بعد تهاطل الأمطار و تساقط الثلوج، ظهر “الترفاس” أي  الكمأة ، و  انهمك البعض في البحث عنه، على سبيل التسلية، غير أن الكثيرين جعلوا منه مهنة موسمية و مورد رزق هام، ففطر الترفاس يباع بأثمان باهظة و الإقبال عليه كبير، إلى درجة أنه يثير دهشة وحيرة من لا يعرفه.
لقد بدأ  الترفاس يكتسح هذه الأيام بعض الأسواق و أرصفة عدد من الطرقات على يد باعة متجولين، خاصة بمدينتي الشريعة وبئر العاتر في ولاية تبسة، بعد تتالي سنوات الجفاف التي اختفى خلالها، لكن الأمطار والثلوج الأخيرة، التي عرفتها أغلب مناطق الولاية، أدت  إلى نمو هذا النوع من الفطر، الذي يظهر، حسب بعض الشيوخ، قبل 20 يوما من دخول الليالي البيض، إلى شهر مارس وسبعة في الأيام السود. يقطع عشاق “الترفاس” من المبتدئين والمحترفين والفضوليين، الذين يقصدون منطقة  الدرمون،  ببلدية ثليجان، مسافات طويلة،  من أجل النزهة و الفرجة و الاستمتاع بجني بعض حبات الترفاس باختلاف أحجامه وأنواعه، و منهم من يلتقط صورا تذكارية للطبيعة الخلابة التي صنعها تجدد الغطاء النباتي عند حلول فصل الربيع، لكن  الجميع تقريبا يبحث عن حبات الترفاس، في القرى، وإن كانت قليلة هذا الموسوم، وأشار بعض المهوسين بجمعها ، أن “الترفاس” مادة غذائية لها كثير من الفوائد تضاهي فوائد الجمبري و أنواع اللحوم الأخرى، كما أنها غنية بالبروتين بنسبة 13بالمئة، وتحتوي على الفوسفور والبوتاسيوم والصوديوم، و وردت فوائدها في الطب النبوي، حيث أن ماءها يصفي العين و يطهرها، وأن أكلها من غير إسراف له فوائد جمة. و تتفنن ربات البيوت في طبخ هذا الفطر، فمنهن من تسلقه في الماء والملح و هناك من تعده مع الكسكسي، لكن يظل “المرفوس” هو المفضل، حيث يتم طحن حبات الترفاس بعد سلقها أو طهيها على البخار، و تمزج بالزبدة الطبيعية.
تهافت على الترفاس
يسجل هذه الأيام إقبال كبير على هذه المادة ، رغم غلاء سعرها، الذي وصل إلى ألف و  500 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، فتجد باعة سوق وسط مدينة الشريعة  و بعض الساحات المعروفة ببئر العاتر، يضعون في الساعات الأولى من الصباح، حبات «الترفاس» في أكياس بيضاء، و لها شكل حبات البطاطا ، لكنها تميل إلى اللون الترابي، ويعرضونها أمام الزبائن، ولا يكاد ينقضي النهار، حتى تنفد السلعة، رغم اختلاف الأسعار وتباين الأحجام.
أكد باعة الترفاس للنصر، أنه عند حلول فصل الشتاء ونزول أولى قطرات المطر، يتناقل الناس أخبار الترفاس وأماكن ظهوره،  و يعتبر التجار الأوائل الذين يهرعون إليه، فيقصدون أماكن بعيدة للبحث عنه، و تحديدا بالمناطق التي يعلمون أنه متوفر بها بكميات قد تكون متفاوتة، بينما يقضي بقية المواطنين عطلة نهاية الأسبوع في الاستمتاع بالتنزه وسط الطبيعة و البحث عنه ، وهناك من يتلذذ بطعم الترفاس المشوي على الجمر، ليبقى «الترفاس» نباتا بريا يستعصي على الزراعة، ويتحدى أبحاث العلماء، إنه بلا شك معجزة من معجزات الخالق.
 ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى