احتفلت في نهاية الأسبوع قرية "ثالة تغراس" ببلدية ميزرانة في تيزي وزو، بـ"ثافسوث"، أو حلول فصل الربيع، بطقوس وعادات وتقاليد توارثتها الأجيال أبا عن جد، و قد شارك في الاحتفال جميع سكان القرية، كبارا و صغارا، تفاؤلا بموسم جميل تعم فيه الخيرات و البركات و السلام و الاستقرار في البلاد.
خرج الجميع أطفالا وكهولا وشيوخا و نساء، إلى الحقول والمروج الخضراء، لاستقبال فصل الربيع و الاستمتاع بأشعة شمسه الساطعة و طقسه المعتدل، وتوديع فصل الشتاء الذي عانوا فيه كثيرا من البرد القارس و الثلوج التي كانت تكتسو المنطقة.
ارتدت البنات و كذا الصبيان أبهى حلة، و أطلقوا العنان لحناجرهم لترديد الأغاني الخاصة بقدوم فصل الربيع
«ثفسوث ثفسوث، أنجوجوغ أمثفسوث، أنتسنارني أمثقوث»
 بمعنى «الربيع الربيع، نزهر مثل الربيع، ونكبر مثل السحاب»
قبل أن ينطلقوا أفواجا في الحقول و البساتين الخضراء ، لقطف و جمع النباتات البرية التي تتكاثر في موسم المطر، و كذا أزهار الربيع التي تعبق رائحتها الزكية في كل مكان.
 غسل الأيادي بمياه صافية لضمان صفاء القلوب
أما الكبار، فتوجهوا في الصباح إلى حقل  أخضر أمام مجرى مائي كبير لغسل أياديهم بمياهه الصافية التي تتدفق بغزارة، و هذا طقس من الطقوس و العادات التي يقومون بها احتفالا بقدوم «ثافسوث»، حتى تكون أيامهم القادمة صافية و قلوبهم نقية.
و في منتصف النهار التقي الأطفال الصغار بالكبار وغسلوا بدورهم أياديهم بمياه المجرى المائي ، ثم التف الجميع حول المأكولات التقليدية التي حضروها في البيوت خصيصا لهذه المناسبة، مثل الكسكسي بالخضر التي تطهى بالبخار و تدهن بزيت الزيتون الجديد، إضافة إلى أنواع مختلفة من الخبز التقليدي، مثل المسمن و الفطائر «السفنج» و «ثغريفين» أو البغرير وغيرها.
أحد سكان قرية «ثالة تغراس»، قال للنصر، بأن الاحتفال بقدوم فصل الربيع،  تراث لامادي يعكس التمسّك بالعادات والتقاليد التي تركها الأجداد والاستمتاع بجمال الطبيعة مع جميع سكان القرية، و هو مناسبة لتوطيد العلاقة مع البيئة و إتاحة الفرصة للبراعم الصغار لاكتشاف الثروات التي تزخر بها المنطقة من نباتات وحيوانات مختلفة، كما تعد مناسبة للم الشمل وصلة الرحم .
مناسبة لصلة الرحم و فض الخلافات
إن الأهل والأقارب و الجيران يجتمعون في موقع واحد على بساط الطبيعة الخلابة ويلتفون حول طعام واحد وسط أجواء من المرح و الفرح ، فتتيح مثل هذه اللقاءات، حسب المتحدث، إعلان الصلح بين المتخاصمين و الابتعاد عن الخلافات، مهما كان نوعها.
الجدة  «تسعديت»، أبت إلا أن تشارك جيرانها الاحتفال ب»ثافسوث»، و  قالت لنا  بأن عادة الاحتفال بحلول فصل الربيع، كانت موجودة منذ سنوات طويلة، و تتذكر جيدا عندما كانت تحتفل مع الأطفال في سنها بهذا التقليد العريق، و تستمتع بقطف النباتات المختلفة والأزهار التي يتزينون بها عند عودتهم إلى بيوتهم في المساء، حيث كانوا يصنعون  تيجانا من أغصان أشجار الزيتون و يضعونها على رؤوسهم، لأنها ترمز إلى الصحة، على حد تعبيرها، مشيرة إلى أنّ الكبار كانوا يمسحون وجوه الصغار بندى الصباح، حتى يتمتعون بصحة جيدة طوال العام، وهي عادات يجب ترسيخها لدى الجيل الصاعد، ليحافظ عليها كما حافظ عليها السلف، كما أكدت .                  سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى