تدخلت مصالح الأمن و الدرك خلال 48 ساعة الأخيرة، بكل من ولايتي قسنطينة و عنابة، لوقف عرسين كان مواطنون قد أقاموهما ، رغم حظر ذلك بقوة القانون، تفاديا لانتشار فيروس كورونا، بالمقابل انتشر فيديو على مواقع التواصل، لأفراد حضروا حفل زفاف بمدينة بسكرة، بينهم ضيوف من مدينة البليدة، كما لم تتوقف مزامير سيارات مواكب الأعراس طيلة اليومين الأخيرين، بمدينة الخروب و حامة بوزيان بولاية قسنطينة، رغم الخطر المحدق و صرامة القوانين، ما كشف عن نقص الوعي لدى فئة كبيرة من المواطنين الذين لا يزالون يتعاملون باستهتار مع الوباء ، و يعرضون حياتهم و حياة الآخرين للخطر، دون الشعور بالمسؤولية.
في عنابة أثار  حفل زفاف أقيم بإحدى قاعات الأفراح بوسط المدينة ، حفيظة المواطنين الذين قاموا بتصوير مقاطع فيديو و نشروها عبر مواقع التواصل، محذرين من مغبة هذا الانزلاق الخطير، لتتدخل مصالح الأمن مباشرة، و توقف التجمع، مع إخضاع 9 مدعوات للحجر الصحي.
و في حي  الجذور بقسنطينة، فرقت مصالح الدرك الوطني تجمعا لمواطنين بقاعة حفلات،تطبيقا لتعليمة غلق قاعات الحفلات و منع التجمعات، بما في ذلك الأعراس، حفاظا على الصحة العمومية، القرار يبدو أنه لم يرق الكثيرين الذين كانوا قد ضبطوا مواعيد معينة لإقامة أفراحهم، ففضلوا انتهاك القانون و المخاطرة بالاحتفال رغم كل شيء، وهو سلوك استهجنه مواطنون باتوا يؤدون دور الرقيب من خلال التنديد بمثل هذه التصرفات و الإخطار عن التجاوزات، عن طريق التواصل مباشرة مع الجهات الأمنية، أو نشر صور وفيديوهات عبر منصات التفاعل وبالأخص موقع فايسبوك.
و بالرغم من الضجة الكبيرة التي أثارها  العرس المقام بعنابة، الذي تحول إلى حديث للعام و الخاص على مواقع التواصل، إلا أن مواطنا من بلدية أولاد جلال بولاية بسكرة، لم يتوان أمس، عن نشر بعض المقاطع المصورة التي تبين إقامته لمأدبة على شرف ضيوف، بينهم قادمون من مدينة البليدة، بؤرة الوباء، كانوا قد حلوا بمنزله بمناسبة زفاف ابنته.
و ظهر المعني في الفيديوهات و هو يتحدث بكل ثقة، متحديا الجميع، كما سخر من حالة الذعر المسيطرة على الجو العام في البلاد، قائلا «كل شيء طبيعي و لا شيء يمكنه أن يقف أمام لذة أطباق الكسكسي باللحم و اللحم المحضر على البخار».
و أضاف «لا نخاف الكورونا ما يهمنا هو المعكرونة والحساء باللحم»، وقد انتشر الفيديو بشكل كبير عبر فايسبوك و أثار استهجانا واسعا، لدرجة أن هناك من طالبوا مصالح الأمن بالتدخل لمعاقبة المعني و متابعته قضائيا، بتهمة تهديد الصحة العمومية، ليتم بعد ذلك بسويعات، مسح المقطع المصور و سحبه نهائيا من نطاق التداول.
 ويبدو أن  الحملات التطوعية التي تقودها وسائل إعلام بمعية أطباء و ومواطنين و الكثير من المتطوعين، لم تؤثر على الكثيرين، رغم اتساع رقعتها، كما أن الحديث المتكرر عن ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس و الوفاة، لا يخيف البعض ممن اختاروا التعنت و الاستمرار في التعامل بتهاون مع الوضع، وهو ما يستوجب، حسب عدة آراء نشرها البعض على مواقع التواصل، تشديد إجراءات الردع و معاقبة المخالفين بالحبس، و حتى التشهير بهم.
الشيخ ياسين سوالمي إمام مسجد الاستقلال
الإسلام نهانا عن الضرر
عن موقف الدين الإسلامي من هذه السلوكيات، أوضح الشيخ ياسين بن مخلوف سوالمي ، إمام وخطيب مسجد الاستقلال بقسنطينة، بأن  عدم احترام القوانين و المخاطرة بحياة الآخرين، مخالفة لشرع الله، لأن في ذلك تعمدا لإحداث الضرر، و الإسلام نهى عن ذلك، و  جاء ،كما قال المتحدث ، بقاعدة واضحة، «لا ضرر ولا ضرار»، بمعنى أنه لا يحق للإنسان أن يضر نفسه أو يضر الآخرين، و الحفاظ على النفس يعتبر من أسس الدين، وعليه يتعين على المسلم أن يلتزم بالإجراءات التي يقرها الحاكم في ما يتعلق بالمصلحة العامة، لأنها نتاج عن اجتهادات يتفق عليها أهل العلم و أهل الدين على حد سواء، كما أن التسليم بقضاء الله و قدره، لا يلغي واجب الأخذ بالأسباب، لأن في ذلك اتقاء للمصائب، و الالتزام هنا بما يحدده ولي الأمر من إجراءات، يعد واجب، بدليل أن الصلاة في المساجد قد علقت من أجل الصالح العام ، والأهم من الاحتفال، حسبه، الرجوع الى الله و التضرع إليه، لكي يرفع عنا الابتلاء، وقد نهانا الله تعالى عن إلحاق الأذى بأنفسنا في قوله الكريم « و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» .
هـ /ط

الرجوع إلى الأعلى