أكدت سيدات أنهن يتحملن العبء الأكبر في فترة الحجر المنزلي بعد أن تحوّلت يومياتهن إلى ما يشبه الماراتون بين المطبخ و  صخب الأبناء و مزاجية الزوج، واشتكين من تعرضهن لضغط نفسي كبير نتيجة تزايد متطلبات العائلة وصعوبة إقناع الأطفال بالتزام البيوت، إضافة إلى سيطرة هاجس العدوى على تفكيرهن ما دفعهن إلى المبالغة في التنظيف واستخدام المعقمات.
النصر التقت بزوجات سردن تفاصيل حياة جديدة فرضها انتشار كورونا وكيف يجدن صعوبة في التحكم في الوضع وسط حالة الملل والتوجس السائدتين داخل العائلات
أمهات يخضن حربا نفسية لإقناع الأبناء بالحجر المنزلي
قالت سارة و هي ربت منزل و أم لأربعة أطفال كلهم متمدرسون بين الطور الابتدائي و المتوسط ، أن نفسيتها متعبة جدا بعد مرور قرابة أسبوعين من إقرار العطلة الاحترازية ، و كانت بالنسبة إليها أصعب مهمة هو كيفية إقناع أبنائها بعدم الخروج ، و أهمية الحجر المنزلي  الذي يقتضيه هذا الظرف الصحي الذي تمر به الجزائر و العالم  و التقيد بكل الإجراءات منذ اليوم الأول من خلال توفير كل  الحاجيات اللازمة لهذه الفترة لتجنب الخروج ،  لكن المهمة  حسبها تتعقد من يوم لآخر، حيث غالبا ما يلح الأبناء على الخروج ، بعد حالة الملل التي أصيبوا بها فكانت تبحث عن بديل حقيقي للشارع و الألعاب الالكترونية فعمدت إلى تحميل بعض البرامج الترفيهية على غرار برنامج لمسة المجاني الذي يوفر قصص وبرامج ترفيهية ، مع التركيز على مراجعة الدروس،  خاصة و أن أحد أبنائها سيجتاز شهادة التعليم الابتدائي هذه السنة .
من جهتها   خولة و هي أم لثلاثة أطفال و عاملة بإحدى الشركات الخاصة التي تعني بالشأن البيئي ، قالت في حديثها للنصر أنها لم توفق في مهمتها لتسيير شؤون البيت خلال هذه الفترة و تحديدا بالنسبة لأطفالها الذين لم يتفهموا الهدف من الحجر المنزلي ، رغم الشروحات التي تقدمها هي وزوجها لهم باستمرار ، و غالبا ما يرغبون في الخروج للعب أو الدخول في حالة بكاء هستيري بشكل يومي ، و هو في حد ذاته إشكال كبير زاد من تعقيد الأمر في ظل استنزافها لكل طرق التي من شأنها تسليتهم و شغل أوقاتهم بما في ذلك مراجعة الدروس.
  بين عمليات التنظيف و هستيريا التعقيم
أما  السيدة كنزة   فتقضي يوميا ساعات طويلة في عملية التطهير المضني و كذا تعقيم الأبواب و المقابض و النوافذ ،  بسبب هاجس وصول فيروس كوفيد 19 إلى المنزل ، مؤكدة  أنها تقضي ساعات النهار بين تهوية المنزل و تنظيف الأرضية بمختلف المعقمات و مواد التنظيف ،  و بين غسل الملابس  بشكل يومي و  الدخول إلى المطبخ لإعداد مختلف  الوجبات  ، خاصة و أن الطلب على الأكل قد زاد منذ بداية الحجر المنزلي و بقاء كل أفراد العائلة داخل البيت .
أما السيدة ليندة و هي ربة منزل و ماكثة بالبيت ،فقالت أنها أصيبت بحساسية جلدية بسبب الإفراط في استخدام مواد التنظيف ، حيث أصبحت تستعملها بشكل مفرط  ، حيث عمدت إلى إقتناء كميات كبيرة و تخزينها خوفا من نفادها  ، مضيفة أنها لا تتوقف بتاتا عن عمليات مسح الأسطح ،و المقابض طيلة اليوم مع حرصها الكبير على غسل الجميع لأيديهم  خاصة أبنائها الثلاثة  و تكرار العملية في كل وقت ، أما خديجة      فتعيش حالة من الوسواس و الخوف من وصول المرض إلى منزلها ، و بما أنها المسؤولة عن نظافة بيتها فهي تكرر مسح الأرضية بإستخدام سائل الجافيل لأكثر من مرة  و كلما زالت رائحة المنظفات تكرر العملية ، و حسب ما حملته تصريحات هذه العينة من النساء فقد تحولت النظافة إلى هاجس حقيقي بالنسبة للنساء ، و محور حديثهن عبر مواقع التواصل الإجتماعي إلى جانب الطبخ.
مزاجية الأزواج تعقد المهمة
أجمعت الكثير من النساء ممن تحدثنا إليهن أنه أمام صعوبة هذه الفترة و المسؤولية التي تتحملها المرأة ، سواء كانت عاملة أو ماكثة بالبيت ، فإن مزاجية الكثير من الأزواج قد عقدت   المهمة و سببت ضغوطات كبيرة عليهن ، بعدما وجد  عدد كبير من الأزواج أنفسهم مجبرين على قضاء ساعات النهار داخل البيت ، وعدم الخروج إلا عند الضرورة القصوى لقضاء بعض الحاجيات ، ليكون شغلهم الشاغل هو متابعة كل صغيرة و كبيرة داخل محيط المنزل مع التعقيب على كل ما يقوم به أفراد العائلة،   وخاصة الزوجة و قد يصل الأمر حد الشجار .
 السيدة حياة و هي أستاذة متقاعدة  تروي يومياتها مع  الحجر المنزلي ، حيث أن  زوجها المتقاعد و الذي شغل لسنوات منصب  إطار باحدى التعاونيات الفلاحية في قسنطينة،    تقبل الأمر بالنسبة له لم يكن سهلا في البداية ، حيث رفض فكرة الإمتثال للحجر نهائيا و قد بلغ الأمر حد التشاجر لكنه بدأ  بالاقتناع نوعا ما ، لكنه بالمقابل  تحول إلى  شرطي حقيقي  يراقب كل كبيرة و صغيرة ، و يقضي ساعات النهار متجولا بين الغرف و المطبخ و لا يتوقف عن تقديم الملاحظات ، بينما قالت السيدة سارة أنها سئمت من الكم الهائل من الملاحظات التي يقدمها زوجها خلال هذه الفترة ، و التي  تحولت مع الوقت إلى خلافات صغيرة و نقاشات قد تكون حادة في بعض الأحيان ، و أسبابها غالبا ما تكون تافهة ، إذ أن زوجها الذي يعمل باحدى شركات التبغ ببلدية  إبن باديس في قسنطينة  أصبح يراقب كل كبيرة و صغيرة، حتى أنه يرافقها داخل المطبخ   و يتابعها أثناء إعداد الطعام دون التوقف عن السؤال و الملاحظة ، بينما لا يتوقف عن توبيخ أبنائه و منعهم من اللعب و إصدار أي ضجيج ، مضيفة أنها عاشت أسبوعا من الضغط قد بدأ يتناقص بعودة زوجها للعمل خلال الفترة الصباحية بطلب من إدارة الشركة، و هذا  حال الكثير من العائلات التي تحولت إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار.  
عطلة الأمومة تنقلب إلى أشغال شاقة
 بالمقابل تحولت عطلة الأمومة للكثيرات إلى فترة للعمل بدل الراحة و التعافي ، بسبب الإجراءات التي تطلبتها فترة الحجر المنزلي و بقاء كل افراد العائلة  داخل المنزل من بينهم الأبناء ،  ما يعني مسؤولية إضافية ، و قالت السيدة ليندة إطار بمديرية التشغيل في قسنطينة و التي أمضت من عطلة الأمومة سوى شهر و بضعة أيام ،   أنها اضطرت إلى العودة من منزل الأب للبقاء في منزلها رفقة زوجها و أبنائها ، و هي تقضيها بين الأعمال المنزلية و طهي الطعام و مراقبة الأبناء و تلبية طلبات الزوج ، إلى جانب الاهتمام برضيعها الصغير ، و رغم عدم تعافيها كلية من العملية القيصرية لكنها وجدت نفسها مجبرة على القيام بكل هذه المشاغل ، التي فرضها هذا الظرف الإستثنائي ، لتتحول عطلة الأمومة من فترة لنقاهة إلى فترة لتأدية الأشغال الشاقة ، إلى جانب  حالة  القلق و الفزع الذي تعيشه كباقي الجزائريين  ،  و في ظل فرض حالة الحجر زاد من صعوبة الأمر بالنسبة إليها ، فهي حاليا لا تستطيع زيارة بيت أهلها لأخذ قسط من الراحة ،كما أن والدتها و بحكم مشاغلها داخل المنزل لم تتمكن من زيارتها كون والدها و شقيقها الصغير متواجدين بالبيت ما يلزمها البقاء معهم ، و هو حال شقيقتيها اللتان كانتا تزورانها بين الحين و الآخر لتقديم يد المساعدة و القيام ببعض الأعمال المنزلية من تنظيف و غسل الملابس و طهي الطعام ، لتجد نفسها وحيدة و مجبرة على تحمل مسؤولية عائلتها و تسيير شؤون المنزل في هذا الوقت الحساس رغم ظروفها الصحية.    
              هيبة عزيون  

الرجوع إلى الأعلى