها بشكلٍ مُلتبس: أنّه أمام منعطف حاسم في حياته! فهو شخصية منعزلة، بسبب أنّ حدثًا خطيراً قد ألمَّ به، ما جعله يتوارى عن الأنظار، هاربًا من خطرٍ ما يتهدده. والأمر يتعلق بهروبه من قصر الوزير، ونجاته من المؤامرة التي حِيكت بالوزير لقتله. سنكتشف أنّ السرد يبدأ من الحدث الأخير، حدث الهروب من القصر، قبل أن يقوم جمال باِستعادة الأحداث كما وقعت متسلسلة. إنّ أخطر اِعتراف لجمال أنّ حياته هي مجموعة من الأوهام الزائفة، لهذا قرّر أن يتحرّر منها بكتابة قصته الحقيقية، وهو ما يوضحه من خلال هذه الفقرة: ((الحق كنتُ أكذب يوميًا على أكثر من صعيد إلى أن صدقتُ أكاذيبي الكثيرة التي كنتُ أروّجها هنا أو هناك في كلّ مرّة)).(ص11).
سنكتشف أنّ جمال صحافي وقارئ للأدب، لكن حياته ستأخذ مسلكًا آخر، بسبب قصة كتبها عن مدام ريكي، وبسببها سيتعرّض للضرب ثمّ الطرد من الجريدة. لقد ظنّ طويلاً أنّه الرجل الأهم في البلد! وأنّه المثقف الوحيد الّذي تهابه الدولة! وإلى حد الآن، ثمّة شيء غير مقنع في هذه الشخصية، أقصد ما الّذي يُبرر اِعتقادها أنّها أهم شخصية مثقفة في البلد؟ ما الّذي قدمه جمال كإنجاز حتّى يمتلئ بهذا الوهم الكبير؟. حاولتُ البحث عن سببٍ مُقنع يُبرر هذا الاِعتقاد، لكنّي لم أعثر عليه. ويا للأسف! حتّى أنّي صرتُ على يقين أنّ شخصية جمال هي ضحية وهمها فقط. ستتحوّل حياته بعد أن يلتقي بـ(هند) في ظروف سريالية، وهي من ستدفعه –كما قال- للخروج من جلده التعيس، ليكتشف زيف حقيقته.

في هذه الظروف قرر أن يروي قصته، بعد أن اِنقشع عنه الوهم، قصته مع (القصر) والأيّام العجيبة التي قضاها هناك، ثمّ سيروي عنها وهي المرأة التي وصفها أنّها خسرت كلّ شيء. أي خسرت حياتها. يطلب جمال منا –أي من القُراء الاِفتراضيين لقصته- أن نُصدق كلّ كلمة قالها؛ إنّه هنا يُؤسس لبروتوكول قراءة مبني على مطالبة القارئ بالتصديق، لنجد أنفسنا أمام جدلية الصدق في نص مُتخيل. فكيف يمكن قول الحقيقة في نص مُتخيل مبني على الخيال؟ إصرار جمال على تصديقه يُوحي بأهمية وخطورة قصته. سنبني أُفقنا كقُراء على هذا الاِنتظار. وهو ما سيؤكده بقوله ((ليست أوهامًا هذه المرّة، صدقوني!)).(ص12).
يلعب جمال على عواطف القُراء. يريدنا أن نصدق قصته. لكن هل راهنت الرواية، في المقابل، على إقناعنا بالصدق الفني لهذه الشخصية؟ سؤال راودني طيلة الرواية، لأنّي لمستُ خلخلة في البناء الفني لشخصياتها. لكن يفاجئنا جمال بأنّ قصته أيضا هي قصة (علي الغسّال). فداخل سردية هذه الشخصية سنكتشف شخصيات أخرى، سيأتي دورها فيما بعد لسرد قصصها الشخصية. ونقصد بها: الوزير، هند، الغسّال. في فقرة يضعنا جمال أمام طبيعة العلاقة التي تجمعه بهذه الشخصيات: يتحدث عن تخلصه من الغسّال؟ التخلص من أوراق هند التي تُدينه (بماذا تدينه؟ حتّى لو أنهيت الرواية لن تصل إلى معرفة سبب الإدانة). ((قالت بالحرف: ''هو أيضا يحبني، ولن يتقبل أبداً موتي أو رحيلي سيتهمك أنت. ومن يقتلني إن لم تفعلها أنت؟ أهرب بجلدك يا عزيزي، هو في النهاية غسّال الموتى، لا يرحم")).(ص13).
العلاقة معقدة إذا، وصلت إلى درجة القتل، بسبب حبهما للمرأة نفسها. اِلتقيا فعلاً وكان كلّ واحد يحمل رغبة في قتل الآخر. لكن إذا تتبعنا جيدا مسار تشكل هذه العلاقة الثلاثية لن نجد ما يُبرر كلّ هذا الحقد بين جمال وعلي الغسّال! فقد اِلتقيا في قصر الوزير بشكلٍ صدفوي (حتّى لو أنّ الغسّال هو الّذي اِقترح جمال ليكتب سيرة الوزير. لماذا جمال بالذات؟)، وتعارفا على بعضيهما، وهربا معًا، ولم يحدث طيلة هذه المدة ما يُوحي بأنّهما سيتقاتلان لأجل هند. ثمّ أنّ علاقتهما بهند كانت وليدة ذلك اللقاء السريع والمُرعب في القصر، ولا نفهم كيف وُلِدَ ذلك الحب. ما سيرويه جمال، إذاً، هو فجيعته التي عاشها طيلة سبعة أيّام من الخوف والترقب. ما الّذي حدث له؟ يعيش حالة كافكاوية عندما كان يشعر أنّه يتحوّل إلى حشرة قذرة في الليل. يتحدث جمال عن اِختطافه، ثمّ اِغتيال الوزير وهند، وهو وحده من يعرف الحقيقة، ثمّ اِختفاء علي الغسّال. ((قلقي مشروع، لأسباب أمنية أو عاطفية أو تاريخية. يهمني كثيراً ترتيب الحكاية من أوّلها إلى نهايتها، عندما يتناومون أكون بطلاً رابعًا في الحكاية نفسها. يحدث أحيانًا أن أتفق معهم لفك الرموز ونقاط الظل، (هند) تُلاعبنا، تظل هي المبتدأ أو المنتهى)).(ص18).
وفي مكان آخر، تحدث جمال عن صعوبة كتابته لقصته بسبب قسوة الأحداث التي وقعت له. بل وصفها بالأحداث السريالية (؟) هنا يجب أن أفتح قوسًا وأقول: حتّى السريالية والغرائبية تتأسس على منطق فني، وبذلك فاللجوء إليهما لا يعفيان الروائي من الاِلتزام بمنطق فني يشد أطراف الرواية جيداً. يعرّف جمال نفسه بنفسه، يسرد قصته الشخصية، فهو جمال زغلامي صحافي، أعزب تجاوز عتبة الأربعين. عاش حياة تعيسة، فكان شخصًا غير مرغوب فيه: ((أنا باِختصار: الشخص غير المحظوظ دائمًا، أحمل هوية الصحفي الفاشل)).(ص21).
عاش طفولته ومراهقته في إحدى قُرى منطقة إفري، حياة صعبة في قرية نائية، رسب في دراسته، قبل أن يتخذ قرار الهروب من قريته، والسفر إلى العاصمة: ((خرجتُ فجراً بلا أموال كافية، كلّ ما تمكنتُ من توفيره ورقة ألف دينار واحدة، ورحلتُ بلا مشروعٍ واضح)). (ص25).
كحال أي شاب ضاقت به حدود قريته، فاضطر إلى الهجرة إلى مدينة في حجم مدينة العاصمة، وهناك اِنتابه شعور بأنّه شخص غريب. عثرَ على عمل في مقهى المحطة، ثمّ اِستقر في نزلٍ حقير مع غُرباء أمثاله، إذ بدت العاصمة ملجأً للعابرين والهامشيين الهاربين من قُراهم البعيدة. لكنّه تمكن من الحصول على عمل في جريدة، لينضم إلى طاقمها الصحفي. وصف لنا جمال عالم الصحافة بأنّه عالمٌ موبوء، مليءٌ بالأحقاد والدسائس وحروب المصالح، فلم يستسلم لهذه البيئة، بل على العكس من ذلك ساير الأجواء، فاكتسب هو الآخر فنون الاِبتزاز، فكان يكتب مقالات مليئة بالمعلومات الكاذبة، ويختلق حوارات وهمية مع شخصيات لم يلتقِ بها أصلاً. يكشف جمال عن وجهه الآخر، ويُقدم لنا صورة مُربكة للكاتب الصحفي، الّذي يفضح مهنة الصحافة، خاصة وأنّ الكتابة الصحفية كما مارسها كانت تتأرجح بين الحقيقة والكذب. وأتصوّر أنّ جمال كان يحمل في داخله نواة روائي، إذا ما أخذنا الكذب في بُعده الفني. كما أنّي لاحظتُ مبالغة في رسم مشاعر جمال، فالوضع الّذي يعيشه في الجريدة، لا يستدعي أن يصل به الأمر إلى وصف الوضع بالكارثة التي ستدفع به إلى الجنون أو الاِنتحار. وإذا كان الأمر كذلك، فنحن أمام شخصية هشّة جداً، لا تحمل قوّة المقاومة، ولا تستطيع أن تُغير مصيرها. في هذه الظروف، طفت إلى السطح شخصية مدام ريكي الغامضة. ((هل هي شبح أو ساحرة؟ أو من تكون تلك التي تمنح اللّذة؟ ولمن؟ من تكون تلك التي شغلت بال الكثيرين؟)). (ص39).
لكن لا يبدو أنّ هناك من اِهتم بها، بل يبدو أنّ حضورها مع الوقت صار مُقحَمًّا أكثر ما هو حضور له وظيفة في الرواية. جمع جمال معلومات عنها (لم يخبرنا عن تلك المعلومات)، وجمع قصصًا غريبة عنها (لم يخبرنا عن تلك القصص). الشيء الوحيد الّذي أفصح عنه أنّ الذين يرتادون الفيلا هم من أصحاب النفوذ في الدولة. ثمّ كتبَ مقالاً عن تلك الأسرار الغامضة (التي أيضا لم يتحدث عنها) ثمّ تحوّل المقال إلى قصة وضع لها عنوان (التيه) وبسبب القصة طُرِدَ من الجريدة. بعد أن تعرض للضرب من طرف مجهولين. هل ضُرِب بسبب القصة؟ وإذا كان الأمر هو كذلك، ما الّذي كتبه حتّى يتعرّض للضرب الوحشي؟ الرواية تصمت. وعندما تقدم بالشكوى إلى مركز الشرطة، أخبرهم أنّ عدوه الوحيد هو مدام ريكي، وهذا في الحقيقة غير مُبرّر لأنّنا لا نعرف طبيعة العداوة التي نشأت بينهما، أكيد أنّه كان يقصد بسبب القصة التي كتبها. حتّى المحاورة بين جمال ورجل الأمن لم تكن مُقنعة إلى حدٍ بعيد. ((أي نوعٍ من الخصومة التي بينك وبينها؟
-كتبتُ قصة قصيرة عنها، سميتها بالاِسم، كان الأسلوب ناريًا، رئيس التحرير لم ينشرها بسبب نفوذها بالطبع، أشكّ في كلّ شيء الآن، لأنّي تلقيتُ أيضا مكالمات هاتفية بهذا الخصوص)).(ص41).
ومبلغ التناقض يكمن هنا: ((-فقط؟ وهل تعرف هذه السيدة؟
-لا، ولا مرّة رأيتها)).(ص42).
كيف إذاً يكتب عن اِمرأة لا يعرفها، ولم يلتقِ بها يومًا؟ وهذا طبعًا يُناقض ما قاله سابقًا أنّه جمع معلومات كثيرة عنها. بل تحدث عن الأسرار.(أية أسرار؟). بعد هذه التجربة الغريبة (؟) يعود جمال إلى مسقط رأسه (لا ندري مثلا كم لبث في العاصمة؟) يجرّ خلفه خيبة كبيرة ورضوضًا مؤلمة، غير أنّ سمعته سبقته، بعد أن بلغ مسمع سكان القرية أنّه كاتب وصحفي، ما جعله محط اِهتمام وتقدير. فاستغل الفرصة ليتحوّل إلى كاتب عمومي، يكتب رسائل سكان القرية وشكاويهم، وهي المهنة التي أدرت عليه ببعض المال، وانتشلته من وضعٍ مزر. لكن حياته ستنقلب رأسًا على عقب يوم يقف أمامه شخص ببذلة رسمية، يُخبره بأنّ وزير الثقافة يطلبه على الفور. بصفته صحافيًا. وهو ما استغربه. ورغم اِستغرابه ذاك، وافق على مرافقة الرجل الغريب، ليجد نفسه داخل سيارة مُتجهًا إلى مكان مجهول. أحس بأنّه اِرتكب خطأ (بعد فوات الأوان) بذهابه مع أشخاص يجهلهم، فدارت في خلده الكثير من الأفكار السوداوية، كأن يكون قد كذبوا عليه واختطفوه للقضاء عليه. (ستطفو مرّة ثانية قصة مدام ريكي في ذهن القارئ وليس في ذهن جمال). يصل إلى مكان إقامة الوزير، وكان قصراً من القصور القديمة وسط غابة. كان يُطلق عليه اِسم قصر الشيطان الّذي كان في الأصل مُلكًا للدولة قبل أن يهجّر، وتنسج حوله قصصًا مُرعبة عن الأشباح التي تسكنه. سيكتشف من خلال سكرتيرة الوزير أنّ السبب من قدومه هو أن يقوم بكتابة سيرة الوزير المريض، وستخبره أنّ كلّ الذين اِتصلوا بهم بغرض كتابة سيرته اِعتذروا. فجأةً داهمه وَهْمْ أنّه كتبَ سيرة الوزير، وصار مشهوراً. لكن حدث شيء غير متوقع (الرواية مليئة بالأحداث غير المتوقعة)، فإذا به يسمع صراخًا في بهو القصر، فعندما خرج ليستفسر عن مصدر الضوضاء، يجد نفسه أمام رجال أمسكوا به يهددونه بتصفيته، ومنهم من استولى على ملفات كثيرة الواضح أنّها تتعلق بملفات الوزير. (من يكون هؤلاء؟ الرواية لا تقول شيئا). لقد طلبوا منه أن يتعاون معهم، ويقدم لهم جميع المعلومات التي يريدونها. يبدو أنّهم جاءوا لأجل هذا الوزير، تمّ إرسالهم من جهةٍ مجهولة للبحث عن حقائق تهمهم، أمّا جمال فقد وجد نفسه في التوقيت غير المناسب، في عين إعصار لا عهد له به، وفي حرب لا ناقة له ولا جمل.
((لا علاقة لي بالسياسة أبداً. أنا أخوكم جمال، الكاتب العمومي، الحكواتي الّذي ينام في شبه غرفة، حكواتي سابق ونادل في مقهى المحطة بالعاصمة وصحفي سابق، كلّ ما في الأمر أنّي جئتُ إلى القصر في الساعة الخطأ لأساعد الوزير في تدوين مذكراته، إلى الآن لم يستقبلني. صدقوني، أنا تافه. أنتم تبحثون عن الشخص الخطأ لن أفديكم في شيء. أنا...)). (ص58).
تعرض للضرب المبرح، حتّى أُغمي عليه. ولما اِستفاق وجد نفسه في غرفة مغلقة برفقة رجل. سيكتشف على لسان الرجل أنّهما محجوزان في قبو القصر. وأنهما ضحيتا مؤامرة.
((خبرتي تقول أنّنا وقعنا في قلب المؤامرة، سنكون وقودها قريبًا، أنا وأنت يا صديقي في قلب الاِنقلاب الجاري تفاصيله منذ أوّل الليل)).(ص61).
أي اِنقلاب؟ ومن خطط له؟ ولأي غرض؟ هل سنجد إجابة للسؤال؟ سنكتشف بأنّ الشخص هو (علي الغسّال)، وكانت مهمته في القصر تتمثل في اِنتظار موت الوزير لأجل غسله وتجهيزه للدفن. وأخبره بأنّه هو من اِقترح عليهم اِسمه ليكون كاتبًا لمذكرات الوزير. أمّا الحوار الّذي جرى بينهما فلم يكن مُقنعًا. لا يعقل في ظل ظروف الحجز، وأجواء الخوف أن يتحدث علي الغسّال عن رغبته في تدوين هذه اللحظات، كأنّه كاتب روائي عظيم يملك نظرية حول الكتابة. لقد وصف الكتابة باللعبة، وأنّها مصدر للمتعة، لهذا سيكون أوّل ما سيقوم به عند خروجه هو كتابة قصته. لكن التناقض الّذي وقع فيه الغسّال أنّه قبل قليل فقط كان يتحدث عن الموت الّذي لا مفر منه. ((عندما أخرج من هذا القبر حيًا سأكتب قصتي)). وفجأة ((أعرف أنّي سأموت)). فليس هناك نسقٌ واضحٌ في موقف الغسّال من حاله. سيتطور الحوار بينهما على نحوٍ مُرتبك، فجمال يدافع عن أحقيته في أن يكون كاتب سيرة الوزير، ويذكره أنّه مجرّد غسّال الموتى، وأن الكتابة ليست مهنة غسالي الموتى. (هل الوقت مناسب لكلام كهذا؟). والواقع أنّه قبل مجيء جمال كان الغسّال قد دوّنَ ثلاثين صفحة من مذكرات الوزير. هذا يعني أنّه يتقن الكتابة (؟) وأنّه فعلاً قد دوّن جزءاً من مذكرات الوزير، وهو ما يُفسر ما تعرض له من اِستنطاق بعد اِقتحامهم للقصر. لكن هذا تفصيلٌ لم أفهمه جيدا. هل يعني أنّ القصر تمَّ اِقتحامه أكثر من مرّة؟
شخصية علي الغسّال: من مهنة غسل الموتى إلى كتابة السير
الاِسم الحقيقي (علي. ص) هو في العقد الخامس. مطلق، وأب لطفلين. يشتغل غسّالاً للموتى. ((لا حرفة لي سوى غسل جثث موتانا)).(ص69). بدأت علاقته بهذه المهنة لَمَا كان طفلاً صغيراً، لما رأى أوّل مرّة غسّالا أبهره لباسه الأبيض ووقاره. لكن هناك قصة أخرى يرويها عندما اكتشف شخصية من تاريخ الجزائر تدعى (علي الغسّال) حكم الجزائر في القرن السادس عشر. لكن كيف أثرت عليه شخصية لم يقرأ عنها إلاّ في قصاصة صغيرة في جريدة يومية؟ ومع هذا كان يحلم أنّه سينتمي يومًا إلى القصر ليموت مثل موتة هذا الحاكم. لقد أراد أن يكون غسّالاً ليكون يومًا رئيسًا!!. اِكتشف وهو في سن مبكرة (متعة) غسل الموتى! فمارسها واكتسب بفضلها بعض المال. لم تكن حياته بسيطة، بل نجدها تتشابه إلى حدٍ كبير مع مسار حياة جمال زغلامي (؟) فعلاقته المتوترة مع القرية، ومع والده تحديدا دفعت به إلى مغادرة القرية والاِستقرار مؤقتًا ببجاية. فشل في حياته الزوجية بسبب مهنته (غسّال الموتى)، لكن كلّ شيء تغير يوم جاء من سأل عنه، قبل أن يُقله إلى القصر. وهنا نلاحظ تشابه كبير بين جمال زغلامي وعلي الغسّال، فكلاهما وافق على العرض، وكلاهما اِنتابتهما الشكوك والمخاوف عندما كانا داخل السيارة التي أقلتهما إلى القصر. فلم يتمكن الروائي من بناء الشخصيتين وفق مبدإِ الاِختلاف والتباين. لقد اِستنسخ الشخصيتين على قالب واحد تقريباً.
يصل علي الغسّال إلى القصر، ليكتشف المهمة التي كُلف بها: ((ستسهر معنا من أجل راحته، هو يطالبنا بالمزيد من الحكي فنمنحه ما يريد، لكنّنا نتعب، بداية من هذه الليلة أنت أيضا معني بهذا الموضوع، الحكي، من الأحسن أن تحكي بشكلٍ مختلف عن قصص الموت والرعب، عن موتى وهم بين يديك، نريد منك المزيد من التفاصيل والتمثيل تجعله أكثر رعباً، نريد موته براحة)).(ص79).
سندرك أنّ للغسّال مهمة أخرى، تتمثل في سرد القصص عن الموتى، وذكر أخبار هؤلاء الذين مروا على يديه. والهدف أن يموت الوزير براحة؟. أصبحت مهمة الغسّال ليس غسل جسد الميت لكن سرد قصص الموت. هو أن يجعل الموت مجرّد قصة يمكن سردها. هل نفهم من ذلك أنّ السرد هنا لا يُبعد الموت بل يجعله أقرب؟ الغسّال نفسه لم يفهم طبيعة هذه الوظيفة: (ولو أنّي لم أفهم شيئا).(ص79).
سيكتشف بأنّ الوزير يُعاني من وضع نفسي صعب، هو الخوف من الموت، يعيش حالة هذيانية. فعندما علم بأنّي علي الغسّال يعمل غسالاً للموتى اِشتظ غضبًا. كما أنّه سيكتشف بأنّ الجميع في القصر يكذبون عليه، فلم يجد إلاّ أن يسايرهم في الكذب، فيذكر مناقب الوزير. فكرة كتابة مذكرات الوزير كانت من لدن علي الغسّال، فوجد نفسه متورطا فيها، لهذا سيباشر الوزير في سرد مذكراته التي ستشكل الفصل الثالث للرواية.
مذكرات الوزير... الحقيقة الملتبسة
تنتمي سردية الوزير إلى شكل المذكرات، ألقاها على علي الغسّال، ويُفترض أنّ هذا الأخير هو الّذي سيكتبها. سنتذكر بأنّ علي الغسّال قد أخبر جمال زعلامي بأنّه كتب ثلاثين صفحة من مذكرات الوزير، لكنّهم جاؤوا وأخذوها منه، بل وطلبوا منه أن ينساها. أهي خطيرة إلى هذا الحد؟ سنتعرف على الوزير من خلال سرده الذاتي. وضع الروائي عنوانًا للفصل، الّذي يُفترض أنّه عنوان مذكرات الوزير (كنتُ وزيرا). ينتمي الوزير إلى عائلة ثرية وهو حفيد أحد عملاء فرنسا. كان ضحية خيارات والده. تغيرت حياته عندما نشر خبر في الصحافة عن علاقته المشبوهة باِمرأة أودعت شكوى ضدّه. وعلى إثر هذا المقال أصدر قرار عزله عن الوزارة. ((الحكاية كلّها مجرّد تدوير للمناصب فيما بيننا، كنا نعرف هذا التدبير المهم من فخامة الرئيس. كان بإمكانه قول كلمة أخرى تجعلني سعيدا لساعة زمن على الأقل، جاحد!)). (ص96).
