فقدت عشرات العائلات بمنطقة القل غربي ولاية سكيكدة هذه السنة مصدر الرزق، الذي كانت تنتظره مع  حلول فصل الصيف لكراء  سكناتها للمصطافين القادمين من مختلف ولايات الوطن وتوفير من المال  ما يغطي حاجياتها في بقية أشهر السنة، خاصة مع ارتفاع أسعار كراء الشقق في السنوات الأخيرة .
 حيث يتم كراء شقة متواضعة  من ثلاث غرف بأسعار تتراوح  بين 3000 و 5000دج لليوم الواحد،  ويختلف ذلك حسب جاهزية الشقق  و موقعها القريب من البحر.
 فقدان  العائلات القلية لمصدر الرزق الموسمي،  جاء بسبب تفشي وباء كورونا،  وتأجيل افتتاح موسم الاصطياف لهذه السنة،  وبقاء قرارات غلق  الشواطئ في وجه حركة الاصطياف سارية التنفيذ إلى إشعار آخر،  وجاء  قرار منع التنقل بين الولايات  بسبب تزايد عدد الإصابات بفيروس كرونا يؤكد أن عودة الحياة الطبيعة مازالت مؤجلة  .
كورونا يسقط شروط  الكراء
يشترط الكثير من أصحاب المنازل والشقق المعروضة للكراء على مدار أشهر السنة بالقل على الزبائن من العائلات الخروج وإخلاء السكن في أشهر الصيف، من أجل  كرائها للمصطافين، لان أسعار كراء الشقة الواحدة من ثلاث غرف خلال أشهر السنة ضئيلة ، و  تكون بقيمة لا تتجاوز 15000 دج شهريا ، فيما تكون مغرية في أشهر موسم  الاصطياف، حيث  يتم تحصيل المبلغ المذكور خلال 3 أيام فقط .
 هذا الشرط المتعارف عليه يكون قد سقط  من قاموس كراء السكنات هذه السنة بالقل  بسبب جائحة كورونا، و  فضل الكثير من أصحاب الشقق والمنازل ،  التنازل عن الشرط و ترك الزبائن مواصلة الإقامة في الشقق في غياب الزبائن من المصطافين، في انتظار نهاية زمن كورونا.
البحر لم يعد مصدرا للرزق
ارتبط رزق فئة أخرى من العائلات القلية بالبحر و لم ينقطع يوما، حيث يمارس أرباب الأسر و الشباب البطال الصيد و بيع السمك، في غياب مؤسسات اقتصادية و فرص العمل، كما كانوا يعرضون المشروبات و المثلجات و المأكولات الخفيفة و السريعة  داخل أكشاك قرب الشواطئ خلال موسم  الاصطياف.
 في حين لم يعد البحر بالنسبة  للقليين مصدر رزق هذا الموسم، بعد غلق الشواطئ و منع المواطنين من التوجه إليها، و عدم تمكن أصحاب الأكشاك من فتحها نظرا للإجراءات الوقائية السارية المفعول، لتفادي انتشار عدوى كورونا.  الكثير من الشباب الذين كانوا يزاولون هذه المهنة منذ سنوات و يعيلون بها أسرا بأكملها، أعربوا للنصر عن أسفهم و حسرتهم، مؤكدين أنهم دخلوا هذه السنة في دائرة البطالين،  و ينتظرون بفارغ الصبر قرارات جديدة  تنص على استفادتهم من تعويضات، خاصة و أن بعضهم قاموا بكراء مساحات من البلدية، لإقامة الأكشاك طيلة سنوات، ودفعوا مبالغ مالية معتبرة، لا يمكنهم استرجاعها.
تمنارت... جنة تحولت إلى جحيم
  تعد منطقة تمنارت من بين أهم المناطق السياحية بالقل، التي كانت تستقطب أعدادا كبيرة من المصطافين من مختلف الولايات، بسبب هدوء المنطقة و تمتعها بمناظر طبيعية خلابة، تجمع بين اخضرار الغابة و زرقة البحر، لكن هذه السنة فقدت المنطقة الكثير من بريقها، و خسر سكانها الكثير من المداخيل بسبب تداعيات وباء كورونا، و الإجراءات المتخذة للحد من انتشار العدوى، فتحولت  جنة شاطئ تمنارت إلى جحيم، بسبب  تأجيل  افتتاح  موسم الاصطياف، و عدم تمكن سكان المنطقة من كراء سكناتهم أو فتح المطاعم و الأكشاك.
و خلال جولة النصر الاستطلاعية، كانت الحركة نحو الشاطئ قليلة جدا، مع تسجيل غياب شبه كلي  للزوار من خارج المنطقة، وحدهم بعض الشبان كانوا جالسين يناجون البحر، فيما أغلقت المطاعم و الأكشاك و مختلف المرافق الأخرى أبوابها.
التقينا هناك بعمي صالح، ابن مدينة القل، فقال لنا بأنه قام بكراء مطعم السنة الماضية لمدة 5 سنوات،  و قام بتجهيزه بكل المستلزمات، و ينتظر بفارغ الصبر رفع الحجر، واختفاء وباء كورونا و عودة حركة الاصطياف، من أجل لفتح المطعم و تدارك بعض الخسائر، نفس الأمنية تحدث عنها أغلبية سكان المنطقة، و كلهم أمل في انتهاء زمن كورونا دون رجعة قي القريب العاجل.
 بوزيد مخبي

الرجوع إلى الأعلى