أكمل سهرة أول أمس، فريق جمعية عين مليلة عقد النازلين إلى وطني الهواة، الأمر الذي رفع «كوطة» الجهة الشرقية في السقوط إلى 3 فرق، بينما كانت حصة الجهة الغربية فريق واحد، مقابل احتفاظ أندية الوسط والجنوب الغربي بمقاعدها في هذه الحظيرة لموسم آخر، الأمر الذي يلقي بظلاله على تركيبة الرابطة المحترفة للموسم القادم، بتقلص عدد ممثلي الشرق إلى خمسة أندية فقط، في حين أرتفع تمثيل المنطقة الوسطى إلى نصف إجمالي عدد منشطي المنافسة، مع حيازة النوادي العاصمية على ما يعادل حصة الجهة الشرقية من المقاعد.
التغيير في معالم الخارطة الكروية الوطنية، كان وفقا لإفرازات السقوط، لأن جمعية عين مليلة لم تقو على الصمود سهرة أول أمس ببشار، وانهارت برباعية، بصم فيها المهاجم عبد الجليل على «هاتريك» في الشوط الأول، قضى به على آمال «لاصام» في النجاة، قبل أن يدق حامية آخر مسمار في نعش أبناء «قريون» بتسجيله رابع الأهداف، وهي النتيجة التي رسمت طريق السقوط المباشر للجمعية، دون الدخول في حسابات المادة 80، على اعتبار أن المنافسين المباشرين في معادلة السقوط وداد تلمسان وجمعية الشلف حققا الأهم بالفوز على سريع غيليزان  ووفاق سطيف على التوالي.
سقوط «لاصام» كان بطريقة «دراماتيكية»، لأن الجمعية كانت قد سرقت الأضواء في النصف الأول من الموسم، بسلسلة من النتائج الإيجابية، تموقعت بفضلها ضمن كوكبة الصدارة، بعد حصدها 31 نقطة، وكانت تتأخر بنقاط مقابلة واحدة عن البطل شباب بلوزداد، لكن الأوضاع أخذت مجرى مغاير في الإياب، بطفو المشاكل ورحيل المدرب يعيش، ليتم الاستنجاد بإبن الدار فؤاد شيحة، إلا أن الأمور كانت تسير من سيء على أسوأ، بتوالي سلسلة النتائج السلبية، قبل ان تبلغ الأوضاع درجة عالية من الخطورة، بعد تسجيل خطأ إداري، بإقحام اللاعب زياد في لقاء شبيبة القبائل وهو معاقب، وهي القضية التي كلفت الفريق تضييع 4 نقاط على البساط، ليدخل أبناء «قريون» منطقة الجاذبية دون سابق إشعار، مادام حصادهم في الجولات الثمانية الأولى من مرحلة العودة، اقتصر على فوز وحيد داخل الديار على نصر حسين داي، استنفذوا بموجبه العقوبة إدارية المسلطة عليهم، مما تسبب في تجمّد رصيدهم عند النقطة 31.
هذه الوضعية كانت كافية لدق ناقوس الخطر وسط أسرة الفريق، والحسابات كانت مبنية على نقاط مباريات الديار لترسيم البقاء، لأن التشكيلة لم تعد قادرة على الصمود في جميع سفرياتها، بدليل أنها إنهزمت بسكيكدة، البرج وبلعباس، أمام فرق كانت قد رهنت حظوظها في النجاة مبكرا، ولو أن «هشاشة» لاصام خارج القواعد ظلت متواصلة طيلة النصف الثاني من المشوار، إذ أنها لم تتمكن من حصد أي نقطة بعيدا عن عين مليلة، حتى في «لقاء العمر» ببشار.
الرحلة الفعلية لجمعية عين مليلة في البحث عن مكانة في بر الأمان، انطلقت من الجولة 33، عند النجاح في هزم وفاق سطيف، لكن التعثر في قمة «النجاة» بالتعادل مع جمعية الشلف، كان أهم منعرج، لأن إهدار نقطتين من ذهب أمام منافس مباشر على السقوط كلّف «لاصام» مقعدها، خاصة وأنها ظلت وفية لتقاليدها، بعدم القدرة على إحراز أي نقطة في سفرياتها، وهو ما حصل في بسكرة وبشار، ورصيد 44 نقطة نصّب الفريق في خانة رابع النازلين، لتكون بذلك الجمعية قد سددت فاتورة المشاكل الداخلية التي عايشتها في مرحلة العودة، والتي لم يتعد فيها حصادها في هذه الفترة 16 نقطة، لتكون ثاني أضعف فريق في النصف الثاني.
سقوط البرج وسكيكدة ارتسم مبكرا بأرقام قياسية
سقوط جمعية عين مليلة، جعل أندية الجهة الشرقية تخسر الرهان على طول الخط هذا الموسم، لأن وفاق سطيف كان في طريق مفتوح نحو منصة التتويج، إلا أنه فشل في آخر منعرجات السباق، و»كوطة» السقوط كانت قد ضمت مسبقا أهلي البرج وشبيبة سكيكدة، لأن هذا الثنائي كان قد تعرف على مستقبله قبل الربع الأخير من البطولة، خاصة أبناء «روسيكادا» الذين استنسخوا نفس «سيناريو» مغامرتهم الأولى في قسم الكبار، والتي كانت قبل 32 سنة، لأنهم ودعوا الرابطة الأولى بسرعة البرق، بعد تجربة قصيرة جدا، لم تدم سوى موسما واحدا، مع ملازمتهم الصف الأخير، وشبيبة سكيكدة استسلمت كلية لأمر السقوط قبل 15 جولة من نهاية المشوار، بدليل أنها استهلت مرحلة الإياب بفوزين داخل الديار على حساب اتحاد بسكرة وجمعية عين مليلة، قبل أن تدخل في «دوامة»، بانهاء الموسم برقم قياسي من حيث عدد الهزائم المتتالية، وذلك على مدار 15 مقابلة، مع الصيام عند التهديف في آخر 12 لقاء من البطولة.
من جهته، لم يتمكن أهلي البرج من المحافظة على مكانته، ولو أن معالم سقوطه كانت قد ارتسمت في مرحلة الذهاب، التي كان قد أنهاها برصيد 5 نقاط، ومن دون تذوق طعم الانتصار خلالها، رغم أن الأهلي كان قد حقق استفاقة ملحوظة مع بداية مباريات رد الزيارة، بإحرازه 12 نقطة في الجولات الست الأولى، غير أن تعادله داخل الديار مع اتحاد بسكرة في الجولة 29، قضى على آخر الآمال في البقاء، ليكون الربع الأخير ميزته تلقي 8 هزائم متتالية.
وفي سياق متصل، فقد تجرع إتحاد بلعباس مرارة السقوط، بعد موسم «كارثي»، عاني فيه الفريق من صراعات داخلية، انعكست بصورة مباشرة على مردود التشكيلة، خاصة في مرحلة الذهاب، والتي لم يتجاوز فيها حصاد «العباسية» 15 نقطة، ومع ذلك فإنهم حاولوا التشبث بأمل النجاة في الإياب، وأحرزوا 23 نقطة، إلا أن الحلم تبخر بعد التعادل في عقر الديار مع سريع غليزان في الجولة 35.
نجم مقرة المفاجأة السارة لمرحلة الإياب
سطع نجم مقرة بشكل لافت في مرحلة العودة، وإنهاء المشوار في الصف التاسع يعد من المفاجآت «المدوية» هذا الموسم، لأن الفريق كان من أكبر المهددين بالسقوط، بالنظر إلى المشوار «الكارثي» الذي أداه في مرحلة الذهاب، لما حصل على 17 نقطة فقط، لكن «الانتفاضة» كانت بطريقة «استثنائية»، من خلال استعادة «الهيبة» في عقر الديار، وجعل نقاط ملعب بوشليق غير قابلة للتفاوض، لتكون ثمار ذلك جمع 25 نقطة من 9 لقاءات داخل القواعد، بعد الفوز بثمانية منها، والاكتفاء بتعادل وحيد مع الجار وفاق سطيف، مقابل النجاح في إحراز 11 نقطة في 10 سفريات، بفك عقدة عدم الفوز خارج مقرة، والعودة بكامل الزاد من الشلف، سكيكدة ووهران، وكذا إحراز التعادل أمام «النهد» وبارادو، ولو أن «المقراوية» أكدوا على أنهم أصبحوا من أقوى الأندية ببلوغهم نهائي كأس الرابطة، وتضييع اللقب بطريقة «ساذجة»، مع احتلالهم الصف الثاني في الترتيب الخاص بمرحلة الإياب، بمجموعة 36 نقطة، خلف البطل شباب بلوزداد (45 نقطة)، والتقدم على كل من شبيبة الساورة (33 نقطة) ووفاق سطيف (29 نقطة)، وقد أنهى النجم موسمه بريتم متصاعد، بتحقيقه 5 انتصارات متتالية.
صراع «ساخن» بزبائن تقليديين أوفياء التنافس من أجل البقاء
إفرازات السقوط وإن نصبت جمعية عين مليلة كرابع النازلين، إلا أن ذلك كان بعد صراع محتدم، لأن كوكبة المهديين ظلت تشكل نصف تركيبة المجموعة، في وجود زبائن تقليديين، اعتادوا على حصر هدفهم عند عتبة ضمان البقاء، في صورة سريع غيليزان، الذي خرج من عنق الزجاجة بفضل الانتفاضة التي سجلها في الربع الأخير من البطولة، لما حصد 21 نقطة في آخر 10 جولات، ليتدارك انهياره الكلي مع بداية مرحلة الإياب، وكذا ما ضاع عنه في العقوبة الإدارية التي سلطت عليه بسبب احترازات وفاق سطيف في الجولة 21، في الوقت الذي نجح فيه اتحاد بسكرة في تفادي «سيناريو» سقوطه قبل 3 مواسم، بفضل النجاعة الكبيرة التي أظهرتها «خضراء الزيبان» داخل الديار في المنعرجات الأخيرة، بفوزها في مباريات حاسمة، بنكهة «النهائيات» على كل من عين مليلة والشلف، بينما كان نصر حسين داي أحد أكبر الناجين من فخ السقوط، واستفاد من الأفضلية النسبية التي منحتها إياه الرزنامة، لأن لعب اللقاءات الأربعة الأخيرة بالعاصمة وضع «النهد» في أريحية، والفوز على تلمسان كان كافيا للخروج كلية من دائرة الحسابات.
بالموازاة مع ذلك، يمكن القول بأن ودادا تلمسان ربح موسما إضافيا في الرابطة المحترفة، لأن مصيره لم يكن بيده، وظل مرهونا في الجولة الختامية بشرط تعثر عين مليلة ببشار، فكانت «هدية» الساورة بمثابة طوق النجاة.
قــراءة: صالح فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى