أحيا سكان ولاية قالمة، أمس السبت، الذكرى 68 لاستشهاد البطل باجي مختار ومعه البطلة شايب دزاير أول شهيدة في حرب التحرير المقدسة، التي أنهت ليل الاستعمار الطويل الذي سعى بكل السبل لاجتثاث الهوية الجزائرية، بالإبادة الجماعية والتهجير والنفي إلى كاليدونيا البعيدة ومناطق أخرى من العالم مازالت شاهدة على القهر والظلم الذي عاشه الأجداد القدامى.  
وقد تنقلت السلطات المدنية والعسكرية لولاية قالمة ومواطنون إلى قرية باجي مختار بجبال بني صالح حاضنة القاعدة الشرقية التاريخية لإحياء الذكرى، وتجديد العهد مع الشهداء والمخلصين للوطن والأمة التي مازالت تتعرض للمكائد ومحاولات ضرب وحدتها واستقرارها.  
في 19 نوفمبر 1954 وبعد أيام قليلة من بداية الثورة بمنطقة قالمة والقاعدة الشرقية، حاصر العدو الفرنسي باجي مختار ومجموعة من المجاهدين بمزرعة دالي بن شواف الواقعة على الحدود بين قالمة وسوق أهراس، بعد تعقب وملاحقة منذ الفاتح نوفمبر، و رغم إدراكه لخطورة الوضع رفض باجي مختار الاستسلام وقرر المقاومة حتى سقط شهيدا رفقة شايب دزاير معلنين بداية قائمة طويلة من الشهداء تجاوزت المليون ونصف المليون شهيد من الأبطال الذين قرروا مواصلة المعركة، على مدى سبع سنوات ونصف من الدمار والنار والقتل والتهجير ومصادرة الأراضي والهوية الوطنية والدينية للأمة الجزائرية.
وصار باجي مختار عضو مجموعة 22 التاريخية، بعد استشهاده في عمر 36 عاما، رمزا للجهاد والمقاومة بالقاعدة الشرقية المتاخمة للحدود التونسية، بعد أن ظل المطلوب الأول للإدارة الفرنسية التي كانت تدرك تمام الإدراك بأن الشاب الثائر على الغزاة هو النواة الصلبة للعمل المسلح بمناطق قالمة، سوق اهراس عنابة والطارف.
ونفذ باجي مختار أول عملية عسكرية تعرفها ثورة التحرير بالمنطقة يوم 6 نوفمبر 1954، بهجوم شنه على منجم البرنوس الواقع ببلدية حمام النبائل اليوم، وكان متشبعا بالروح الوطنية وعلى قدر من التعليم مما أهله لقيادة الثورة وتفجيرها بالمنطقة الشرقية.
وظل شهيد الثورة المقدسة هدفا للاحتلال الفرنسي منذ مغادرته مقاعد الدراسة، حيث اعتقل قبل اندلاع الثورة، وكان من أبرز القادة الكشفيين بمنطقة عنابة وسوق أهراس، و في ليلة 18 إلى 19 نوفمبر 1954 حدد العدو موقع باجي مختار وحاصره بمزرعة دالي بن شواف التي صارت اليوم معلما يؤرخ لأيام الثورة الخالدة، وقد كان يوما عصيبا على باجي مختار وشايب دزاير والرفاق وسكان المزرعة، لكن الإيمان القوي بعدالة القضية دفعهم إلى المقاومة من وراء الجدران حتى آخر رصاصة وقطرة دم في سبيل الله والوطن والأمة.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى