يقوم الأطباء بمصلحة جراحة الأعصاب و المخ بالمستشفى الجامعي فرانتز فانون بولاية البليدة، بأزيد من 1500 عملية جراحية على المخ و النخاع الشوكي سنويا، بالرغم من أن هذه العمليات معقدة ودقيقة، و قد تستغرق العملية الواحدة 8 ساعات.
و تعد مصلحة جراحة المخ و الأعصاب مصلحة مرجعية في هذا الميدان وطنيا و إفريقيا، كما أنها من أهم المصالح الاستشفائية بالمستشفى الجامعي فرانتز فانون بالبليدة، و رغم الطابع الجهوي للمصلحة، لكنها تستقبل المرضى من كل جهات الوطن، و العديد من المرضى يفضلون مصلحة جراحة المخ بالبليدة على مستشفيات أخرى، كونها تحولت إلى مرجع في مجال العمليات الجراحية النوعية و المعقدة.
باقي المصالح الطبية الأخرى بمستشفى فرانتز فانون تعج بالمرضى، سواء في قاعات الانتظار أو في محيطها، لكن مصلحة جراحة الأعصاب يسودها الهدوء، وصادفنا أثناء تواجدنا بالمصلحة عددا قليلا من المرضى، و لا أثر للفوضى التي تتسم بها مصالح أخرى بذات المستشفى.
حسب البروفيسور الجراح سهيل طليبة، رئيس مصلحة جراحة المخ و الأعصاب بالمؤسسة الاستشفائية، فإن هذه المصلحة المرجعية في جراحة الأعصاب، أنشئت سنة 1984 على يد البروفيسور أبو يوسف خير الدين الذي يعد أول رئيس لمصلحة جراحة الأعصاب بذات المستشفى.
البروفيسور طليبة الذي شغل منصب رئيس مصلحة جراحة الأعصاب سابقا بمستشفى بجاية، و عميد كلية الطب بنفس الولاية، أكد أن مصلحة جراحة الأعصاب عرفت تطورا وازدهارا كبيرين و نموا سريعا جدا، مشيرا إلى أنه يتم التكفل سنويا بأزيد من 1500 عملية جراحية، رغم الطابع المعقد لهذا النوع من العمليات، فكل خطأ قد يكلف المريض حياته أو يصاب بإعاقة إذا لم يتوف، ولهذا يتطلب هذا النوع من العمليات الجراحية دقة أكبر من غيرها من العمليات الأخرى، كما تستغرق بعض العمليات 8 ساعات، و يضطر الطاقم الطبي إلى التكفل بعملية جراحية واحدة في اليوم، إذا كانت معقدة.
استخدام أجهزة متطورة في الجراحة
أضاف البروفيسور طليبة الذي شغل أيضا منصب رئيس مخبر الهندسة البيولوجية للسرطان بجامعة بجاية سابقا،  بأن المصلحة سايرت التطور في ما يتعلق باستخدام التجهيزات الطبية، مشيرا إلى أنها تتكفل حاليا بإجراء عمليات جراحية بالمنظار بأجهزة جد متطورة، و لها خبرة كبيرة في هذا المجال الذي بدأ الأطباء في استخدامه بهذه المصلحة في سنة 1991، و تستعمل اليوم تقنيات جد متطورة، مشيرا في ذات السياق إلى أن جراحة المخ تتطور بطريقة سريعة جدا، و تواكب  المصلحة دائما هذا التطور السريع.
 تكوين أطباء  من دول أفريقية   
لا تكتفي مصلحة جراحة المخ والأعصاب بإجراء العمليات الجراحية فقط، بل هي مرجعية أيضا في مجال التكوين، حيث استفاد عدد من الأطباء الأفارقة من تكوين في المصلحة في مجال الجراحة بالمنظار، على يد رئيس المصلحة السابق، البروفيسور أبو يوسف خير الدين، الذي قدم هو الآخر الكثير للمصلحة، سواء في إجراء العمليات الجراحية، أو في مجال تكوين الأطباء الجزائريين و الأجانب.
 وتولي ذات المصلحة أهمية بالغة للتكوين في مجال جراحة المخ و الأعصاب والنخاع الشوكي، حيث تتوفر على قاعة للمحاضرات تقدم دروسا للأطباء المقيمين، فالتكوين متواصل، لما لهذا التخصص من أهمية كبيرة، خصوصا العمليات المعقدة التي تحتاج إلى الدقة و الحيطة و الحذر، وكل خطأ قد يكلف المريض حياته أو الإصابة بالإعاقة.
فتح 4 قاعات جديدة للعمليات قريبا
كشف البروفيسور سهيل طليبة، المختص في جراحة المخ والأعصاب والنخاع الشوكي، عن فتح 4 قاعات جديدة للعمليات قريبا، تضاف إلى القاعتين الموجودتين حاليا، و تضم المصلحة حاليا 33 سريرا ، و مع فتح القاعات الأربع الجديدة توفر المصلحة 60 سريرا جديدا، مشيرا في ذات السياق، إلى أن قاعات العمليات الموجودة حاليا، تتوفر على تجهيزات متطورة، لكنها بحاجة إلى المزيد من التطور، نظرا لخصوصيات جراحة المخ و الأعصاب التي تتطلب التطور السريع.
و أضاف المتحدث بأن الهدف المستقبلي هو التكفل بكل طلبات المرضى وإجراء العمليات الجراحية في الجزائر، و وضع حد لتنقل المرضى إلى الخارج، و تابع بأن الطاقم الطبي الجزائري يملك كل المؤهلات والخبرة لمواجهة الأمراض الخطيرة والحالات المعقدة في هذا الميدان، ولا يوجد سبب منطقي يجعل المرضى يتنقلون لإجراء عمليات جراحية في الخارج.  
بخصوص الطاقم الطبي و شبه الطبي، أوضح المتحدث بأن المصلحة تضم 27 طبيبا مختصا من مختلف الدرجات، إلى جانب 138 شبه طبي، مؤكدا بأن كل الفريق الطبي وشبه الطبي يسهر على راحة المرضى والتكفل بهم وإنجاح العمليات الجراحية.
الفحوصات و العمليات الجراحية لم تتوقف خلال أزمة كورونا
قال البروفيسور سهيل طليبة، بأن الفحوصات الطبية و العمليات الجراحية لم تتوقف بالمصلحة خلال أزمة كورونا، الذي كانت ولاية البليدة بؤرتها الأولى بالجزائر، مشيرا إلى أن المصلحة تأثرت بشكل كبير بهذا الوباء، في حين لم تتوقف العمليات الجراحية، كما أن عملية فحص المرضى هي الأخرى لم تتوقف، على الرغم من تراجع وتيرة العمل خلال هذه الفترة، مقارنة بالظروف العادية التي كان يعمل فيها الطاقم الطبي.
وأشار إلى أن العمليات الجراحية كانت بمعدل عملية إلى عمليتين في اليوم ،خلال هذه الفترة، وكشف نفس المتحدث عن تحويل خلال هذه الأزمة الصحية، جناح تابع لمصلحة الأعصاب والمخ، للتكفل بالمصابين بكورونا، كما تم تحويل عدد من طاقم المصلحة لمواجهة الوباء.
و في السياق ذاته، ذكر رئيس المصلحة بأن أزمة كورونا أثرت أيضا على مواعيد العمليات الجراحية، و أدت إلى ارتفاع عدد المرضى الموجودين في قائمة الانتظار.
مشروع للرقمنة والتواصل مع المرضى عن بعد
كشف رئيس مصلحة جراحة الأعصاب والمخ، عن مشروع لرقمنة المصلحة يساعد الطاقم الطبي في التواصل مع المرضى عن بعد، و تخفيف عبء التنقل المستمر إلى المستشفى عنهم، و أشار نفس المتحدث إلى أن مشروع الرقمنة سيسمح للمرضى المقيمين بالمناطق البعيدة، بتحويل الملفات الطبية عن بعد، كما سيسمح للأطباء بالاطلاع عليها ودراستها، و التأكد من حالة المريض، إذا كانت مستعجلة أم غير مستعجلة، كما يمكن بناء على معاينة الملف عن بعد،  تحديد مواعيد للمرضى للتنقل إلى المصلحة. وفي ختام حديثه للنصر، أوضح البروفيسور طليبة بأنه، رغم ما تعرفه المصلحة من تطور و تحولها إلى مرجع في العمليات الجراحية الحساسة في المخ والأعصاب و النخاع الشوكي، لكن تبقى دائما بحاجة لتطور أكبر، من حيث التجهيزات، لأن هذا التخصص بحاجة لذلك.                     نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى