تقيم 38 عائلة بالتجمع السكاني «كور فيونصا» بحي الشهيد محمد زعبوب ببلدية حمادي كرومة بسكيكدة، في ظروف جد مزرية، بمحاذاة وادي الصفصاف داخل أكواخ قصديرية، هي في الأصل اسطبلات يعود تاريخها للعهد الاستعماري، تفتقر لأبسط ضروريات العيش الكريم.
حيث تحاصرهم المياه القذرة من كل جهة، ناهيك عن خطر فيضان وادي الصفصاف عند تساقط الأمطار، وحمل السكان مسؤولية استمرار الوضع للمسؤولين المتعاقبين الذين اعتمدوا الكيل بمكيالين و ناشدوا والي الولاية التدخل و انتشالهم من حياة البؤس و الشقاء و اعتبروه بمثابة الأمل الوحيد بالنسبة لهم للخروج من أزمة السكن.
الحي يتواجد بوسط المدينة و على بعد أمتار قليلة من مقر البلدية، بمحاذاة خط السكة الحديدية، و خلال زيارتنا للموقع، تفاجأنا بأن الأكواخ التي تقيم فيها العائلات غالبيتها عبارة عن اسطبلات يعود تاريخها إلى الحقبة الاستعمارية، لكن قاطنيها قاموا بإعادة تهيئتها لتكون مأوى لهم .
ونحن نتجول في الحي، صادفنا قنوات للصرف الصحي تمر تحت المنازل ومياه قذرة تحاصر السكان من كل ناحية، حيث تحس بأنك تتجول في مفرغة عمومية أو داخل مستنقعات. واصلنا السير إلى غاية وادي الصفصاف الذي يتواجد بمحاذاة الحي، حيث تنبعث روائح كريهة جراء اختلاط مياه الوادي بالمياه القذرة، و ذكر السكان أن البعض يصلي صلاة الاستسقاء، لكن السكان بالعكس يتمنون عدم سقوط الأمطار خوفا من فيضان الوادي الذي يجرف معه الأكواخ وكم من مرة وجدوا أنفسهم في الشارع بسبب ارتفاع منسوب المياه إلى  1.70 سم ويضطرون للتغيب عن العمل لأسبوعين بعد إعادة تطهير وتنظيف الأكواخ، كما يتغيب أبناؤهم عن الدراسة لأيام طويلة.
و ذكرت امرأة و هي موظفة في الولاية، أنهم سئموا من العيش في هذا الوضع لأزيد من ثلاثين سنة و قالت بأن الوضع أصبح لا يطاق و شبهته بالجحيم لدرجة أن الثعابين و الفئران أصبحت تقاسمهم العيش في المنازل و قالت بأنها قامت بتقديم شكاوى للوالي منذ 10 سنوات، لكن تلك الشكاوى لم يكن لها صدى لحد الآن.
بينما انتقد أحد السكان معاملة المنتخبين المحليين لسكان الحي، ما جعلهم يشعرون بالتهميش، ففي الوقت الذي تدعو فيه وزارة الداخلية إلى ترحيل العائلات المقيمة على ضفاف الوديان، نجد أن السلطات المحلية تتغافل عن هذه التعليمات وتضرب بها عرض الحائط.
كما تحدثوا عن إقصائهم من الاستفادة من الحصص السكنية التي سبق وأن تم توزيعها من قبل، آخرها حصة 45 سكنا التي تلقوا وعودا بإدراجهم ضمن قائمة المستفيدين منها، لكنهم تفاجأوا بإدراج عائلات من أحياء أخرى.
و نحن نهم بمغادرة الحي، ألحت علينا سيدة للدخول إلى كوخها للوقوف على حجم المعاناة وقالت بأن ابنتها الرضيعة توفيت قبل سنوات بسبب الرطوبة وابنتها البكر تعاني من نفس المرض، في حين قال آخرون بأن إقامة الأعراس في هذا الحي من المحرمات و لا يعرفونها مثل حفلات الزواج أو أي أفراح أخرى، بسبب وضعية السكنات التي لا تليق بإقامة مثل هذه المناسبات، لدرجة أن أبناءهم الذين يعملون بعيدا يرفضون المجيء إلى ذويهم و أهلهم لقضاء العطلة السنوية، بسب الضيق ووضعية المنازل غير اللائقة ولا يفكرون حتى في تزويج أبنائهم.
ممثلو سكان الحي، أكدوا أن رئيس البلدية يقيم بجوارهم على بعد أمتار قليلة و على علم بالوضع ورفعوا له انشغالهم في العديد من المرات بغية التدخل لمساعدتهم على الترحيل، لكن لم يعرهم أي اهتمام واستغربوا مطالبة لجنة الدائرة من عائلات تقيم في مواقع أخرى من المدينة لدفاترهم العائلية، رغم أن الأولوية من المفروض أن تمنح للعائلات المقيمة بحي كور فيونصا.
و عليه يناشد السكان الوالي التدخل لانتشالهم من هذا الوضع و ترحيلهم إلى سكنات لائقة تحفظ كرامتهم و تحسن من حياتهم المعيشية.
رئيس البلدية و في اتصالنا به، أوضح بأنه يعلم بمعاناة سكان الحي لكن من موقعه كرئيس للمجلس الشعبي البلدي لا يمكنه أن يتخذ القرار بصفته عضوا في لجنة الدائرة و القرار يكون بيد الأخيرة، نافيا أن يكون له دخل أو مسؤولية في مطالبة عائلات من مواقع أخرى في المدينة بتسليم دفاترهم العائلية تحسبا لإحصائهم و ترحيلهم.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى