تثير الظواهر المشينة، كانتشار القمامة و التجول بكباش المصارعة، التي برزت في شواطئ ولايات الجزائر الساحلية، بعد أيام من فتحها أمام المصطافين، موجة استياء على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعرب روادها عن أسفهم لتفشي سلوكات غير حضارية و مسيئة، تنفر السياح، داعين لانتهاج أساليب ردعية من شأنها الحد من هذه الظواهر.  
بعد إقرار فتح الشواطئ، شهدت الولايات الساحلية إقبالا ملفتا للمصطافين، الذين وجدوا ما يخفف عنهم توتر و قلق شهور من الحجر المنزلي، و ارتفاع درجات الحرارة، فتوافدوا بأعداد كبيرة على الشواطئ، ابتداء من أول يوم من فتحها التدريجي، فشهدت اكتظاظا ملفتا سجله نشطاء بعدسات هواتفهم النقالة ، و تناقلها الكثيرون على حساباتهم الشخصية، و المؤسف أن المصطافين أغرقوا الشواطئ بفضلات الأكل، و أنواع القمامة ، كما ملأوا حظائر السيارات بقارورات المياه التي استعملوها لتنظيف أقدامهم من الرمل، بدل التخلص منها في سلال القمامة.
تشويه جمال الشواطئ بالقاذورات، أثار استياء العديد من الراغبين في زيارة الشواطئ و الجلوس أمام البحر لارتشاف الشاي أو تناول المثلجات، في المساء أو في السهرة، غير أن مناظر أكياس القمامة الملقاة بشكل عشوائي في كل مكان حرمهم من ذلك.
قالت سلاف، أستاذة في التعليم المتوسط بسكيكدة، في منشور لها عبر حسابها على فايسبوك « قصدت البحر ليلا،  تجنبا  للاكتظاظ الذي يشهده طيلة النهار، و للتمتع بمنظره الرائع، لأصطدم بالأوساخ المرمية هنا و هناك، شعرت بحسرة قاتلة لما آل إليه الوضع و لغياب الضمير الجمعي، فهي مظاهر لا تنم سوى عن انعدام التحضر و غياب المسؤولية الجماعية»، مضيفة بأن ما شاهدته دفعها للمغادرة ،مفضلة  التجول بالسيارة ، بدل الجلوس أمام البحر.


كورونا درس للتخلص من المظاهر السلبية
صور القمامة المرمية بشواطئ الوسط و الشرق الجزائري، تناقلها رواد الفضاء الأزرق على نطاق واسع، معربين عن أسفهم الشديد لما آلت إليه جزائر اليوم، حيث قال أحد النشطاء «إن تفشي وباء كورونا و حرماننا من أساسيات الحياة التي كنا ننعم بها ، درس كفيل للتخلص من سلوكاتنا غير الحضارية، في مقدمتها رمي الأوساخ»،  فيما تحسر آخرون لانعدام المسؤولية و استحضروا صور الزمن الجميل الذي كانت هذه الظواهر غائبة عنه.
«لم نكن نشاهد مثل هذه السلوكات، حتى في أحلك الظروف  كسنوات العشرية السوداء»،  علقت الأستاذة الجامعية و الإعلامية حسينة بوشيخ ، مضيفة في منشور على حسابها على فايسبوك « في التسعينات و رغم أن البلد كان يعيش وضعا أمنيا مضطربا، أذكر أن شواطئ مدينة سكيكدة،  حيث قضيت طفولتي و جزء من مراهقتي، كانت نظيفة وجميلة، كنا نفضل شواطئ جان دارك الرملية الممتدة، كانت تبدو لي كجزيرة معزولة، ولأننا كنا نحب جمع الأصداف البحرية المتنوعة، كنا نطلب من أبي أن نبتعد أكثر عن شاطئ مدينتها الذي تحفه فيلات صغيرة وأنيقة، عمرانها جميل و متقن و تتدلى من أغلبها ورود وكروم، وبعضها فيه مقاه و مساحات علوية للمرطبات و الآيس كريم مفتوحة على البحر ، كانت جان دارك جنتنا التي نبكي فراقها في نهاية الصيف،  و نحلم دائما بالعودة إليها ،  كبرنا وغادرنا تلك المدينة البهية، بكم كبير من الذكريات الجميلة،  أما المنظر الذي لا أذكر أني كنت أشاهده في طفولتي، هو منظر الأوساخ و القاذورات في موقف السيارات، ظاهرة مقزّزة اليوم في كل الشواطئ،  كل شخص يحمل معه قارورة ماء كي ينظّف رجليه، ثم يلقيها على الأرض حيث يقف تماما و يركب سيارته كي لا يوسخها، متجاهلا أنه يوسخ بلدا بأكمله!».


أحصنة تسبح و أخرى تثور و تحدث هلعا
لم يتوقف الأمر على الأوساخ التي تخلفها العائلات مكان جلوسها، فبعض الشباب، يصطحبون الكلاب إلى  الشواطئ ، و حتى كباش المصارعة، كما لاحظنا في صور تم تناقلها على أوسع نطاق من قبل نشطاء، و حتى من قبل إعلامين و فنانين، نذكر منهم الفنان رضا سي تي 16 الذي نقل صورة لشاب امتطى حصانه و دخل به إلى البحر، وسط دهشة المصطافين، فيما تبرز صورة أخرى شابين مرفقين بكبش مصارعة، بالإضافة إلى صور أخرى للقمامة المنتشرة في كل مكان، و أعرب الفنان في منشور له عن استيائه لما آلت إليه السياحة في الجزائر، داعيا إلى  عدم رمي الفضلات في  شاطئ البحر.
و شهد أحد شواطئ الوسط الجزائري، حادثة وثقتها كاميرا أحد المصطافين و تم تداول مقطع الفيديو عبر مواقع التواصل، فقد أصيب حصانان بحالة هيجان،  و لم يتمكن صاحبهما من تهدئتهما و الإمساك بهما، فداسا كل ما صادفاه في طريقهما من لوازم المصطافين الذين هربوا خوفا من أن يصابوا بمكروه.  
أ بوقرن

الرجوع إلى الأعلى