لا تزال أكثر من 30 عائلة قاطنة بمشتة «عتابة» الواقعة على أعتاب بلدية ديدوش مراد بقسنطينة، تعيش داخل بيوت قصديرية ضيقة تفتقر إلى أدنى ضروريات الحياة، فرغم الأراضي الشاسعة التي تقع وسطها هذه القرية، غير أن سكانها يشتكون من عدم قدرتهم على إنجاز منازل لائقة في إطار استفادات البناء الريفي التي منحت لهم قبل سنوات.
عبر طريق بلدي معبد بإتقان، و بعد قطع حوالي 6 كيلومترات انطلاقا من وسط بلدية ديدوش مراد في اتجاه بلدية بني حميدان، صادفنا على الجانب الأيمن، مسلكا متآكلا يبدو بأنه عبد منذ سنوات طويلة، حيث لا يزيد طوله عن مائة متر تملؤها الحفر و التصدعات، و قبل أن نصل إلى مشتة «عتابة»، تصبح الأرض ترابية و تظهر أمامنا أكواخ من الطوب و القصدير، في مشهد قل ما نراه في الأرياف.
في المكان التقينا بعدد من شباب المشتة، بدوا سعداء برؤيتنا، و الهدف إيصال انشغالاتهم مرة جديدة إلى المسؤولين، حاولنا معرفة تفاصيل المكان، ليتبين بأنه تجمع من حوالي 30 بيتا قصديريا متلاصقا، في مساحة لا تتعدى هكتارا واحدا، حيث أن كل المنازل مصنوعة من الطوب و مغطاة بألواح قصديرية أبوابها من حديد صدئ، و بجانبها حفر غير مغطاة ممتلئة بالمياه القذرة التي يتم التخلص منها عبر أنابيب من داخل البيوت.
و لأن المكان المخصص لهذا الحي القصديري ضيق جدا، لم يجد قاطنو البيوت مكانا لتربية الأغنام و الأبقار، سوى داخل اسطبلات بدائية بمحاذاة منازلهم مباشرة، و في نفس المكان يتم التخلص من فضلات الحيوانات، و تُكدس أكوام الكلأ التي تحيط هذا التجمع السكني من كل جانب، حيث تنتشر الروائح الكريهة، و تحوم الحشرات، و قد دخلنا إلى بعض المنازل التي بدت غير مختلفة في شيء، فالأرض من الإسمنت، و الأسقف من ألواح خشبية، فيما تنتشر داخلها رائحة الرطوبة.
سكان عتابة، أكدوا لنا بأن آباءهم سكنوا المكان منذ ثورة التحرير، و بأن معاناتهم مستمرة منذ زمن طويل، حيث أوضحوا بأنهم ينتظرون تجسيد مشروع للسكن الريفي منذ سنوات، مضيفين أن رئيس الجمهورية زار المكان حوالي سنة 2000، و أمر مسؤولي الولاية آنذاك ببناء قرية نموذجية و إيواء السكان من خلال تخصيص منازل لهم، غير أن المشروع لم يجسد، حسب تأكيد محدثينا.

إلى جانب ذلك لم يتمكن القاطنون من بناء سكنات ريفية في المكان، رغم حصول حوالي 22 عائلة منهم على استفادات للبناء الريفي سنة 2011، و ذلك لأن الأرض التي يعيشون عليها، ملك لخواص، حسب ما أوضحوا لنا، الأمر الذي يمنعهم من البناء أو حتى إنجاز إضافات، و نتيجة لذلك فقد باتت العائلات تعاني من الضيق، بعد أن ارتفع عدد أفرادها، و من كانوا بالأمس أطفالا، أصبحوا في الوقت الحالي شبابا، حيث تضم المشتة أكثر من 30 شابا تجاوز سنهم 30 سنة، و لم يستطيعوا الزواج، بسبب مشكل السكن.
البلدية تنتظر الموافقة على أرضيات جديدة
و لأن هذا الإشكال هو أكثر ما يؤرق سكان «عتابة»، فقد أوضحوا بأن غياب المياه و الغاز و كذا الطرق الموحلة شتاء، باتت أمرا عاديا بالنسبة لهم، فالمياه يمكن أن يجلبوها من الينابيع المنتشرة في المنطقة، و الغاز متوفر في قارورات، يغيرونها كل مدة معينة، غير أن ما يشغل بالهم أكثر هو السكن، حيث طالبوا السلطات المحلية بإيجاد حل مناسب لهم، و تمكينهم من الحصول على شقق في إطار صيغتي الاجتماعي أو الريفي، و في أي رقعة تختارها لهم البلدية.
بالمقابل فقد أكد رئيس بلدية ديدوش مراد الطاهر بوالشحم في اتصال هاتفي بالنصر، أن مصالحه على دراية تامة بمشاكل سكان هذه المشتة، موضحا بأن الأرض التي يعيشون عليها هي ملك لخواص، و القانون يمنع بناء سكنات ريفية عليها، لكنه أضاف بأن البلدية قامت باختيار عدة قطع أرضية من أجل إنجاز مجمعات ريفية، و هي في انتظار موافقة الجهات المعنية، على غرار مديرية السكن، حيث أشار إلى أن البلدية تنوي إدراج سكان مشتة «عتابة» الذين يحوزون على استفادات منذ سنة 2011، ضمن هذه المشاريع، في حالة الموافقة عليها و تجسيدها.     عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى