يكاد يتفق المفكرون المحدثين بأن التراث وكيفية قراءة التراث هي إشكالية التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر بسبب الحضور القوي للتراث في الوعي الجمعي الإسلامي، ومن ثم فقد ارتكز مشروع حسن حنفي على تحقيق النهضة المعاصرة من خلال إعادة بناء الموروث الحضاري للأمة الإسلامية ولكن بصيغة عصرية تتلاءم مع واقعنا المعيش، لذلك فإن حسن حنفي في تعامله مع النص الديني والتراث، لا يرى حرجا في الدين والوحي، بل إنّه يسعى إلى أن ينقل الدين من الماهية المجردة إلى العقلانية الواقعية، لذلك سيستند في مشروعه على اعتماد العقل كوريث شرعي وحيد للوحي، ومن ثمّ إمكانية اعتماده ليس فقط في تـأسيس الإيمان بل في كل الجوانب الحضارية، بحيث يمكن نقل (الوحي الإلهي الذي يتجلى كمعطى مهاوي) إلى (العقل الإنساني الذي يتمظهر كحكمة أو نظريّة في الوعي الإسلامي المتجدّد)، بمعنى أن ينقل التراث كوحي إلى الإنسان كقارئ للوحي، ولهذا أطلق على مشروعه الفلسفي (التراث والتجديد)، هذا المسعى التجديدي –بالنسبة لحسن حنفي  رحمه الله –هو الذي سيخرج بالأمة من التخلف والانحطاط ويردم الهوة بين التراث والواقع، بحيث يكون قادرا على الدخول في تحديات العصر الرئيسية ووقف التغريب الذي وقع فيه بعض دعاة التجديد، ولذلك سيرتكز في مشروعه التنويري على ثلاث جهات: (1) الموقف من التراث القديم، (2) الموقف من التراث الغربي،(3) الموقف من الواقع (فهم الواقع الراهن).
وفي موقفه من التراث القديم يحدد حسن حنفي نوعين من التراث: تراث مادي موجود في المكتبات مخطوط أو مطبوع، وتراث شعوري يتشكل كمخزون نفسي على مستوى الوعي الجماهيري يوجه سلوكاتهم وتصرفاتهم، ويجعل من التراث «نقطة البداية كأسبقية ثقافية وقومية» من خلال «ضرورة إعادة تفسير التراث طبقا لحاجات العصر».

وباعتبار أن حضارتنا هي حضارة مركزية نشأت حول النص القرآني، ستكون قراءة النص (تفسيره) في البعث الحضاري من الأهمية بمكان، إذ يعتبر حسن حنفي النص «ليس وثيقة مدونة تشبه السجلات القديمة بل هو كائن حي في حالة سكون يبعث بالقراءة فيحيا من جديد وبأشكال جديدة» كما يمكن قراءته قراءة موضوعية، «ولا تعني الموضوعية هنا إرجاع النص إلى ملابساته التاريخية التي منها نشأ، بل إيجاد معنى له عام وشامل وثابت مطرد في الطبيعة البشرية يدركه كل إنسان في كل عصر وحضارة ببداهته العقلية»، بحيث تكون القراءة فهم «مباشر بغير ما حاجة إلى تفسير أو تأويل، فإذا استعصى الفهم البديهي المباشر نشأت الحاجة إلى التفسير أي إلى الفهم من الدرجة الثانية اعتمادا على منطق اللغة أو توجه النص (السياق) أو ضرورة الموقف أو روح العصر، فإذا ما اصطدم التفسير بمنطق اللغة وقوى توجه النص، وفرضت ضرورة الموقف نفسها، وعمت روح العصر ظهرت الحاجة إلى (التأويل)» ووجد حسن حنفي في المنهج الفينومينولوجي ضالته باعتباره المنهج الذي يساعد على كشف ماهية النص التراثي وتحليل الترسبات الفكرية التي أعاقت ونمطت الفهم.
ويظل « مصرا  على أن منهجه في قراءة التراث هو منهج تحليل النص التراثي الديني باعتباره تجارب حية، وأن مطالب العصر هي التي يجب أن تكون أساسا لتفسير وقراءة هذا التراث.

 

الرجوع إلى الأعلى