القسم الثاني والأخير
* « فيـــروس كورونــــا كوفيد 19 أنموذجـــا» الجاذبية والتشويق.
الوضوح والضمنية، أي أن يكون موضوع الرسالة واضحا ومحددا ومنطقيا مع إبراز النتائج والأهداف اعتمادا على الأدلة والحجج المنطقية.
استخدام الاستمالات العاطفية، والتي تتضمن أحيانا الترغيب أو التخويف وإثارة المشاعر العاطفية التي ترتبط بالحس الإنساني.
تكرار الموضوع مع تنويع الشكل وذلك حتى لا يصاب الجمهور المتلقي بالملل
الاعتماد على الصور والرموز، وهذه الأخيرة تلخص وتكثف المعاني والمشاعر وتخلق عالما من الدلالات والرموز خاصة أننا أصبحنا في عالم تشكل فيه الصور والرموز معاني الأشياء.
مراعاة الوقت أو المساحة ومدى توفر الموارد المادية والإمكانات البشرية.
3 -مرحلة ما بعد الأزمة:
بما أن الأزمة هي حدث يترك أثارا بعدية بقدر ما يكون ذلك أثناء الأزمة، فإنه يتعين على فريق عمل الإعلام الأزموي أن لا يهمل هذه الحقيقة، ومن هنا يبرز دور الإعلام خلال هذه المرحلة فيما يلي:
إجراء عملية تقييم شاملة لإدارة الأزمة إعلاميا، مع التركيز على ضرورة استخلاص النتائج والعبر من تلك الأزمة.
عدم (إهمال) مباشرة عن الاهتمام بالأزمة بعد توقفها، وترك جمهورها في فراغ وعرضه للاستهواء والقلق قد تسعى جهات أخرى لملئه، خاصة أن الإشاعات في هذه المرحلة تلعب دورها الكبير والفعال في التأثير على جمهور الأزمة.
  ومن هنا يبرز مشكل آخر يتمثل في الإشاعات والتي يتعين على الإعلام أن يتصدى لها ويوجهها، فكيف يمكن لوسائل الإعلام أن تقوم بذلك؟ أو بالأحرى، ماهي الإستراتيجية الإعلامية التي يمكن وضعها للتصدي للإشاعات؟
الإعلام والتصدي للإشاعات والأخبار الكاذبة
يرى ألان سوفي في كتابه من الإشاعة إلى التاريخ بأنه: "خلافا لما يؤكده علماء الفيزياء فإن الإشاعات تسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء". إن المتأمل للنقاش والجدل القائم حول العلاقة بين الإعلام والإشاعات سوف يلاحظ أن هناك اتفاقا ضمنيا إن لم نقل صريحا حول أهمية دور الإعلام سواء في نشر الإشاعات أو مواجهتها والقضاء عليها، لكن الخلاف قائم حتما حول حجم هذا الدور وطبيعته، هل هو ايجابي أو سلبي والأخبار الكاذبة تكتسب مع الوقت قوة تتماسك حتى أمام حملات التكذيب التي تنطلق فيما بعد صدها، ربما لأن الكذب دوماً يحمل من الإثارة أضعاف ما تحمله الحقيقة، ومن أسباب انتشار ظاهرة الشائعة أو الأخبار المغلوطة حديثاً دخول استخدام أعداد مهولة لشبكات التواصل الاجتماعي من محدودي الثقافة والتعليم ومن صغار السن  والمراهقين ومن أصحاب الميول والهوى فالمستخدمين وعلى كثرتهم قد لا يعرف أغلبهم عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم والذنب الذي يتحملونه شرعا وقانونا بتدوينه تغريدة في (Twitter) أو في مدونته في ( Facebook ) ولا يعرف مدى صدق ما كتبه ودونه، أو حتى تشاركه، مما يعرض صاحبها للمسألة القانونية وللإجراءات الردعية  المؤدية إلى السجن في كثير من الأحيان خاصة أيام الحجر الصحي التي فرضتها الحكومة على الشعب لتفادي انتشار كرونا فيروس.
وباعتبار الجزائر من بين الدول الكثيرة التي تتعرض للأزمات والكوارث، ولأن حكوماتها على مدار تعاقبها على سدة الحكم قد عانت في وقت مضى وفي جوانب عديدة من نقص فادح في الهيئات والمصادر التي تعنى بهذا النوع من الأزمات والكوارث وبالأخص بعد كل الذي تجرعته الجزائر جراء تعرضها للعديد من هذه الأزمات المتباينة في الأثر وفي الشدة. ولعل أعظم تلك الأزمات والكوارث الناجمة عن غضب الطبيعة والتي أنهكت خزينة الدولة والمواطن في أكثر من موقع كفيضانات باب الواد 21/11/2001 ،والفيضانات التي ضربت مؤخرا ولاية غرداية في:01/10/2008  وكذا الزلزال الذي ضرب ولاية بومرداس في 11/05/2001 ناهيك عن الزلزال الذي ضرب عين تيموشنت كما لا ننسي كارثة الزلزال الذي ضرب ولاية المسيلة ، وفي خضم الكلام عن الكوارث والأزمات لا يمكن أن نتناسى أزمة العشرية السوداء التي ألمت بالوطن وخلفت وراءها مأساة وطنية لا نزال نتجرع مرارتها لحد اليوم بالإضافة الي الجائحة التي ألمت بالعالم "فيروس كورونا - كوفيد 19"    
فالإعلام الجزائري  وجد نفسه خلال الأزمات التي مر بها البلد مهما كان نوعها  باحتساب الأزمة الصحية الأخيرة تحت ضغط النظام العام السياسي، فالإعلام الجزائرى الذي يعتبر إعلاما فتيا مقارنة بإعلام دول الجوار بحكم  الانغلاق الإعلامي الذي كان فيه لقرابة خمسين سنة خلت ، وبحكم العشرية السوداء التي ألقت بضلالها علي المشهد الإعلامي ، قد تأثر كثرا وفي جوانب عديدة من عدم مواكبته لتطورات الحاصلة في المجال  و أصبح يلهث على المعلومة المحتكرة من طرف المؤسسات الحكومية تارة ومن أجل الحفاظ على نفسه لأنه كان مستهدف من جهة ثانية، دخل في دوامة مازال إعلاميوها يتجرعونها لحد اليوم.
ولعل فشل الإعلام الجزائري في المساهمة في إدارة الأزمات السابقة  مثل معالجة ملف العشرية السوداء ، أعطته تجربة أثبت من خلال معالجته الإعلامية المحترمة لتطورات  «فيروس كورونا -كوفيد 19» مواكبته لأطوار الأزمة ،وحاول تجاوز أسباب فشله السابقة كما يرجحه  البعض ممن ينتمون الوسط الإعلامي الخارجي والداخلي، ولا يرجع تقصير الإعلام الجزائري في معالجته للأزمات السابقة إلى تدني مستوى المهنية والاحترافية لرجال الإعلام الجزائريين أو عدم كفاءة مؤسسات الإعلام، وإنما ذلك راجع إلى جملة من الصعوبات والعراقيل التي نذكر من بينها:
-سياسة التهميش، وعدم القدرة على تثمين وتقييم دور وظيفة الإعلام في إدارة الأزمات.
-قلة المعلومات وصعوبة الوصول إلى مصادرها المتمركزة، مع تدفقها بشكل عمودي وهو ما يحد ويقلل من مصداقيتها.
 -استحواذ مؤسسات الإعلام الرسمية على المعلومة وركودها.
-إثارة الشكوك في وسائل الإعلام الخاصة، ودفعها باستمرار إلى ارتكاب الأخطاء المهنية
-غياب قنوات تنظيمية تتكفل بتأطير الخطاب الإعلامي والقضاء على الصعوبات التي تواجهه.
-تضارب المعطيات والجهات المخولة بتسيير الازمة .
وعليه فإنه يتعين على الإعلام الجزائري في ظروف الأزمة الحالية أو الازمات القادمة لا قدر الله، أن يتوخى المبادئ العامة التي وضعها علماء الإعلام والاتصال للتصدي لإدارة الأزمة بشكل فعال، وهذه المبادئ التي أوجزها الدكتور أديب خضور في ضرورة عدم الخلط بين ما هو سياسي وما هو إعلامي وان يكون واضحا ومفهوما أن العامل والمقرر في إدارة الأزمة هو السياسي، ويبقى الإعلام عاملا متغيرا وتابعا للعامل السياسي.
 لأن مهمة السياسي في وقت الأزمات تتمركز حول تحديد الاستراتيجيات والأهداف، ووضع المنطلقات وتحديد أسس إدارة الصراع والأحداث ومجاراتها  في وفق نمط سياسي معين، وترك تسيير كل ما هو إعلامي في مسائل تخص الإعلامي وحده، فبالرغم من زيادة وتطور الاهتمامات النظرية والعملية لإعلام الأزمة، فإن الاهتمام بهذا المجال في الجزائر ما يزال محدودا للغاية ويمثل بدايات رائدة تحتاج إلى المزيد من البحث والدراسة من جهة والربط بين المجال النظري والعملي من جهة أخرى. ولا شك في وجود عقبات عديدة تواجه تطور بحوث واستخدامات إعلام الأزمات في الجزائر، لكن تكفي الإشارة إلى عدم وجود جهة أو مركز بحثي متخصص قادر على متابعة الأزمات، وإجراء بحوث ودراسات ميدانية أثناء مرحلة إدارة الأزمة، كذلك ضعف علاقات التعاون والتنسيق بين الجهات التي تقوم بالتخطيط لمواجهة الأزمة ووسائل الإعلام المختلفة وغياب إعلام  الأزمات عن مناهج التدريس والتدريب في كليات وأقسام الإعلام والاتصال وفي إدارة العلاقات العامة ووسائل الإعلام المختلفة إلا ما تشهده كلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر العاصمة من استحداث فروع جديدة في تخصص الإعلام وإدارة الأزمات.
  فالطالب في أقسام الإعلام أو الصحفي عادة ما يجري تدريبه على الإعلام في المواقف العادية

والطبيعية، ويمارس أنشطة معينة تتكرر من فترة إلى أخرى، وبالتالي قد يصيبه الارتباك والحيرة عند مواجهة أزمة ما، لأن هذه الأخيرة فجائية وقليلة الحدوث وقد لا يتكرر حدوثها إلا على فترات متباعدة.
حقيقة أن للإعلام دور جد هام في إدارة الأزمات، وبقدر ما يكون دور ايجابي قد يكون له أيضا دور سلبي وذلك بأن يزيد من شدة توتر موقف الأزمة ويكون ذلك في حالة سوء استعماله من قبل المتحكمين فيه، وبهذا نقول إنه بإمكان الإعلام تسيير إدارة أو إنتاج أزمة.

الرجوع إلى الأعلى