يعرف سوق كراء المساكن الجاهزة و الشقق المفروشة بالمدن الساحلية منذ أزيد من أسبوع، إقبالا منقطع النظير من طرف مواطنين يتمنون قضاء عطلة صيفية و لو متأخرة، بين مطرقة لهيب الأسعار و سندان محدودية البدائل، لعطلة ضاع معظمها، تحت رحمة جائحة كورونا.
استقبل الجزائريون قرار إعادة الفتح التدريجي للشواطئ ، في إطار إنقاذ موسم الاصطياف الجاري، بفرحة عارمة ، أنستهم معاناتهم مع الحجر الصحي المفروض، ضمن الإجراءات الوقائية، في إطار الحد من انتشار فيروس كوونا، ليدخلوا في سباق مع الزمن، قصد إنقاذ ما تبقى مما يفترض أنه عطلة صيفية، عبر ضبط مخططات و وضع برامج تتماشى و خصوصية كل فرد، من أجل الاستمتاع بالموسم الذي ينتظره الجميع طوال العام.
سباق كراء المساكن
مع إعادة فتح الشواطئ، قرر الكثيرون استثمار ما تبقى من العطلة الصفية، فانطلقت رحلة البحث عن مساكن أو شقق للكراء بالمدن الساحلية، مقابل إنزال عروض متنوعة عبر كامل الساحل الجزائري، لسماسرة أثلج صدورهم قرار إنقاذ الموسم، فيما أفرغت أسر مساكنها و عرضتها للكراء بنظام الليلة الواحدة، لفائدة الأسر القادمة من باقي مناطق الوطن.
و يسجل سوق كراء المساكن لموسم الاصطياف حركية كبيرة، تعكسها الأعداد الهائلة للعروض التي جرى تنزيلها عبر الإنترنت، و كذا الإعلانات التي يتم تعليقها في الشوارع و الأحياء و التي عادت للظهور مجددا، مع تسجيل إقبال مكثف، تعكسه الاستفسارات و الحجوزات التي يسجلها أصحاب هذه المساكن بشكل يومي، حسبما أكده لنا بعض الذين اتصلنا بهم،  مشيرين إلى أن الحجوزات تمت بشكل سريع، لفائدة الكثير من الأسر التي تناوبت على ذلك، إلى غاية نهاية شهر سبتمبر ، حسب صاحب أحد المساكن بمنطقة الصابليي بقلب مدينة بومرداس.
حجوزات رغم ارتفاع الأسعار
أكدت بعض الأسر التي قامت بحجز مساكن على مستوى بعض المدن الساحلية، خاصة بمنطقة الوسط الجزائري، أنه و بعد الانخفاض الكبير في أسعار استئجار المساكن خلال فترة الحجر الصحي التي استغلها البعض، اصطدموا بارتفاع الأسعار فور الإعلان عن الافتتاح التدريجي للشواطئ، حيث أوضح السيد أحمد أنه استأجر منزلا بولاية تيبازة مقابل مبلغ 8000 دينار لليلة الواحدة، بعد أن كان سعر كرائه قبل نحو شهر 5000 دينار فقط.
في المقابل تسجل الشقق و البيوت المخصصة للعرسان أعلى أسعار الإيجار بعد أن أصبحت تنافس أفخم الفنادق، إذ بلغ سعر كراء بعضها 13000 دينار لليلة الواحدة، و على الرغم من توفرها على مستلزمات الراحة من أجهزة كهرومنزلية و مسبح، إلا أنها شكلت صدمة لمن يفكرون في التوجه للمساكن المفروشة، هروبا من ارتفاع الأسعار بالفنادق، حسب بعض العرسان الجدد.
و على الرغم من ارتفاع التكاليف، إلا أن الكثيرين قرروا المغامرة، على أمل إنقاذ عطلة على مشارف النهاية، يأملون في الاستمتاع بها و لو لفترة قصيرة، بعد تقليص مدة الكراء من 15 يوما إلى أسبوع فقط، مثلما فعلت أسرة السيدة حدة، حيث اعتبرت الأمر فرصة يجب استثمارها و لو قليلا، على حساب الميزانية، خاصة و أن الجميع، كما قالت، بحاجة ماسة لهذه العطلة من أجل التخفيف من الضغوطات الناجمة عن فترة الحجر المنزلي ، حسبها.
أسر تلجأ للتخييم و أخرى تكتفي بخرجات نهاية الأسبوع
بين ضيق الوقت و تقلص مدة موسم الاصطياف هذا العام و ارتفاع أسعار الكراء، توجه البعض إلى خيارات بديلة، قصد الاستمتاع بعطلتهم الصيفية على طريقتهم، حيث لجأت بعض الأسر للتخييم في الغابات المحروسة، مثل السيد سليم الذي أكد أنه نظم عطلة لمدة أسبوع كامل، رفقة مجموعة من أصدقائه و بعض أفراد العائلة الكبيرة، يقضونها بغابة شطايبي بولاية عنابة، داخل خيم عائلية يشرف على تنظيمها بعض الشباب من أبناء المنطقة  يوفرون مختلف المتطلبات من مراحيض، حمامات و حتى مطابخ.
السيد سليم أكد أنه لم يزر المنطقة منذ سنوات، لكن الظروف الراهنة أعادته عل أمل الاستمتاع بالموسم بميزانية أقل، خاصة و أن تكلفة الليلة الواحدة لا تتجاوز 1500 دينار، كما تنازلت بعض الأسر عن الكثير من الامتيازات بالمساكن و قصدت بيوتا لا تتوفر على  كافة التجهيزات المطلوبة، و بعيدة نوعا ما عن الشاطئ، فلا شيء أهم هذا العام من السباحة و العطلة، مهما كانت الظروف.و بما أن ميزانية الكثيرين لم تسمح لهم هذا الموسم بكراء شقق جاهزة و لو لأسبوع واحد، مثلما قالت السيدة إكرام، فإن عائلتها قررت الاكتفاء بالتوجه إلى الشاطئ خلال عطلة نهاية الأسبوع، و ذلك أفضل من لا شيء، فارتفاع التكاليف جعل أسرتها تتنازل عن عادتها السنوية بكراء شقة مفروشة بولاية جيجل، و قررت الاكتفاء بخرجات نهاية الأسبوع، فالمهم هو السباحة و الاستمتاع بمياه البحر، كما أكدت السيدة إكرام، كما أن عائلتها ستغير وجهاتها و تنوعها في نهاية كل أسبوع، بدل قضاء العطلة بولاية واحدة فقط.
و في انتظار تحسن الأوضاع، يبقى الأمل في إنقاذ ما تبقى من العطلة الصيفية هاجس و حلم ، يسعى كل واحد لتحقيقه على طريقته، حسب قدراته المادية التي تأثرت كثيرا بالجائحة و عواقبها.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى