كسر كثير من الجزائريين القاعدة التي حاول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي و بعض أئمة المساجد فرضها هذا العام، بتحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية، فصنعت الألعاب النارية الحدث بعدما أضاءت أحياء المدن الكبرى كقسنطينة، أين استنفدت محلات الحلويات مخزونها، و أغلقت أبوابها باكرا نظرا لكثرة الطلب على كعكة الميلاد.
بقسنطينة حوّلت أضواء الألعاب النارية ليل أحياء كزواغي و بوالصوف و الخروب و المدينة الجديدة و كذا سيدي مبروك إلى نهار، إذ ارتفعت ألوانها  و أصواتها عاليا بمجرد أن أشارت الساعة إلى منتصف الليل معلنة دخول السنة الجديدة. مشهد خالف كل التوقعات، خصوصا و أن الكثيرين اعتقدوا جازمين بأن الاحتفالات بالعام الجديد، ستكون خارج اهتمامات الجزائريين هذه السنة، بسبب الفتاوى التحريمية التي أطلقها العديد من الأئمة و ركزوا عليها في خطبهم، فضلا عن الحملة الفيسبوكية الواسعة التي حركها ناشطون شباب، قبل أسابيع من التاريخ المحدد، منددين بالاحتفال برأس السنة كونه "بدعة و تشبه بالكفار" و ما إلى ذلك من الحجج التي تضمنتها، منشورات تداولها رواد الموقع بقوة عبر صفحاتهم الخاصة،حملة شرسة.
و رغم أن الاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة كان باهتا هذا العام في العديد من مدن و عواصم العالم، بسبب هاجس "الهجمات الإرهابية" ، إلا أن الجزائريين ورغم حزنهم على رحيل "حسين آيت احمد"، قرروا الاحتفال على طريقتهم الخاصة، متجاوزين مشاعر الأسى و متحدين مخاوفهم من العام الجديد وما سيحمله من أعباء اقتصادية و اجتماعية ارتبطت بالحديث عنه قبل أشهر عديدة، باعتباره سيكون عام " التقشف".
القسنطينيون على اختلافهم  كانوا في الموعد، ، معتبرين الاحتفال برأس السنة ، مجرد فرصة لكسر الروتين و للتفاؤل بسنة جديدة جيدة،  فالبعض اكتفى بشراء قالب حلوى أو تحضيره منزليا، تمنيا بأن السنة القادمة ستكون حلوة و سلسلة، أما آخرون فاختاروا السهر رفقة الأصدقاء و العد تنازليا و إشعال الألعاب النارية، التي استمرت إلى ما يزيد عن نصف ساعة كاملة بعد منصف الليل، في حين وجد الغالبية في الشوكولاطة بديلا عن كعكة الميلاد و في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مساحة حرة لتبادل التهاني بالعام الجديد.
فئة أخرى من القسنطينيين احتفلت على طريقتها، و تماشيا مع إمكانياتها المادية، فاختارت مطاعم الفنادق الكبرى لإحياء رأس السنة، و بالرغم من أن تذاكر بعض الحفلات تراوحت بين 5000 الى 8000دج، حسب نوعية البرنامج المقترح، إلا أن الإقبال عليها تجاوز التوقعات حتى من قبل العائلات. الجديد هذه السنة خلافا للسنوات الماضية، هو تراجع الإقبال على محلات بيع الهدايا، التي أنقصت هي كذلك من زينتها مقارنة بما كان رائجا خلال الأعوام الماضية، فحتى المراهقون تراجع اهتمامهم بتبادل الهدايا و الشوكولاطة هذه السنة، بعدما انساق كثيرون منهم وراء حملات و فتاوى تحريم الاحتفال بالعام الجديد، خصوصا في ظل الانتشار الكبير لمناشير و ملصقات على واجهات المحلات و جدران المباني، عبر الأحياء، حملت عبارة   " أنت مسلم لا تحتفل بأعياد الصليب".
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى