* هذا ما حدث في ليلة خيّم عليها الحزن بالمدينة
عاشت عاصمة الكورنيش الجيجلي، نهاية الأسبوع، أجواء مأسوية و حزينة عمت أرجاء الولاية، حيث اهتزت،    لسقوط سيارة سياحية في البحر بمنطقة «لعوينة» بالمنار الكبير، التي أودت بحياة أفراد من عائلة « لحرش»، الأم سعاد 37 سنة و أبنائها الثلاثة مروى 9 سنوات، التوأم رمزي و رامي 6 سنوات،  فيما نجا الأب عبد المالك 42 سنة.
تفاصيل الحادثة تعود، لمساء يوم الأربعاء بعد صلاة المغرب، حينما تلقينا معلومة حول وقوع حادث بمنطقة « لعوينة»، أنباء، لم تتضح تفاصيلها، فتوجهنا مباشرة إلى الموقع، أين وجدنا سيارات مركونة بجوار الطريق الوطني رقم 43 في كلا الاتجاهين و عدد كبير من المواطنين بالواجهة البحرية، أفراد من الحماية المدنية و    من الدرك الوطني بصدد تننظيم حركة السير، ثم تقربنا من أحد أفراد الحماية المدنية، الذي أكد لنا قائلا» حادث مأساوي، سقوط سيارة تضم خمسة أفراد من عائلة واحدة، تم نقل الأب المصاب و ابنته تبلغ من العمر 9 سنوات إلى مستشفى الصديق بن يحي في حالة حرجة لدرجة كبيرة و حاليا يقوم مجموعة من الغطاسين بالبحث عن بقايا أفراد العائلة المقدر عددهم بثلاثة أفراد، الأم و توأم»، بعد لحظات تقرب منا أحد الأشخاص، أخبرنا بأن الأمر   السيارة كان بها أفراد  من عائلته  واحدة يقطنون بالعوانة، مضيفا بأنه تم إنقاذ الأب، فيما توفيت الفتاة مروى بالمستشفى و البحث جار وقتها عن زوجة قريبي و توأم بعرض البحر.
  توجهنا بعدها لنتابع عملية الإنقاذ، أين لاحظنا تواجد عشرات الشباب و المواطنين إن لم نقل المئات، متجمعين لمشاهدة مجموعة غواصين و هم يبحثون عن الغرقى، أخبرنا أحد أبناء منطقة المنار الكبير، بأن جل الغواصين من المنطقة، الغطاسين مدنيين، سارعوا لعملية الإنقاذ و البحث عن أفراد العائلة، منذ مدة و أنهم   متواجدون داخل البحر، شاهدنا ثلاثة قوارب ملك  لمواطنين، على متنها أشخاص يساعدون في البحث، فيما كان ما يقارب أربعة غواصين يصارعون الأمواج العاتية، مشهد لا يمكن وصفه، إذ أن الأنظار جلها كانت متوجهة نحو مياه البحر و انتظار إشارة من الغطاسين، إلى أن تم تحديد مكان السيارة.
و قد لاحظنا عشرات المواطنين بالقرب من البحر، واقفين على الصخور و الجميع يترقب و بعد مرور وقت من الزمن، شاهدنا إشارة من غطاس للمتواجدين بالقوارب، بعدها علمنا بأنه تم انتشال جثة الأم من داخل السيارة ،  تقربنا من أفراد الحماية   وأكد أحد الضباط على  أنه تم انتشال جثة الزوجة، فيما تبين من أحد الغطاسين، بأن الطفلين عالقين داخل السيارة و من الصعب القيام بعملية الإنقاذ.
بعدها  تم إحضار آلية تابعة للحماية المدنية، من أجل سحب السيارة من أعماق البحر، أين كانت المرحلة الموالية لعملية البحث و الإنقاذ، سحب السيارة نحو الصخور، حتى يتسنى للغواصين سحب جثة الطفلين العالقين، الوقت كان يمضي، رافقته زيادة في هيجان البحر، مهمة تبدو شبه مستحيلة للمتواجدين، فيما كان الغطاسون يقاومون الوضع و يحاولون جاهدين ربط «الكابل» بالسيارة.. محاولات عديدة للسحب لكن  دون جدوى، و الملاحظ هو أن مكان السيارة كان يتغير بفعل التيارات البحرية، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة و النصف ليلا، حينما تم سحب السيارة  نحو الصخور، لتبدأ عملية البحث داخلها عن جثتي الطفلين، فكانت النتيجة سلبية، السيارة فارغة و محطمة بشكل كلي، ليتقرر سحبها نحو اليابسة، في حدود الساعة الثانية عشر و النصف، عندما تقرر وقف  عملية البحث و تأجيلها للصباح.
حزن كبير ملأ المكان و مواطنون سارعوا للمساعدة
في الموقع، لاحظنا الدموع و هي تملأ عيون الحاضرين و خيم الحزن و الأسف في حادثة مأسوية لا يمكن وصفها، فيما كان الجميع يسأل عن أسباب و لحظات وقوع الحادث، مجموعة فرضيات طرحت، لكن الإجابة كانت عند الأب المجروح، فيما سمعنا من   مواطنين  حاضرين، بأن غياب الإمكانيات صعب من مهمة الإنقاذ، متحدثين عن المجهودات المبذولة من قبل المواطنين و  الغطاسين و أفراد الحماية المدنية، لكنهم تأسفوا لغياب الإمكانيات و الوسائل،  قائلين بأنه كان يفترض استعمال حوامة لعملية الإنقاذ، مثلما هو معمول به في الدول الأجنبية، منوهين بالمؤهلات البشرية و الجرأة للتدخل، لكن غياب الإمكانيات يحصد المزيد من الأرواح، حسبهم.
و قال آخرون، بأن السيارة و لدى سقوطها، ظلت فوق الماء و على متنها أفراد العائلة المتوفين لدقائق عديدة، إذ و بفضل مواطنين حاضرين و أبناء المنطقة، تم إنقاذ الأب الذي ساعد ابنته على الخروج من السيارة، لكن إصابته منعته من إنقاذ عائلته، ليتم إنقاذه من قبل أحد أبناء المنطقة.
و في اليوم الموالي، تنقلنا لنشاهد عملية البحث عن الطفلين التوأمين، أين وجدنا العديد من المواطنين، حاضرين و سيارات مركونة على طول الطريق، إضافة إلى مركبات الحماية المدنية، التي شرع أفرادها في عملية البحث على طول الخليج، فيما توزعت مجموعة من الغطاسين على نطاق واسع.
 « حاولنا جاهدين انتشال الجثث لكن نقص الإمكانيات صعب  المهمة»
اقتربنا من أحد الغطاسين الذين شاركوا في عملية البحث و إخراج السيارة، يدعى عبد الوحيد و خلال حديثنا معه، قال « سمعت بوقوع حادثة سقوط سيارة في البحر بجوار مساكننا، فقمت مسرعا بلبس بدلة الغطس و اتجهت رفقة أبناء المنطقة للمساعدة و تقديم يد العون، كنت الأول من وصل إلى السيارة و كان على متنها ثلاثة أشخاص، الأم في المقعد الأمامي و الطفلين عالقين بالجهة الخلفية، حاولت جاهدا سحبهما، لكن لم أستطع، بسبب صعوبة الوضعية، فقد كانت التيارات البحرية تتلاعب بالسيارة، لحظتها قمت بقطع حزام الأمان عن الأم و سحبها، قد كانت الظروف صعبة للغاية».
