يعتبر طبق ‘’ بويشة’’، سيد الأطباق بعاشوراء عند الجواجلة، و كانت العائلات سابقا لا تستغني عنه ، حتى أنه يعرف بطبق الفقراء، بسبب إمكانية تحضيره من قبل الجميع، لكن خلال السنوات الأخيرة بدأ الطبق يغادر موائد الجواجلة، لعدة أسباب، أبرزها ارتفاع أسعار التمر الجاف و الدشيش.
المتجول عبر مختلف محلات بيع  المواد الغذائية عبر مدينة جيجل، يلاحظ نقص السميد الخشن “ الدشيش” و كذا التمر الجاف، بعد أن كانا يعرضان عبر مختلف المساحات التجارية بكميات كبيرة، و تزينها، و تقبل عليهما النسوة مع اقتراب عاشوراء.
وقد كن يخترن بعناية التمر و الدشيش، حتى أن بعض المحلات كانت معروفة لديهن، بجودة المادتين ، و قالت سيدة، وجدناها بأحد المحلات التجارية، بأنها ظلت تبحث عن التمر الجاف و الدشيش لمدة يومين، وقد وجدتهما بمحل تجاري بحي موسى، “ للأسف مع مرور الوقت صرنا نبحث عن التمر و السميد من محل لآخر، و الكثير من أصحاب المحلات، أضحوا لا يجلبونهما بسبب ارتفاع أسعار التمر الجاف و السميد الخشن، و عدم إقبال العائلات عليهما”.
و أضافت أنها ترغب في تحضير “ بويشة” لإرسالها لابنتها المتزوجة حديثا، وفق العادة المنتشرة بالمنطقة، و أعربت عن أسفها ، لأن جل العادات تلاشت، بسبب ارتفاع سعر المادتين الأساسيتين المستعملتين في بويشة، حيث يقدر سعر الكيلوغرام الواحد من الدشيش بـ 80 دج، و التمر الجاف يفوق سعره 180دج للكيلوغرام الواحد، بالإضافة إلى المقادير المضافة، على غرار زيت الزيتون، و يكلف طبق وزنه كيلوغرام، حدود 400 دج، كما قالت المتحدثة.
و ذكرت المتحدثة أسبابا أخرى، على غرار ارتفاع درجة الحرارة، و وفاة النسوة اللائي كن يحضرن الطبق تدريجيا، و التقينا بالمحل التجاري، أحد الشباب يسأل عن سعر التمر الجاف، و أخبرنا بأن شقيقته بحثت عنه عبر مختلف المحلات التجارية دون جدوى، مشيرا إلى أن العادة قد تلاشت بمرور الوقت.
و أوضح صاحب محل تجاري بحي موسى، يبيع التمر و الدشيش، بأنه جلب كمية قليلة فقط و عرضها على الزبائن،  مفضلا عدم المغامرة، بشراء التمر الجاف، لأن سعر الجملة مرتفع ، و في حالة جلبه، يخشى عدم شرائه من قبل العائلات ، بسبب ارتفاع سعره، و ندرة هذه المادة  مشيرا، إلى أنه قام بجلب كميات مرتفعة في السنة الفارطة، لكنه لم يستطع بيعها، ما جعله يوزعها على أفراد عائلته.
و بخصوص طرق  تحضير الطبق، قالت لنا أخصائية الطبخ المحلي زهرة عبدي، أنها تختلف، حسب ربات البيوت، مضيفة» تحتفظ النسوة عادة بأمعاء أضحية العيد، بعد غسلها و إضافة الملح لها و تجفيفها، ليتم استعمالها في إعداد طبق بويشة، و ذلك قبل يومين من حلول عاشوراء، بمزج كمية من السميد الخشن و نفس الكمية من التمر الجاف المنزوع النواة، و يشكلان ضعف مقدار زيت الزيتون المستعمل ، مع الملح و الماء. بعد ذلك يتم حشو الأمعاء المجففة و المملحة بالمزيج، ليتم طهيها».
و أشارت المتحدثة بأن طريقة التحضير هذه تقليدية قديمة، و لم تعد ربات البيوت تقبلن عليها، حيث تم استبدال أمعاء الأضحية بأوعية، مثل القارورات البلاستيكية أو الحديدية،  مع الحرص على عدم ملئها بالكامل ، كما أن مدة الطهي أصبحت أطول تصل إلى حدود  8 ساعات ، و اعتبرت هذه الطريقة غير صحية قد تتسبب في مضاعفات خطيرة.
    كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى