تزيّن يوم أمس، متحف الفنون و التعابير الثقافية التقليدية « قصر الحاج أحمد باي» بقسنطينة، بأعمال أبدعتها أنامل  35 حرفيا و حرفية من مختلف ولايات الوطن، وكان الزليج الجزائري حاضرا بامتياز  من خلال ورشة قدمها حرفي  من قسنطينة أبرز خصوصيته هذه القطع التراثية الفاخرة و أوضح مراحل صناعتها.
على وقع أنغام موسيقى المالوف القسنطيني، فتح قصر الباي بقسنطينة، أبوابه ليستقبل عشاق الحرف اليدوية والفن التقليدي الجزائري الذين انبهروا بجمال معروضات ومنتجات زينت بهوه و أروقته وبعثت فيه روح الأصالة وعبق التراث، على غرار الزليج الذي نظمت لأجله ورشة، أشرف عليها الحرفي القسنطيني إبراهيم ترير39 سنة، الذي نقل إلى القصر فرنه التقليدي و دولابا كهربائيا يستخدم لصناعة الفخار و قطع الزليج الجزائري القديم.
و حسب الحرفي الذي يشتغل في المجال منذ 13 سنة، فإن صناعة الزليج الجزائري دقيقة، تتطلب صبرا واتقانا و استعمال مواد أساسية على صفيحة فخارية بيضاء مربعة الشكل، حجمها 20 / 20 سنتيميتر أو 15 / 15 سنتيمترا، وهي المقاييس المناسبة كما أوضح، للحصول على رسوم وخطوط متقاربة ومتناسقة تعطي شكلا بهيا يحافظ على الخزف الإسلامي المتوارث منذ القدم.
و قد كان  الرسم على الخزف حسبه، يعتمد قديما على قطعة من جلد الماعز، يتم دبغها ثم الرسم عليها قبل أن تثقب خطوطها بواسطة إبرة معدنية، كما استخدمت تقنية أخرى كذلك، توظف فيها  ريشة تصنع من شعر الحصان أو الخنزير البري، أما في الوقت الحالي، فنستخدم ريشات مصنوعة من الشعر الطبيعي أو الصناعي. مؤكدا، أن ما يميز صناعة السيراميك عن الرسم على القماش، هو أن الألوان لا توضع بكميات كبيرة بل بنسب قليلة، كما أن الزخرفة في البادئ ترسم على ورق كبير ثم ينسخ على ورق شفاف وتثقب خطوط الرسم بالإبرة بعد و قبل وضعها فوق مربعات الفخار وتمرير إسفنجة بها برادة الفحم.
 مضيفا، أن هناك من يستخدمون تقنية السيريغرافي كبديل عن الثقب، وذلك قبل استعمال الريشة للتلوين على الصفائح الفخارية، التي تمس في ماء به مادة الكريستالين المعروف بـ « الميناء الزجاجي» وذلك بعد أن تجف، ثم توضع على رفوف مصنوعة من الاسمنت الحراري وتدخل إلى فرن كبير الحجم درجة حرارته تصل إلى 980 درجة مئوية، لمدة لا تقل عن خمس ساعات، على أن تتماشى الحرارة مع طبيعة المواد الكيميائية التي تستخدم للون أو الإيناء الزجاجي، الذي هو عبارة عن مسحوق يضفي لمعانا وبريقا على الخزف بعد إخراجه من الفرن  علما أن أول لون ظهر في صناعة الخزف هو الأزرق الصيني كما أوضح محدثنا، مشيرا إلى أن هذه، الصنعة مهددة بالاندثار، بسبب نقص الطلب و قلة المواد الأولية.
من جهة ثانية، تضمن المعرض المنظم بمناسبة اليوم الوطني للحرفي،  أروقة لمنتجات تقليدية عديدة، بما في ذلك الزيوت الطبيعية والصابون التقليدي والمصنوعات اليدوية من شموع و ديكورات أضفت على الأجواء رونقا، كما امتزجت روائح المستحضرات الطبيعية مع عبق الورود و النباتات التي تزين حدائق القصر فرحلت بالزوار عبر الزمن وأعادت المخيال إلى صورة الحياة في المكان أيام كان البيات يسكنونه.
أما البهو المقابل لحديقة القصر الرئيسية، فتزين بمصنوعات فخارية وزجاجية وأخرى نحاسية نقشت عليها زخارف فنية ملفتة، فضلا عن الملابس التقليدية التي طرزت بالجواهر والخيوط الذهبية والفضية، لتغازل ذوق الجزائرية قسنطينية كانت أم الشاوية  و قبائلية أو عاصمية.
ومع كل خطوة يخطوها المتجول بين المعروضات يلتقط أنفه رائحة حلويات قسنطينة التقليدية، وتشده زينة « سينية « النحاس الزاخرة بألذ الأصناف من  مقروض  و بقلاوة و طمينة اللوز و جوزية و رفيس وكلها طيبات تنبعث منها رائحة الزهر و الورد المقطرين.
وتقول منظمة الحدث، بالهوان ليليا، رئيسة اللجنة الولائية للصناعات التقليدية والحرف اليدوية والعمل العائلي بولاية قسنطينة، أن حوالي 35  حرفيا شاركوا في التظاهرة التي  تستمر إلى غاية يوم غد، و جاءت بالتنسيق مع الفيدرالية الوطنية للحرفيين والاتحاد العام للحرفيين والتجار. وأكدت المتحدثة، أن الهدف من هذا المعرض هو تذكير الجزائريين  بتقاليدهم وعاداتهم، مع تعريف السياح الأجانب الذين حطوا رحالهم ببلاط القصر بتاريخ الأجداد، من خلال عرض أعمال تراثية تبين التنوع الثقافي الجزائري.               رميساء جبيل 

الرجوع إلى الأعلى