محمد عادل مغناجي

أنسج من نبتة القلب مهوى الطفولات الآتية
أغسل صفائيَ مرة أخراة
أغسل السماء القلبية البنفسجية
يتحدّر المساء كجديلة صفراء
في ذؤابة الفتاة التي أحبها
أعصر عصافير الذكريات
لأرسم بريشها هفيف الرّوح
وشجر النور المتراقص في مدائي الأخضر
وأرسم سور المنى
أتسلّق خفية منّي
إلى البستان الوردي الجميل
أغزل أنا وقصيدتي وجميلتي الساحرة
قصصا وقصورا ملونة
كأننا نسمات تذرفها الثواني البنية الحنونة
هذه الجائية من نجمة السماء
هكذا أواصل المسير بقدمين دامعتين
وبقلب منكسر الحروف والأغصان
أتفتّح من زهرة الدمع
كأنني حديقة مصوّحة
أفكّ-ومازلت-جديلتك
أنت أيتها الهاربة الراقصة في رمال الظلام والحب
المختبئة في ظنون المسير، وعلى وردة الغيب الضاحكة
فابتسمي لي
ابتسمي لي
أنا حبيبك الأزرق
أنا حبيبك البيراموسي التوتيّ
قطعة التوت البيضاء أنت
وشجرة الربيع قلبك الموشوج للفرحة والفتنة
أتسلق هذا الشعور الفياض
كأنه بحيرة في الغناء
أو نعمة آيكية تائهة في أذن الصدى
ومآذن العبير المهاجرة
أعود إلى الأمام قليلا
أغمس الوجه النوراني
في منديل التيه
وأغرسه كشجرة زيتون بريئة
في وجهك السرمديّ
في ليلك البئيس وأرجّع آهاتي الإنسانية الأولى
أندثر في ثوب طفولي
تقادم من بحر الصدق
أشقّ الطريق، ألتفّ بنفسي الذابلة
كوردة أيلول
أتفحّص المحيطات والشموس وخلطة الكواكب بداخلي
تتكسّر يدي في النداء
في ثلج المناداة
يتكلم الصوت الأصم في اللسان المزهر الحزين
وادخلي، فجوتي كصمم النجوم
وهوّتي كبيرة، وعيناها وسيعتان حمراوان
وأفقايَ متناقضان
متضادان
كبرزخ في الفرات
أو كقبرين لعاشقين عليهما جحيم العواطف نابت
أو كعينين داعجين لخريدة عربية قديمة
أنت من لوّنت أصابعي بالحنين
ولوّنت مفاتيح الكلام
بالسحر الأبديّ على الأبواب
ولوّنت عتبة الوجود بنور الحسن المتذاوب
وأنا كأطفال الحارات الطينية يعرصون فوق جزيرة آمالهم العائمة
يا أيتها الريح
ويكأني القلب في غفلة عن الحياة
كانت شحرورتها بجانبه
غمزته بعينها المدينة السوداء
وخزته بحرارة القبل من شفاه كالعسل
وأغرقته في حضنها
لكنه لم ينتبه:
العصافير كلمات
والنسائم جنان
تجيء وتلوح بالصلوات
والعطور
التنهدات حدائق مجبولة على الخلود
تحسّن وجه البكاء المتآكل
كتمثال تمنراستي جامد
يارفّة الاخضرار
يا غزل الصفاء الكوني
هاهي ذه خليتي
وصياصيّ الدافئة
تفترّ من جلدها ومواقدها
لنار الحيارى والحزانى والمتعوبين
وللفراشات الملونة في مسابح القلب وضفاف الذاكرة
فهناك سرير الربيع ووسادة الحنان.

الرجوع إلى الأعلى