شرع قاطنون في حي علوك عبد الله «البعراوية» ببلدية الخروب في قسنطينة، في بناء منازل فوضوية على مستوى مساحات قريبة منهم، و برروا ذلك بـ «إقصائهم» من قائمة السكن العمومي الإيجاري المعلن عنها مؤخرا، إضافة إلى عدم استفادتهم من البناء الريفي منذ سنوات.
و تواجدت النصر بهذا الحي الذي يعد من أقدم الأحياء في بلدية الخروب، حيث لاحظنا أن أشغال إنجاز السكنات الفوضوية التي بدأت منذ أيام قليلة، ما تزال مستمرة، حيث كانت بعض البنايات في طور الإنجاز و وصل ارتفاع جدرانها إلى أكثر من متر ونصف، فيما كانت أخرى في بداية التشييد.
و تم تقسيم الأرضية من خلال  رسم خطوط تبين حدود السكنات التي لم ينطلق إنجازها، وكانت مساحة البنايات صغيرة خاصة وأنها بُنيت على أرضية تقع بمحاذاة الطريق الرئيسي للحي، و كذلك أسفل أسلاك كهربائية ذات التوتر العالي.
و قال لنا  سكان  إنهم «قرروا إنجاز سكنات بمجهودهم وبأموالهم الخاصة»، بعد أن حرموا حسبهم من السكن الاجتماعي، والبناء الريفي لعدة سنوات، حيث يرون أن هذه هي «الطريقة الوحيدة لمواجهة أزمة السكن بحي يقطنه أزيد من 500 مواطن منهم من 120 وضعوا ملفات الاستفادة من السكن الاجتماعي».
وأضاف من تحدثوا للنصر أن من بين كل المطالبين بالسكن تم في القائمة الأخيرة، قبول 5 أشخاص فقط وضعوا ملفاتهم سنوات التسعينيات، فيما رُفضت ملفات البقية رغم أن تاريخ إيداعها يعود، حسبهم، للفترة الممتدة بين سنتي 2006 و2013.
وذكر محدثونا، أن أفراد الدرك الوطني تنقلوا لعين المكان، وحولوا المعنيين إلى أحد مقرات الفرقة الإقليمية، كما قاموا بالإجراءات من أجل حثهم على تهديم البنايات وإعادة تلك المساحات إلى حالها السابق.
بالمقابل، يقول هؤلاء الشباب إنهم يرفضون توقيف أشغال الإنجاز، وذكر بعضهم أنهم اقترضوا المال لهذا الغرض، و يقبلون بأي حل تقترحه بلدية الخروب، سواء كان بمنحهم استفادات للبناء الريفي بمختلف المناطق في ولاية قسنطينة، أو دمجهم ضمن قوائم السكن الاجتماعي أو السماح لهم ببناء سكنات صغيرة.
كما تطرق قاطنو الحي المعروف محليا بـ «البعراوية»، إلى جملة من المشاكل، لنقرر التوغل داخل هذا المكان الذي يقول السكان إنه لم يسبق لأي مسؤول أن زاره. ومقابل تلك المساحات المستغلة في بناء سكنات فوضوية، والتي يقول المواطنون إنها تابعة للدولة، شاهدنا سكنات منجزة بمادة «القرميد» تعود إلى فترة الاستعمار، وبمحاذاتها  يوجد عدد معتبر من شاليهات «الأميونت» التي تقطنها 163 عائلة و أنجزت سنة 1993.
و قد لاحظنا أن المسالك التي تفصل بين السكنات ضيقة و مهترئة، كما تنتشر المياه في كل مكان، بسبب التسربات ما جعل المياه الصالحة للشرب تختلط بالصرف الصحي، كما بدت طريقة تزويد بعض السكنات بالغاز عشوائية، و شاهدنا أن أسقف بعض المنازل مغطاة بالأكياس البلاستيكية، لصد  تسرب مياه الأمطار داخلها.
و تنتشر القمامة بين السكنات، فيما لم تعد  الحاويات تستوعب ما يرمى بها    ، حيث أكد السكان أن شاحنات رفع القمامة تدخل الحي مرة كل 3 أيام ما يجعلها تتراكم طيلة هذه المدة.
و ألقينا نظرة على تلك الشاليهات الضيقة، حيث يقع في مدخلها مطبخ مساحته لا تتجاوز مترين مربعين و يفصله عن المرحاض سترة قماشية، و بعد مسافة متر واحد تقع غرفة بها عدد كبير من الأفرشة، لنعلم أن عدد القاطنين في هذا السكن هو 8 أفراد.
و تشابهت الحالة الداخلية للشاليهات، حيث لا تتوفر جلها على نوافذ للتهوية بسبب التعديلات العشوائية، كما تسمع ضجيجا بين الحين و الآخر أعلى المنازل بسبب الرياح التي تحرك السقف القصديري.
و وقفنا خلال زيارة تلك الشاليهات على أن عدد قاطنيها يفوق في الغالب 8 أفراد، فيما ذكر شبان أنهم عزفوا عن الزواج،  فيما وقفنا على  وجود عدة أشقاء  وعائلاتهم الصغيرة داخل غرفة واحدة.
و استضافنا شاب يقطن رفقة عائلته الكبيرة المتكونة من 4 أفراد إضافة إلى زوجته وطفليه، وأكد لنا أن ابنه صاحب الخمس سنوات خضع لثلاث عمليات جراحية بسبب مادة الأميونت التي جعلته يعاني من الحساسية، كما أكد أنه يقطن في غرفة واحدة في ظروف صعبة خاصة و أنه بطال بحكم تعرضه لحادث عمل أدى إلى بتر أصابع يديه.
و أخبرنا السكان أن عددا كبيرا من الأطفال تعرضوا للحساسية بسبب تلك السكنات، كما توفى أحدهم قبل مدة، متحدثين أيضا عن انعدام النقل المدرسي. وأضاف المعنيون، أن المنطقة تفتقد لمرافق ترفيه، و اشتكوا من اهتراء الطرقات و انتشار القمامة و المياه القذرة و انعدام النقل، كما طرحوا مشكلة البطالة و أزمة السكن.
وقد حاولنا التحدث إلى رئيس بلدية الخروب، لمعرفة رده حول تلك الانشغالات، لكن تعذر علينا ذلك رغم محاولاتنا المتكررة .                 حاتم بن كحول

الرجوع إلى الأعلى