قطعة سكر أو حلوى قد ترفع معنوياتك و تجعلك يومك الأول في المدرسة حلوا ، أما «السفنج» أو الخفاف فهي فأل خير وبركة و مع انتفاخ كل قرص عجين في المقلاة سيتوسع نطاق تفكيرك و تزيد قدرتك على الاستيعاب، هي كلمات سمعناها من أمهاتنا أو جداتنا و نحن صغار نهم بالالتحاق بالمدرسة لأول مرة، تجسيدا لعادات لا تزال العديد من الأسر متمسكة بها الى يومنا هذا، في حين طلقها الكثيرون وباتوا يصنفونها ضمن خانة التطير، مع ذلك فإنها كطقوس تبقى محمودة لأنها ترمز للفرح و تعد شكلا من أشكال الاحتفال بالعلم و بمكانة المدرسة في المجتمع.
تحضير نفسي بأسلوب شعبي
يعد التحاق الطفل لأول مرة بالمدرسة ، حدثا خاصا بالنسبة العائلات الجزائرية، التي تربط المناسبة  بعادات وطقوس يعتقد بأنها تجلب الحظ الجيد و تعد فأل خير على الطفل، خصوصا وأن هذا اليوم يعتبر الأهم في مشواره الدراسي و حياته بشكل عام، حيث تقوم الأسر بعدة تحضيرات، بغية وضع أبنائها في جو مريح بدءا باقنتاء ملابس و أدوات مدرسية جديدة لهم ، ناهيك عن إعداد بعض الأطباق التي ترتبط حسب التقاليد المجتمعية بمفهوم  « البركة و الخير» وهي طقوس تكرسها العديد من الأمهات والجدات بطريقتهن الخاصة، حيث تقوم الكثيرات بتحضير أبنائهن نفسيا للدخول إلى المدرسة، بإضفاء جو من الاحتفال في المنزل  لتحسيس الطفل أن الدخول الى المدرسة حدث مفرح و مناسبة سعيدة وهو ما من شأنه أن يبدد مخاوفه من الانفصال عن أمه، فيقبل على  الاندماج فعليا في المدرسة و المجتمع و اكتشاف عالم جديد.
الخفاف أو السفنج لضمان خفة و سرعة الفهم
السفنج أو الخفاف ، هو عبارة عن فطائر تقليدية، كثيرا ما تحضر احتفالا بالتحاق الطفل بالمدرسة لأول مرة،  وهي عادة تتشارك فيها غالبية الأسر الجزائرية عبر مختلف ربوع الوطن، حيث تحضر عادة عن طريق مزج الدقيق والخميرة و الماء وترك الخليط مدة ليتخمر جيّدا و يتضاعف حجمه، فيكون  بذلك انتقال الطفل من مرحلة إلى أخرى أمرا سلسا و سهلا.
و يعبر تحضير هذه الوصفة عن التفاؤل خيرا، إذ تتبرك بها الأسر و يراد بها خفة الرأس والقدرة على الفهم والاستيعاب أكثر، حتى أن هناك من يعتقدون بأن  الأطفال الذين لا يحظون بمثل هذا التقليد سيكونون أقل قدرة على الاستيعاب و أثقل فهما  و في بعض المناطق من الوطن يقال عن الطفل ثقيل الفهم « أن رأسه يابسة، لأن أمه لم تحضر له الخفاف..».
 أسر أخرى تحضر أطباق تقليدية مختلفة احتفالا بذات المناسبة، على غرار «الغرايف» أو «البغرير» أي «القرصة»، و طمينة الغرس و البراج أو المبرجة، وفي قسنطينة هناك أسر تحضر لأبنائها « الحنونة بالبيض»، وهي عبارة عن خبز منزلي حلو يزين ببيضة في وسطه، و قليل من السمسم، يحضر للأطفال في المولد النبوي و عند الالتحاق بالمدرسة.
السكر والماء لسنة دراسية  حلوة و سهلة
ومن العادات الشائعة صباح أول يوم من الدخول المدرسي،  إعطاء الطفل قطعة سكر ليضعها في فمه و تحديدا تحت لسانه مع  تجنب ابتلاعها، لتذوب ببطء، ليكون طعم السنة الدراسية  بنفس الحلاوة، كما أن هذا التقليد يرفع أيضا من معنويات الطفل و من نسبة السكر في دمه ما يزيده نشاطا و تركيزا و يجعله يحب المدرسة و يرغب في العودة إليها.
و عندما يهم الطفل بالخروج من المنزل باتجاه المؤسسة التعليمية تقوم الجدة أو الأم برش الماء خلفه، وهو باتجاه المؤسسة التعليمية، شريطة ألا يصيب البلل ملابسه، وهو طقس يمارس بشكل كبير في مجتمعنا و يرتبط بعديد المناسبات، كالزواج و الالتحاق بالوظيفة لأول مرة  و يوم الامتحان، و القصد منه تسهيل الأمور و جعلها بسيطة و خفيفة كالماء.
إعداد التلميذ مسبقا يسهل اندماجه في الوسط المدرسي
يؤكد المختصون النفسانيون، بأن هذه العادات رغم بساطتها و ارتباطها بالمعتقد الشعبي، إلا أنها تعد جزء من التحضير النفسي الجيد للطفل عند التحاقه بالمدرسة لأول مرة، وذلك ، و حسب ما ذهبت إليه المختصة في علم النفس التربوي فضيلة أورحمون،  فإن التكفل الجيد بالتلميذ في أول يوم تمدرس له، يعد نقطة مفصلية في مشواره التعليمي، يُبنى على أساسه مساره، موضحة بأن ترهيب الطفل و تعنيفه في أول يوم التحاقه بالمدرسة، يترك آثارا على نفسيته على المدى البعيد.
و أشارت الأخصائية إلى أن المهمة يجب ألا تقتصر على الأسرة فحسب،  بل يجب أن تشمل الأستاذ و حاجب المدرسة، مضيفة أن التحاق التلميذ لأول مرة بالمدرسة  نقطة مفصلية في حياته،  مشددة على إلزامية التكفل بالجانب النفسي و ذلك بتحضيره جيدا قبل الدخول إليها ، إذ يتوجب على الأولياء ترغيب أبنائهم في جوها و رسم صورة جميلة عنها، و عن الأستاذ، وعن  الأصدقاء الجدد.                            هـ/ط

الرجوع إلى الأعلى