تمكن منتجو الزعفران بولاية خنشلة، من تحقيق نتائج مشجعة في ظرف وجيز، عكسته زيادة عدد المستثمرات و ارتفاع كمية الإنتاج و رقعة المساحة المزروعة، إلا أن هذه الشعبة الحديثة على مستوى الولاية، تعاني من مشاكل على رأسها مشكل التسويق الذي يرهن استمرار نجاحها، باعتبار خنشلة أول ولاية احتضنت تجربة زراعة الزعفران سنة 2009 ببلدية لمصارة، خاضها الفلاح، رويبي عبد الله، بتأطير من المعهد الوطني للأبحاث الغابية، حيث حققت نتائج جد إيجابية، فتحت المجال بعدها لباقي الفلاحين في ولوج هذه الزراعة.
و أكد رئيس مؤسسة «طامزة زعفران»، لطفي بعرة، في تصريح «للنصر»، أن بداية تجربة مؤسسته في زراعة الزعفران، كانت سنة 2017 بقرية تمقرة في بلدية طامزة بالجنوب الغربي للولاية، على بعد 25 كلم من عاصمة الولاية، حيث تكون شابان في فرنسا في هذا المجال، ليتم تطبيق التجربة من طرف مجموعة من الشباب، خاصة و أن طبيعة المناخ بهذه المنطقة مناسبة تماما لهذه الزراعة، حيث ترتفع عن سطح البحر بـ1100 متر و تتميز بالبرودة في فصل الشتاء و الحرارة في الصيف و هو ما يتناسب تماما مع المتطلبات المناخية للنبتة التي تتحمل درجة حرارة بين ناقص 15 و زائد 50 و قد ساعدت هذه الظروف و العمل بمعايير عالمية، في تحقيق نتائج جد إيجابية من ناحية الجودة و النوعية.
و أكد محدثنا، أن الوقت المناسب لزراعة الزعفران، يكون نهاية فصل الصيف إلي بداية فصل الخريف، حيث توضع البصيلات على عمق 30سم و تتم عملية السقي إما بالتقطير أو عن طريق الرش المحوري و عند حلول شهر أكتوبر، تخرج إلى السطح هاته الأوراق و تتبعها أزهار بنفسجية اللون تحمل شعيرات برتقالية داكنة هي أزهار الزعفران أو ما يسمى بالذهب الأحمر، حيث تكون عملية جني الزعفران شهر أكتوبر، حيث يفضل أن تجنى أزهار الزعفران قبل أن تتفتح، لأن حجم المياسم يكون كبيرا، ليتم نزع الشعيرات منها مباشرة إلى التجفيف و توضع في مكان جاف بعيدا عن الرطوبة لمدة 45 يوما، لتكون صالحة للاستهلاك بعد هذه المدة لاستخراج منها البهار، المعجون، العسل، و الماء المقطر الذي يستعمل كمنكه للطعام و الحلويات.
محدثنا أضاف أنه و خلال العام الأول للزراعة، كان المنتوج ضعيفا بمقدار 500غ، في حين بلغ المنتوج العام الثاني 3 كلغ و مع مرور الزمن، أصبحت المؤسسة تنتج البذور، حيث أكدت التحاليل المجراة على هذه البذور في فرنسا، أنها من أجود أنواع الزعفران و أصبح يقدر المحصول للسنة الواحدة بـ 7 كلغ و حققت هذه المؤسسة نجاحا في زراعة الزعفران و ثبتت وجودها بعدة مشاركات في معارض وطنية و دولية، إلا أن عملية توسعة زراعة الزعفران، تصطدم بجملة من العوائق، أبرزها مشاكل التسويق التي ترهن استمرار هذه الشعبة، خاصة و أن الطموحات قائمة لدخول الأسواق العالمية و تطوير الاقتصاد الوطني من بوابة النباتات الطبية و العطرية و لأن إنتاج الزعفران لا يعتمد على التقنيات الحديثة بقدر ما يعتمد على اليد العاملة الخبيرة، فعملية الغرس و قطف الأزهار و انتزاع المياسم، كلها تتم بطريقة يدوية، ما يتطلب جهدا و تركيزا و صبرا و يدا عاملة تصل إلى 70 من النساء لنزع الشعيرات من الزهرة و اللاتي يأخذن مستحقاتهن بمبلغ 250 دج للساعة الواحدة و في ظل كل المشاكل المادية العالقة، يصعب جلب هذا العدد من اليد العاملة.
و تضاف الصعوبات الإدارية إلى مشاكل التسويق، حيث أن التعاونية الفلاحية للزعفران، لم تحصل على الاعتماد رغم مرور سنتين من الزمن على دفع الملف لدى مديرية الفلاحة، إضافة إلى انعدام مركز للتحاليل الخاص بتحليل التربة، البذرة و الزهرة، الأمر الذي يجبرهم على التنقل إلى تونس و هو ما يتطلب مصاريف باهظة.
من جهته منتج للزعفران ببلدية طامزة، سمير غضبان، و الأمين العام للجمعية الجزائرية لمنتجي الزعفران، الذي كانت بداية تجربته مع زراعة الزعفران سنة 2015 بمنطقة تمقرة في بلدية طامزة، بقيامه بزراعة كمية من البصيلات الصغيرة و الكبيرة للزعفران، على مساحة 1 هكتار، ثم إتباعه لمراحل الزراعة و العناية بالأرض و السقي و غيرها، محققا بذلك نتيجة إيجابية إن على مستوى تكثيف البذور أو إنتاج زهرة الزعفران، ليوسع بعدها هذه الزراعة على مساحة الأرض كاملة و يحقق إنتاجا لخيوط الزعفران بمعدل يتراوح من 4 إلى 5 كيلوغرامات في الموسم، توجت بشهادة من مخبر أوروبي مختص في الجودة، تؤكد حصوله على نوعية الدرجة الأولى بالمعايير العالمية و الأوربية.
أما عن مشاكل التسويق، فقد أرجعها إلى قلة الوعي بقيمة هذه النبتة المعروفة عالميا بقيمتها الطبية و الصيدلانية و الغذائية، داعيا الفلاحين لعدم اليأس و رفع التحدي و زيادة مساحات زراعة هذه النبتة سنويا حتى يصل المنتوج السنوي إلى مئات الكيلوغرامات أو يتجاوز الطن و هو ما يسمح بفتح باب التصدير إلى الخارج مستقبلا، حيث وجه نداء إلى السلطات المعنية، بالعمل على إشراك ممثلي الشعبة في المعارض الدولية للتعريف بالزعفران الجزائري المصنف في الدرجة الأولى للنوعية عالميا و هو ما يساهم بفتح الآفاق للمنتجين و المساهمة في التنمية الوطنية.
 كلتوم رابية

الرجوع إلى الأعلى