وسط شارع رئيسي بمدينة هليوبوليس بقالمة ترتفع لافتة تدعو مستعملي الطريق الوطني 21 والمحتاجين من سكان المدينة إلى الإقبال على مطعم رمضان لتناول وجبة الإفطار، وبمدخل بلدية الدهوارة الواقعة شرقي قالمة توجد لافتة أخرى ترشد للإفطار بمطعم أقامه المحسنون هناك، وعلى مقربة من حاجز الشرطة الثابت على البوابة الشمالية لمدينة قالمة وضع الهلال الأحمر الجزائري لافتة تدعو مستعملي الوطني 20 والمحتاجين إلى الإقبال على مطعم للرحمة والتضامن سيبقى مفتوحا طيلة شهر رمضان.   
من عام لآخر تتوسع مطاعم عابري السبيل وتنتشر عبر مختلف بلديات ولاية قالمة كلما حل شهر رمضان، وصارت تقليدا اجتماعيا وصورة من صور التضامن والتآزر التي لم تنل منها التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة.  
إقبال كبيـر للجمعيات ورجـال الأعمال على إقامة مطاعم رمضان
وبعد أن كانت هذه المطاعم وليدة مبادرات فردية صارت اليوم أكثر تنظيما ودعما من الهيئات الإدارية المعنية التي تتولى دراسة الطلبات والموافقة عليها ومتابعة النشاط حفاظا على صحة الصائمين وحماية لهؤلاء المتطوعين الذين يسابقون إلى الخيرات بالمال والجهد والتضحية أيضا، فهم مجبرون على قضاء ساعات طويلة من شهر الصيام بعيدا عن العائلة لتحضير وجبات الإفطار واستقبال عابري السبيل الذين يدركهم موعد الإفطار على الطرقات فيجدون أمامهم أبواب الرحمة منفتحة ترعاها أيادي الخير التي تضفي على شهر رمضان مظاهر التضامن والإنفاق في سبيل الله أملا في المغفرة والثواب.  
وبلغ عدد مطاعم عابري السبيل بقالمة هذا العام 22 موزعة على 19 بلدية بشرق الولاية وغربها وجنوبها وشمالها، من حيث تمر كبرى الطرقات الوطنية والولائية ذات الكثافة المرورية التي لا تنقطع على مدار الساعة تقريبا.
ويُتوقع فتح المزيد من المطاعم خلال الأيام القادمة بعد أن وعدت السلطات الولائية بدراسة كل الطلبات التي تصلها طيلة شهر الصيام، لتغطية كل محاور العبور التي تعرف حركة سير مكثفة خلال الساعات القليلة التي تسبق موعد الإفطار.
رقـابة مستمرة حفاظا على صحة الصائمين
وتتوفر مطاعم عابري السبيل بقالمة على كل شروط النظافة والصحة وبها طباخون متمرسون ومعدات الحفظ والتبريد، وتعتمد على المحسنين لإمدادها بالمواد الغذائية من خضر وفواكه ولحوم ومياه معدنية وحلويات تقليدية تتقدمها الزلابية ملكة موائد رمضان عند الجزائريين، وتقدم وجبات محمولة للمحتاجين و وجبات إفطار على الطاولة.  
ولم تعد مطاعم رمضان بقالمة مقتصرة على الجمعيات والمبادرات الفردية، فقد دخل كبار المستثمرين سباق الخيرات بفتح مطاعم تقدم وجبات الإفطار لمستعملي الطرقات وحتى المواطنين المجاورين ممن هم في حاجة إلى المساعدة أو هؤلاء الذين يقضون شهر الصيام بعيدا العائلة من طلبة وعمال وموظفين.  
وتأتي بلدية قالمة هذه السنة في المقدمة بثلاثة مطاعم للرحمة والتضامن بينها مطعم تشرف عليه شركة خاصة، وآخر تديره جمعية خيرية ومطعم ثالث بمبادرة من مواطن بأحد الأحياء الشعبية. وببلدية تاملوكة بادر المجلس الشعبي البلدي بفتح مطعم لعابري السبيل على الطريق الوطني 102 الرابط بين قالمة وأم البواقي، حيث لا تنقطع حركة السير في الليل والنهار بأحد أهم الطرقات الوطنية العابرة للمنطقة.
وببلديتي نشماية وهليوبوليس الواقعتين على الطريق الوطني 21 الرابط بين قالمة وعنابة، بادرت الكشافة الإسلامية وجمعية دينية بإقامة مطعمين لعابري السبيل، يقدمان وجبات الإفطار لمستعملي هذا الطريق الاستراتيجي الذي يحتل المرتبة الثانية من حيث الكثافة المرورية بعد الوطني 20 الرابط بين قالمة وقسنطينة ويتقاطع مع 5 طرقات وطنية أخرى، ولذا صار هو الآخر كمحور استراتيجي مستقطب لفاعلي الخير الذين أقاموا عليه ما لا يقل عن 6 مطاعم بكل من وادي الزناتي، رأس العقبة، عين احساينية، مجاز عمار وبلخير.  
وعلى الطريق الوطني 16 العابر للإقليم الشرقي بقالمة كانت التغطية بمطاعم عابري السبيل على قدر كبير من الأهمية، حيث أصبحت البلديات الأربع الواقعة على مساره وهي مجاز الصفاء، بوشقوف، وادي فراغة وعين بن بيضاء، تتوفر على مطاعم تقدم وجبات الإفطار لمستعملي هذا المحور الاستراتيجي الممتد من المدينة الساحلية عنابة إلى غاية ولاية الوادي مرورا بولايات قالمة، سوق اهراس وتبسة.  
وتوجد عدة شركات عاملة بالخط المنجمي العابر لمنطقة بوشقوف ومشروع ازدواجية الطريق الوطني 16، حيث أصبح بإمكان عمال هذه الشركات تناول وجبات الإفطار هناك والاستمتاع بالأجواء العائلية التي توفرها هذه المطاعم طيلة شهر رمضان.
وعلى الطريق الوطني 80 الرابط بين سكيكدة وسوق أهراس مرورا بولاية قالمة أقام المحسنون مطاعم للرحمة والتضامن ببلديات الفجوج، بوعاتي محمود وبوحشانة. وعلى الولائي 19 أقامت الجمعيات الخيرية مطاعم إفطار ببلديات حمام النبائل الدهوارة ووادي الشحم حيث تتميز هذه المنطقة الجبلية التاريخية بروح التضامن والمحافظة على العادات والتقاليد العريقة.
دعـم متـواصل من السلـطات الولائية
ومع اقتراب موعد أذان المغرب ينتشر الشباب المتطوع على الطرقات لحث المسافرين على التوقف وتناول وجبة الإفطار والاستراحة من عناء السفر حتى يتمكنوا من مواصلة المسيرة نحو الوجهة التي يقصدونها.
وقد زارت والية قالمة حورية عقون بعض مطاعم عابري السبيل في أول يوم من شهر الصيام ودعت المشرفين عليها إلى المحافظة على النظافة وجودة الوجبات واطلعت على كيفية حفظ وتبريد المواد الغذائية، مؤكدة على أهمية العمل التضامني والخيري الذي يميز المجتمع الجزائري.
فريد.غ       

الرجوع إلى الأعلى