لو لم أكن ملحنا لكنت رجل أمن
لا يزال المايسترو قويدر بركان يعانق اللحن الوهراني بعد مسيرة قاربت 40 سنة . رافق خلالها  أصواتا عالمية وكون مواهب شبانية من أجل الحفاظ وترقية الأغنية الوهرانية الأصيلة التي كادت تندثر وسط الزخم الرايوي . قويدر بركان الذي كان يحلم بأن يكون شرطيا ، يحلم اليوم بإنشاء مدرسة و أستوديو خاصين بالأغنية الوهرانية ، لتأمينها من “ إعتداءات “ الدخلاء والإنتهازيين. هذا ضمن ما أسر به بركان للنصر في هذا الحوار.
. النصر:متى بدأت الموهبة الفنية والموسيقية تفرض نفسها على قويدر بركان؟
ـ قويدر بركان: موهبتي بدأت منذ الصغر، وعندما كنت في الثانوي إلتحقت بفرقة الكورال . ومنها بدأت الموسيقى تؤثر على نتائجي الدراسية ، حتى فشلت في إمتحان البكالوريا ، فأجريت مسابقة للإلحاق بصفوف الأمن الوطني، ورغم أنني نجحت وكنت أحب هذه المهنة النبيلة ، إلا أن والدي منعني من الإلتحاق بالشرطة. كانت أمنيته أن أعيد إجتياز البكالوريا ، وأصبح محاميا أو طبيبا . لكن غلبتني ميولي الفني بعدها وشاركت في مسابقة نظمتها الإذاعة بوهران للبحث عن موسيقيين تحت إشراف الأستاذين أحمد وهبي و بلاوي الهواري  ونجحت فيها وتم قبولي ضمن الفرقة.
.وبعدها أصبحت قائدا للجوق؟
ـ إلتحقت كعازف على الكمان بفرقة الإذاعة والتلفزيون التي كانت تحت إشراف الأستاذ بلاوي الهواري من 1976 وإلى غاية 1984 حين ذهب الأستاذ بلاوي لأداء مناسك الحج ، توليت أنا قيادة الفرقة بقرار رسمي من المديرية العامة للتلفزيون . إستمر الوضع هكذا لغاية دخول الجزائر في دوامة الإرهاب مع بداية التسعينات. حينها تفرقت عناصر الجوق ، وهاجرت أنا إلى فرنسا.
.وكيف إنتقلت من عازف كمان لملحن ؟
ـ إستفدت من تجربتي مع الفرقة كموسيقي، وواصلت العمل بها إلى غاية بداية الثمانينات ، حينها بدأت ألحن. كانت أول تجربة لي في التلحين مع أغنية “دمروني العشاق” للمطربة مليكة مداح المتواجدة حاليا في ديار الغربة . لحنت أيضا للمرحومة صباح الصغيرة ، والشاب مامي و حسني وغيرهم ، ولاقت هذه الألحان والأغاني رواجا كبيرا حينها .
.ماذا عن تجربتك مع الكينغ خالد ؟
تجربتي مع الشاب خالد مميزة . لحنت له أغنية “ طال عذابي” وهو أول لحن لأول أغنية راي تذاع بالإذاعة والتلفزيون الجزائري آنذاك. وحتى عندما هاجرت لفرنسا إلتحقت به ، وعملت معه ، لأن أغاني الراي التي كان يؤديها خالد قريبة من الوهراني ومن ألحاني . تجربتي مع خالد جسدت من خلالها أيضا بعض إجتهاداتي الموسيقية ، وأبرزها التوزيع الموسيقي لأغنية “ بختة “ وأغنية “علاش تلوموني” و”وهران وهران” و غيرها.
هذا يعني أن لديك تجربة في التلحين لمغنيي الراي ؟
- صحيح هناك فرق بين أغاني الراي والأغنية الوهرانية . لكن مطربي الراي الذين لحنت لهم ، كانت كلماتهم نظيفة وطريقة الأداء قريبة من الوهراني. لم أعمل في الملاهي إلا عندما كنت صغيرا ، ضمن فرقة كانت تعزف للشاب خالد . وحتى مغني الراي الذين يشاركون معي في مهرجان الأغنية الوهرانية يفرض عليهم هذا المبدأ ، لدرجة أنهم هم الذين أصبحوا يحضرون أغاني وهرانية للمشاركة بها كل سنة في هذا المهرجان.
بالعودة إلى مهرجان وهران للأغنية الوهرانية ، أنت ترافقه منذ طبعته الأولى أليس كذلك ؟
عودتي إلى وهران أساسا كانت مع أول طبعة لمهرجان الأغنية الوهرانية في  2008 .  لحد اليوم لازلت مع المهرجان على أمل تطوير وترقية هذا الطابع ليستعيد مكانته مثل السابق . حتى الجوق الذي أشرف عليه منذ البداية إلى اليوم ، أوضح بأنني و كافة أعضائه ليس لنا أستوديو أو مكان نلتقي فيه . لازلنا نتواصل في الإحتفاليات التي تطلبنا وعلى رأسها مهرجان الأغنية الوهرانية. يأتي كل عنصر من منطقته أو ولايته ، ونحضر للمهرجان وعندما ينتهي نفترق في إنتظار حدث آخر.  رغم هذا ، تجربتي مع مهرجان الأغنية الوهرانية مكنتني من مساعدة بعض الشباب الهواة الراغبين في إنتهاج هذه المسيرة . بعض الأصوات التي تشارك تحتاج للكثير من أجل ترقيتها للغناء الوهراني الذي يتطلب خصائص معينة.
أنت اليوم تساهم في تأطير الشباب الهواة، هل لديك أبناء يتمتعون بميولات فنية ؟
لا أقبل أن يكون أولادي الثلاثة في المجال الفني لما عانيته أنا، فهو ميدان ملغم بالصعوبات ، لحد الآن لم أفرض على أحد منهم ذلك ، ولكن يبدو أنهم لا يرغبون في هذا المسار.
حسب وجهة نظرك ، لماذا فقدت الأغنية الوهرانية مكانتها وجمهورها ؟
قلة جمهور الأغنية الوهرانية سببه القطيعة التي حصلت منذ العشرية السوداء  . توقف الإنتاج والإبداع ، وهما أساس ترقية الفن والطبوع الغنائية . حيث هاجر المطربون والبقية فارقوا الحياة ، ولولا المهرجان لما إستطاعت وهران أن تستعيد طابعها الأصيل ، ولكن هذا غير كاف بل يتطلب تضافر جهود الجميع لتمكين هذه المواهب من تطوير الأغنية الوهرانية كتوفير أستوديو خاص لتسجيل أغانيهم ، أو إعادة فتح أستوديو التلفزيون والإذاعة ، لأن التسجيل في الإستوديوهات الخاصة ، أمر صعب يتطلب من الشاب أموالا في حالة ما إذا قبل صاحب الأستوديو العمل معه، فالأغنية الوهرانية غير تجارية. ولا أنسى دور الجمعيات ذات الطابع الثقافي التي لا تساعد هذه المواهب . في وهران وحدها يوجد حوالي 3 آلاف جمعية من هذا الصنف ولا واحدة منها تتبنى هواة الأغنية الوهرانية.
حاورته :هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى