سجلت مختلف شواطئ ولاية بومرداس، نهاية الأسبوع ، إنزالا بشريا لمصطافين من مختلف ربوع الوطن، في ظل خرق تام لإجراءات التباعد، من قبل  مصطافين بدوا و كأنهم يعيشون في زمن ما قبل أو ما بعد الجائحة، أو كأنه موسم الوداع الأخير.
تشهد شواطئ ولاية بومرداس بعد أسبوع من قرار إعادة فتحها التدريجي، إقبالا قياسيا، فاق كل التوقعات، و حطم كل الأرقام القياسية التي كانت تسجلها هذه الأماكن خلال مواسم الاصطياف السابقة، حسب قائمين على بعض المرافق بها، لم نكن نتوقع أثناء جولتنا العدد الهائل من المواطنين الذين بدوا و كأنهم يودعون موسم الاصطياف إلى الأبد، و قد اكتسحوا الشواطئ بمركباتهم، خيمهم، شمسياتهم، و حتى أفراد أسرهم الذين أحكموا قبضتهم على المكان، و وقعوا حضورا مكثفا، لترسم صورة تشبه الصور التي نشرتها وسائل الإعلام و مواقع التواصل لأعداد هائلة من المصطافين على شواطئ شيكاغو الأمريكية، غطوا الرمال و المياه.
“كورونا غير موجودة على الشواطئ”
لا يمكن أن تصدق و أنت تزور الشواطئ خلال هذه الأيام أن الجزائر تعيش أزمة صحية، و تشن حربا ضروسا ضد فيروس أعجز أعظم الدول، فبعد حالة التقيد و لو كانت متباينة بالتدابير الوقائية طيلة نحو خمسة  أشهر، يبدو أن الجزائريين قرروا التمرد على كل ذلك، و خرجوا عن عباءة الوقاية حفاظا على الحياة الشخصية و سلامة الآخرين، هذا ما لمسناه على شاطئ “ليصالين”، أحد أكبر و أشهر شواطئ دلس، بولاية بومرداس.
و على الرغم من اشتراط الالتزام بإجراءات التباعد الجسدي و ارتداء الكمامة على الشواطئ، إلا أن المواطنين ضربوا عرض الحائط بكل التدابير من أجل متعة ساعات على شواطئ حرموا منها لفترة من الزمن، و تشكل في نظرهم المتنفس الوحيد بعد فترة حجر أنهكتهم بتراكماتها، فلم نجد ولا فرد واحد يرتدي الكمامة، الأمي و المثقف، الشاب و الشيخ، المريض و السليم، على قدم المساواة في التمرد على الإجراءات الاحترازية.
المواطنون شنوا هجوما جماعيا و وضعوا  شمسيات متلاصقة، و كأنها في سوق شعبي، أما عن المياه فحدث و لا حرج، تجمعات و أشخاص تلاصقت أجسادهم بمكان لا يتسع لآلاف المواطنين الذين أنستهم زرقة المياه و الرمال الذهبية، أنهم لا زالوا يعيشون في زمن الجائحة، بينما قرر  كثيرون إهمالها و لو على الشاطئ في خطوة للتخفيف من تبعات أزمة طال أمدها.
خرق الإجراءات الوقائية لم يكن فقط على الشواطئ، بل امتد حتى إلى المحلات التي تنتشر عبر المدن الساحلية، فقد كان أغلب الباعة لا يضعون الكمامات، كما أنهم تخلوا عن إجراء التباعد الجسدي داخل المحلات، حالهم حال الزبائن الذين لا يفكرون سوى في الحصول على ما يرغبون فيه من مواد، و التوجه سريعا إلى الشاطئ ، من أجل الظفر بمساحة صغيرة في أماكن لم تشهد إقبالا بهذا القدر من قبل، حسب بعض سكان منطقة دلس.
مواطنون يقتحمون شواطئ مغلقة
يبدو أن الاشتياق لملامسة مياه البحر، قد سيطر على عقول الجزائريين، فعلى الرغم من أن قرار فتح الشواطئ قد شمل 22 شاطئا فقط من أصل 48 شاطئا على مستوى ولاية بومرداس، إلا أن المواطنين كسروا كل القواعد باقتحامهم كافة الشواطئ دون استثناء، فلا فرق لديهم بين الشاطئ المفتوح و المغلق، فبدلس مثلا ، لم يتم فتح سوى شاطئ «ليصالين1»، إلا أن المواطنين سبحوا بكل الشواطئ بأعداد هائلة.
و بعد أن كانت قضية النظافة من بين أولويات المصطافين، إلا أن هاجس السباحة و لو لفترة قصيرة هذا الموسم، جعل الكثيرين يغفلون هذا الجانب، ما تعكسه حالة الشواطئ التي وقفنا عليها خلال جولتنا الاستطلاعية، فالنفايات متراكمة في كل مكان، و غطت حتى المياه، في غياب حاويات القمامة عن كل الشواطئ دون استثناء،  مما جعل دخولها أمرا غير مريح في بعض النقاط ، مثل شاطئ «حجرة الزاوش» و شاطئ «كاب جنات»، كما أن نقص، أو بالأحرى غياب التهيئة بهذه الشواطئ،  سواء تعلق الأمر بمواقف السيارات، أو المرافق، مثل المراحيض و الحمامات، قد بدا واضحا بشكل كبير .
من جانب آخر، تجاوز المصطافون بخروقاتهم كل القوانين و القرارات الولائية المتعلقة بموسم الاصطياف، فعلى الرغم من رفع الراية الحمراء و البرتقالية عبر الشواطئ مثل «ليصالين» و «حجرة الزاوش» بدلس و «كاب جنات»، إلا أن المكان كان جد مكتظ بأشخاص قرروا أن يسبحوا «ضد التيار» و يخاطروا في عرض مياه ، يعد دخولها غير آمن على حياتهم، و على الرغم من أننا وجدنا عنصرين من الحماية المدنية على الشاطئ، إلا أنهما لم يتدخلا و اكتفيا بمراقبة المشهد عن بعد، كما سجلنا غياب عناصر الأمن و لم يمنع أي مسؤول المواطنين من السباحة.
طرقات مغلقة و أسعار تحرق جيوب المصطافين
أدى الإقبال الكبير على الشواطئ خلال هذه الأيام، إلى بروز فوضى كبيرة عبر مختلف المدن الساحلية، خاصة عبر الطرقات المؤدية إلى الشواطئ التي تشهد حركة مرور كثيفة و اختناقا قد يجعلك تقف عند نقطة واحدة لأزيد من ساعة من الزمن، بينما تشهد المسالك المؤدية إلى الشواطئ انسدادا، خاصة عند أوقات الذروة سواء في الدخول أو الخروج منها، و من الممكن أن تبقى لأكثر من ساعتين قبل الخروج.
و في ظل غياب الرقابة الأمنية عبر هذه النقاط، سيطرت الفوضى على الحركة، فسجلنا الركن العشوائي و التسابق عند الخروج، دون احترام الأولوية أو الأدوار في ذلك، ما أثار حفيظة المصطافين، و أفرز مشاحنات و ملاسنات كانت تستدعي التدخل في كل مرة من طرف المواطنين لفضها.
من جانب آخر، تميز الموسم المتأخر هذا العام، بفرض أسعار وصفها مواطنون ب”الخيالية” في ما يتعلق بالطعام أو المشروبات قرب الشواطئ، و ذكر البعض غلاء سعر الدجاج المشوي الذي يباع مقابل 600 و 800 دينار للدجاجة الواحدة، بينما يقدر سعر الكيلو غرام الواحد من الدجاج النيئ 140 دينار فقط، و كذلك الحال بالنسبة للمشروبات الغازية، العصائر و المياه، و حتى الخبز يباع بـ20 دينار للخبزة الواحدة، في ما يشبه “سوق سوداء للطعام و الشراب على الشواطئ” ، على حد تعبير مصطافين،  و تعتبر  الظاهرة من بين النقاط السوداء بالنسبة للموسم الجاري، في ظل غياب الرقابة.                   إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى