تزامن فتح الشواطئ أمام المصطافين، مع عودة باعة “المحاجب” و الفطائر “لي بينيي” إليها، في موسم يسابقون معه الزمن، لتحقيق مداخيل لاستدراك ما ضاع منه، في ظل استمرار تفشي وباء أعلنوا تمردهم عليه، بالعمل دون أدنى إجراءات الوقاية، و عرض مأكولات تعرف عزوفا نسبيا.
“محاجب سخونين، لي بينيي”، عبارة تكررها أصوات أطفال طوال اليوم على الشواطئ في موسم اصطياف متأخر، على أمل بيع ما تحمله أكتافهم الصغيرة من منتجات تجتهد أمهاتهم و أخواتهم في تحضيرها، من أجل توفير دخل إضافي ، غالبا ما يساهم في دعم الميزانية العامة، لسد تكاليف المدرسة أو مناسبات أخرى.
عودة قوية مقابل عزوف نسبي
بعض الباعة بدأوا العمل قبل الإعلان الرسمي عن الفتح التدريجي للشواطئ، حسب ما شاهدناه في بعض شواطئ العاصمة و بومرداس التي اقتحمها مواطنون رغم الحظر، إلا أن العودة الحقيقية كانت مع الفتح الرسمي، حيث خرج الباعة بقوة لتغطية احتياجات المصطافين على الشواطئ، حاملين منتجات متنوعة تبقى حلويات “لي بينيي” و المحاجب الأكثر طلبا بينها.
و قد أكد أحدهم أنه و في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الباعة في شاطئ “ليصالين” ببومرداس هذا الموسم، إلا أن البيع قليل جدا، موضحا أنه و بعد أن كان يبيع أكثر من 150 قطعة “بينيي” في اليوم الواحد، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم يعد يبيع حتى نصف العدد المذكور، في ظل ما اعتبره عزوفا من مواطنين لم تعد هذه المنتجات تسيل لعابهم.
مصطافون يتسلحون بـ”بينيي المنازل”
اقتربنا من بعض الأسر التي وجدناها على الشاطئ للاستفسار عن سبب نقص الإقبال على هذه المنتجات، فأكدوا أن الخوف من كونها غير نظيفة و تعرضها لأشعة الشمس لفترة طويلة، جعلهم يقلعون عن شرائها، خاصة في هذه الفترة التي ينتشر فيها فيروس كورونا، فهناك احتمال أن من يحضرها و يبيعها حامل للمرض، كما أن أسعارها إرتفعت بالمقارنة مع العام السابق، إذ تباع الحبة الواحدة من هذه الحلويات بـ40 أو 50 دينار، بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 30 دينار الموسم الفارط، و هذا من بين الأسباب التي قلصت الطلب عليها.
من جانب آخر، أوضحت بعض ربات البيوت أن تحضير هذا النوع من الحلويات، سهلا ، و من لا تتقنه الوصفات متوفرة بكثرة عبر الإنترنت، ما جعل الأسر تفضل المأكولات المنزلية على ما يباع في الشارع، خاصة و أن السيدات يتفنن في إعدادها و إدخال إضافات عليها تمنحها نكهة و تميزا، مثلما قالت السيدة سعاد ، مؤكدة أنها تحضرها لخرجات الشاطئ، بعد أن كانت تشتريها من الأطفال بسعر مرتفع، كما أن بعض الأسر، تتقدم إليها بطلبيات لتحضيرها لها قبل الخروج إلى الشاطئ، ما يفسر سبب نقص الطلب عليها من الباعة المتجولين.
باعة مأكولات الشواطئ قد ينقلون إليك الفيروس
موسم الاصطياف يأتي هذا العام في ظرف صحي استثنائي، فبالرغم من إجبارية التقيد بإجراءات الوقاية، إلا أن الباعة، لم يلتزموا بها، حسبما وقفنا عليه في بعض الشواطئ، إذ يزاولون نشاطهم بصورة عادية، و كأن الوباء غير موجود، فلا يتقيدون بوضع الكمامة، و لا التباعد الجسدي، سواء في ما بينهم أو مع الزبائن، فضلا عن أن الكثير منهم يتعاملون مع منتجاتهم بشكل مباشر، من خلال لمسها و الإمساك بها بأيديهم و تسليمها للمصطافين الذين تنسي اللهفة الكثير منهم إجراءات النظافة و الوقاية.
و يحذر الأطباء من خطر عدم التقيد بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا في موسم الاصطياف، إذ يشكل التعامل مع الباعة مخاطرة حقيقية، خاصة و أنه من غير الممكن معرفة طريقة تحضير هذه المأكولات، و هل تمت في إطار احترام شروط النظافة، كما أنه لا يمكن التأكد من سلامة من يحضرها من الفيروس، مما يجعل نقل العدوى أمرا واردا ، حسبما أكدته الطبيبة العامة سراح لعيور، داعية إلى الابتعاد في هذه الفترة عن الأكل خارج البيت، و تجنب مأكولات الشاطئ تحديدا، تفاديا لما قد تسببه من أمراض يبقى كوفيد 19 ، أخطرها في هذه المرحلة.
و بعيدا عن خطر كورونا، يستمر هؤلاء الباعة في مزاولة نشاطهم وسط ظروف تعتبر غير مناسبة، إذ يقضون ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، مما يعرضهم لضربات الشمس، و يجعلهم قابلين للإصابة بأمراض جلدية و حروق خطيرة، إضافة إلى تعرض الكثير منهم للاعتداءات، خاصة من طرف فئة الشباب، مثل السرقة كما قال أحد الأطفال ، مشيرا إلى أنه و بقية الباعة الصغار يتعرضون ل”الحقرة” ، من قبل بعض الشبان الذين يستولون على منتجاتهم و يرفضون دفع ثمنها، لتبقى بذلك “تجارة” مأكولات الشاطئ و ممارسوها دون حماية و لا رقابة، في فترة تستوجب الكثير من الحيطة و الحذر من طرف الجميع.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى