صدرت عن منشورات المتوسط/ميلانو بإيطاليا، مجموعة شعرية للشاعر صلاح باديس، حملت عنوان «ضجر البواخر»، و هي الأولى للشاعر الذي ظلّ لزمن ينشر في بعض الجرائد الجزائرية والمواقع الأدبية العربية، وقد صدرت ضمن سلسلة منشورات المتوسط المسماة «براءات»، وهي مجموعة إصدارات خاصة فقط بالشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، أطلقتها المتوسط احتفاء بهذه الأجناس الأدبية.
وحسب كلمة الناشر، فإنّ عنوان المجموعةِ يُقدِّمُ مدخلًا مهمًا لها، إذ سيجدُ القارئ نفسهُ في مواجهةِ ضجر ثقيل يستقرُّ في حياة الشاعر ومدينةِ الجزائر على السواء، وكأنّ باديس، أرادَ أن ينقلَ صورةً عن حالةِ الجمود التي تعيشُها البلاد، والسّأم الذي يغلّفُ حياةَ الناس، من خلال نصوص اتّخذت من اليوميّ المُعاش، نمطًا لها. قدّمهُ الشاعرُ بلغةٍ بسيطةٍ، وأفكار سلسة، رغمَ القتامةِ الداخليةِ، التي تنطوي عليها القصائد، والتي لا يتأخّرُ القارئُ حتى يلتقطها.
بدأ باديس مجموعتهُ بما يُشبهُ الاستهلال، يقول فيه: «يُقالُ في اللغة الفرنسية قديمًا، إنّ فلانًا «عرفَ كآبة البواخر»، أي أنّهُ سافرَ كثيرًا و ركب البحر وعاش المغامرات. الكآبةُ تنتمي لقرنٍ مضى، كانت فيهِ السُّفنُ تبقى أشهرًا في البحر حتى تصل. أما اليوم، فالبواخرُ يُصيبُها الضجرُ في الموانئ».
«ضجر البواخر» مجموعة شعرية ضمت 18 نصًا، توزعت على 56 صفحةً من القطع المتوسط، امتزج فيها اتّصالَ السياسيّ والاجتماعيّ بالضجر، هذا الاتصالُ الذي لم يُرد الشاعر إخفاءهُ، بل سعى للتعبيرِ عنهُ بشكلٍ أكثرَ عمقًا وأشدّ ألمًا، من خلالِ الضجر.
نصوص المجموعة في أغلبها توشي ببعض الدلاليةِ العميقة، وتبوح بكثير من الضجر الذي يتعدى المألوف، حتى يصلَ إلى الكآبة واللاجدوى!، و أحيانا تفصح هذه النصوص على أنّ الضّجرَ أشدّ ألماً من الكآبة، وأمضى سلاحًا منها.
ومن أجواء المجموعة نقرأ: في قصيدة «أعلى رجل في المدينة»:
«أنتِ لم ترجعي من غُربتكِ
والمئذنة التي تُبنى على الكورنيش منذ عامين، لم ينتهوا منها بعد.
يقولون إنّها ستكون أعلى مئذنة في العالم،
لا أعلمُ إذا ما كان الأمر صحيحاً،
لكنّي أعرف
أنّ أعلى رجلٍ في المدينة اليوم
هو سائق الرّافعة التي تبني هذه المئذنة،
يُشرفُ على كلّ شيء من موقعه،
حتى أنّه يستطيع التّلويح
للسُفن الضجرة في ميناء مارسيليا
شمال المتوسط.»
نوّارة/ل

الرجوع إلى الأعلى