و قال عبد الوحيد، بأن الشغل الشاغل في تلك اللحظات، كان انتشال الطفلين، لم يفكر رفقة زملائه في الوقت و لا في برودة الأجواء و خطورة العملية، خصوصا مع وجود التيارات البحرية و ارتفاع الأمواج، مهمتهم كانت تقتضي تحديد مكان السيارة، و عدم فقدانها مع محاولة سحب الطفلين و بعد ربط السيارة « بالكابل»، خرج من المياه بسبب إصابته في الرجل و قال عبد الوحيد» العملية كانت صعبة و زاد انعدام الرؤية من صعوبتها، لم نكن نملك الإمكانيات للقيام بالعملية و ما أؤكده هو أنني تركت الأطفال داخل السيارة»، فيما تحدث حاضرون، عن  المجهودات التي بذلها أبناء المنطقة في عملية الإنقاذ و مخاطرتهم بحياتهم رفقة أفراد الحماية المدنية.
تسخير 21 غواصا للبحث عن جثتي التوأم  
و فيما كانت عملية البحث مستمرة، أوضحت المكلفة بالإعلام الملازم الأول أحلام بومالة، بأن مصالح الحماية المدنية كانت مجندة منذ الدقائق الأولى للحادثة، حيث استمرت عملية البحث عن الضحايا المفقودين بعد انتشال ثلاثة ضحايا و يتعلق الأمر بالأب (42 سنة) في حالة صدمة و طفلة (9سنوات) في حالة حرجة توفيت بالمستشفى، ليتم بعد ذلك انتشال ضحية ثالثة متوفية من جنس أنثى ( 37 سنة)، في حدود الساعة 20ساو 45 دقيقة.
و أشارت المتحدثة، إلى أن عملية البحث جارية عن الغريقين المفقودين و هما توأم يبلغان من العمر 6 سنوات، في حين تم تسخير الوسائل المادية و البشرية من عناصر فرقة الغطس التابعة للوحدة البحرية جن جن، مع وصول دعم فرق الغطس التابعتين لكل من ولاية سكيكدة و بجاية و يقدر عدد الغواصين المشاركين في العملية، بـ 21 غواصا.
تغيير الإتجاه إلى واجهة البحر ينتهي بالسيارة في المياه

جل الأنظار كانت مصوبة نحو المكان، على أمل إيجاد جثة الطفلين، ليتم دفنهما رفقة أفراد العائلة و في حدود الساعة 12 و 50 دقيقة، تم انتشال جثتي رمزي و رامي من عرض البحر، حيث وجدا بالقرب من مكان سقوط السيارة.
و تضاربت الآراء حول كيفية وقوع الحادث، فقد كانت مواقع التواصل الاجتماعي، تنقل مجموعة من الروايات الخاطئة و توجه أصابع الاتهام للأب و السلطات، فهناك من كان يتحدث عن خطورة المكان و يصفه بمنعرج الموت، جلها أخبار مغلوطة وفق ما استقيناه، فالمكان الذي وقع به الحادث، يعتبر، حسب مواطنين من بين الأماكن التي تقصدها العائلات للراحة و مشاهدة غروب الشمس، موضحا بأنه بعيد بما يفوق 10 أمتار عن الطريق و عبارة عن مساحة ترابية تطل على المنار الكبير، غير مهيأة، كما أنه من النادر وقوع حوادث مرور بها.
و قد أشار أحد أفراد العائلة نقلا  عن الناجي الوحيد وهو الأب، إلى أن الأخير كان عائدا رفقة أفراد عائلته، متوجها إلى منزله العائلي بالعوانة، فيما طلب أحد أبنائه مشاهدة البحر، ليقوم بعدها الأب بتغيير الاتجاه نحو الواجهة البحرية و التفت إلى الخلف للحديث معهم، ليجد السيارة هاوية نحو البحر و لم يتمكن من التحكم فيها، ما أودى بحياة أربعة أفراد من عائلة واحدة، بسبب خطأ بسيط لا يمكن لأحد توقعه. و قد تم دفن أفراد العائلة بعد صلاة الجمعة بمقبرة عربيد علي، وسط حضور كبير للمشيعين.
كـ.طويل

الرجوع إلى الأعلى