اللعبة، كما فسرها الوزير، كانت اِنقلابًا مدروسًا، وقرارا من أعلى هرم السلطة لأجل إزاحته. لكنّنا لا نعرف ما هو السبب الحقيقي وراء هذا القرار؟ أكيد أنّ الأمر لا يتعلق بعلاقته المشبوهة بامرأة. ((السلطة غير مأمونة الجانب، ترميك في أوّل منعرج خطير)).(ص99). وبسبب هذا القرار، والخسارات النفسية التي مُنيَ بها، اِنهارت فجأة صحته، ليجد نفسه أمام خطر الموت. ثمّ سيعود ليسرد قصته وقصة عائلته. كأنّنا نقرأ في قصة محايثة، يُمكن قراءتها مفصولة عن الفصول الأخرى فلا تؤثر. ما حاجة الروائي إلى سرد سيرة الوزير؟
صحيح أنّه تطرق إلى طريقة صعود طبقة اِجتماعية كانت في عز الثورة تقف إلى صف العدو، ثمّ تتقلد المناصب العُليا بعد الاِستقلال، فشخصية الوزير من هذه الناحية ينتمي إلى الفئة التي اِستفادت من الدولة الوطنية الحديثة، فعرفت كيف تتسلق في هرم السلطة. ثمّ أنّ نهاية الوزير، تعبّر عن طبيعة البيئة السياسية، وطبيعة الحروب الداخلية التي تنفجر في أعلى هرم السلطة، فتمّ التخلص منه دون أن نعرف تحديدا ما هو الخطأ الّذي اِرتكبه حتّى تتم تصفيته بهذه الطريقة. فهناك صمتٌ رهيب في الرواية بخصوص هذه النقطة بالذات. يعود السرد إلى جمال زغلامي، فيسرد قصة هروبهما من القصر، ولو أنّ الهروب تمّ بطريقة غريبة؛ فقد فرّا بشكلٍ بسيط (هنا تكمن الغرابة). وجدا الباب مفتوحًا، هربا وانتهى الأمر.
خلاصة: الواضح أنّ رواية الغسّال لجيلالي عمراني، تُعاني من ثغرات فنيّة كثيرة، على الرغم من أنّه كان يُمكنه التريث لأجل بناء شخصياته بناءً أكثر إقناعًا؛ فالشخصية هي من العناصر الأساسية في كتابة أي عمل روائي. فإذا اِختلّ بناؤها اِختل بناء الرواية ككل. كان يُمكن للروائي أن يستثمر في عناصر همشها في الرواية، مثل شخصية علي الغسّال العثماني، والسيدة الغامضة مدام ريكي، والقصر الغامض الّذي وظفه كديكور فقط لم يُساهم في خلق حالة الغموض الضرورية في النّص، وأتصوّر أنّ الروائي كان يُحيل إلى قصر كافكا. رغم كلّ الملاحظات التي قُدّمت خلال هذه القراءة، فهي تهدف إلى تنبيه الروائي إلى مواطن الضُعف في روايته، لأجل تداركها مستقبلاً، وإذا كانت هناك نقطة قوّة فيها فهي البناء الزمني للرواية، واعتماد الروائي على الفلاش باك، وتعمّده كسر خطيته. فضلاً عن ذلك، وظف أشكالاً تعبيرية أخرى مثل اليوميّات، المذكرات، التي تخللت الشكل العام للرواية.

الرجوع إلى الأعلى