أصدر مؤخّرا، متحف الفنون والتّعابير الثقافية التقليدية " قصر الحاج أحمد باي" بقسنطينة، أول كاتالوج تاريخي بعنوان :
"مدن ومعالم تاريخية بجدارية قصر الحاج أحمد باي بقسنطينة من خلال رحلته"، وهو عمل مستوحى من الرسومات الجدارية التي تغطي جزءا كبيرا من القصر، ليكون بذلك أول وثيقة تاريخية فريدة من نوعها تتدعم بها المؤسسة المتحفية و بطبعتين باللغتين العربية والإنجليزية.

قالت مديرة قصر الحاج أحمد باي، مريم قبايلية للنّصر، إن الكاتالوج الجديد الذي تم إصداره من قِبل مصلحة القصر، يُعد إصدارا جديدا وفريدا في إطار البحث و التوثيق والتأريخ لمكنونات المتحف، تناول موضوع الرسومات الجدارية الموجودة بأجزاء من القصر، في شكل وثيقة تاريخية منظمة وملونة، توثق لعدد من المدن والحواضر التي زارها الباي، خلال رحلاته الدينية لتأدية مناسك الحج بمكة والمدينة المنورة، فضلا عن رحلته السياسية كذلك، كدليل لانفتاح الجزائر على بقية دول العالم.
وأضافت قبايلية، أن هذا الإصدار موجه للقراءة والإطلاع، وحتى للبيع بسعر رمزي لمن يرغبون في الحصول على نسخة منه، وبالأخص زوار المتحف القادمون من بلدان أخرى، ولهذا تم توفير المطبوعة بالعربية والإنجليزية، ليتسنى للجميع قراءتها وفهم معانيها بسهولة لكون الإنجليزية لغة العالم. واستغرق إنجاز الكتالوج حسب المديرة، ما يزيد عن سنة، بين ترتيب وتنظيم الفكرة وجمع الوثائق والمعلومات التاريخية من الأبحاث السابقة رغم شح المصادر والمراجع التي تتحدث عن تلك الفترة من التاريخ، مشيرة في ذات السياق، أن المطالع للمطبوع سيتمكن من معرفة جل المدن التي زارها الباي والرحلات التي قام بها في حياته، بما فيها المدن الثلاث التي لا تظهر اليوم في جداريات القصر بسبب عمليات الترميم، وهي قسنطينة والجزائر وتونس، إذ تم الرجوع إليها بالاعتماد على صور قديمة أخذت خلال مشروع الترميم "ديكا زاد"، الذي قام به البولونيون في سنوات الثمانينيات.   
والهدف الأساسي من إنجاز هذا الكاتالوج حسب قبايلية، هو الحفاظ على تاريخ القصر لأطول فترة ممكنة والتأريخ لمجريات الأحداث التي مرت على جدران المتحف، والوقوف على أهم المحطات التاريخية للحاج أحمد باي، وتقصي الطرق التي سلكها دون غيرها من الرحلات، حتى يتسنى للأجيال القادمة الوقوف عندها والإطلاع عليها، فضلا عن كونه يندرج ضمن المهام الأساسية للمتحف، مضيفة، أن المكتبة الرئيسية للمطالعة والمتحف العمومي سيستفيدان من الإصدار أيضا، حتى يتمكن زوار المؤسستين من الإطلاع عليه، ويكون متاحا للباحثين والفنانين التشكيليين، للاعتماد عليه في بحوثهم الأكاديمية.  
وقالت المتحدثة، إن الإصدار افتتح بمقدمة شاملة تعرف بالفن الجداري الذي يعد أحد حقول الفن التشكيلي، الشائع في التاريخ قديما وحديثا، خصوصا وأن العناصر الزخرفية المعمارية على اختلاف تقنيات صنعها، عُرفت قديما بمهارة الحرفيين العالية، ولهذا تعتبر الرسومات الجدارية مع الخلفيات الجصية أكثر الفنون روعة وإبداعا، وهي متواجدة بقصر الحاج أحمد باي، مؤرخة لأماكن مختلفة من العالم، وتميزت بالألوان والأشكال الحيوانية والآدمية والهندسية والنباتية، فأعطت لوحات فنية هندسية وتاريخية، تحمل مواصفات دقيقة لحالة الأماكن والقصور والمساجد والمدن التي زارها الحاج أحمد في رحلاته المختلفة، مع العلم أن هذه الرسومات الجدارية ترجع إلى القرن التاسع عشر، وعرفت العديد من الترميمات على فترات مختلفة نظرا للتخريب الكبير الذي طرأ عليها أثناء الاستعمار الفرنسي.                 رميساء جبيل

الرجوع إلى الأعلى